الأقباط متحدون | فى هذا العيد
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٠:٢٣ | الجمعة ٢ سبتمبر ٢٠١١ | ٢٧ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٥٠٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

فى هذا العيد

الجمعة ٢ سبتمبر ٢٠١١ - ٢٦: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. حمدي الحناوي

صلاة العيد فى الميادين ليست تقليدا جديدا هذا العام، لكن الجديد أن تقام فى ميدان التحرير، رمز الثورة. وإقامتها هناك رمز إضافى، يعبر عن خلل وغموض فى الرؤية. تقبله كثيرون بحسن نية، واحتفلوا به ناظرين تحت أقدامهم بدلا من النظر إلى الأمام. وقد عشق الثوار احتلال الميادين، لكن احتلالها احتجاجا على الفساد والاستبداد كان يعبر عن مصر كلها، أما احتلالها لأداء الصلاة فموقف حمال أوجه، يسمح بكثير من التأويل.
سبق أن أقيمت الصلاة فى ذلك الميدان، لكنها كانت جزءا من حشد ضم أطياف المصريين بلا استثناء. أما هذه المرة فهى عملية خاصة، نظمتها حركة الإسلام السياسى. وقد ننظر ببراءة إلى تلك العملية كتقليد جرت الدعوة له منذ عقود، لكن البراءة هنا غالية الثمن، فالوجه الآخر لها هو القبول ولو للحظة برفع راية الدولة الدينية. يقال أن صلاة العيد فى الخلاء سنة عن الرسول الكريم، ثم بالتكرار تصبح كالفريضة. ومن الصعب أن ندعو لعدم الصلاة تحت أى راية، فالرد هو الاتهام بالعداء للدين، وهو سلاح غير مشروع لكنه يستخدم.
 


تحت التهديد بهذا السلاح يعلن الإسلام السياسى أنه يستطيع احتلال الميادين دون اعتراض، وبهذا يتدرب الناس على تسليم قيادتهم له خارج المساجد. والفكرة يجرى تسويقها بكلام عن الديمقراطية، يقول أن منظمى الحشد مصريون، لهم حقوق ديمقراطية ككل المصريين. وإذا كانوا أقوياء ولهم شعبية فهذا لا يعيبهم. وهى قولة حق مهما كان ما يراد بها، ومن يستطيع أن ينظم صفوفه ويكسب شعبية مثلهم فليفعل.
 


خلف هذا الحشد يتجمع ثمانية وعشرون حزبا يسمون أنفسهم التحالف الديمقراطى، فى قلبه حزب الإخوان، يدور الآخرون فى فلكه منتظرين بركاته تمنحهم نصيبا فى قائمة انتخابية موحدة. وفى المقابل يتجمع 18 حزبا يسمون أنفسهم الكتلة المصرية، لإعداد قائمة انتخابية منافسة. هكذا لا تسمى الأشياء بأسمائها، فقلب التحالف الديمقراطى حركة غير ديمقراطية، تخلط الدين بالسياسة، وتسلط على الرقاب سلاحا غير مشروع. أما الكتلة المصرية فهى إسم مزور، لأنهم ليسوا وحدهم المصريين.
 


وسط هذا المهرجان المثير تأتى القضية المزمنة التى تعرف الآن باسم القضية القبطية، ولو سميت بالقضية المصرية لكان هذا أفضل. صحيح أن اسم القضية المصرية كان يطلق تاريخيا على احتلال مصر ونهبها، حين كان المحتل يزعم أنه يسعى لرخائها، وتمكينها من سداد ديونها. لكن هذا لا يحول دون رؤية التحول الذى جرى، فقد كسبت مصر استقلالها، غير أنها صارت لأول مرة فى تاريخها مهددة بالانقسام.
 


القضية المصرية الآن هى افتراق المصريين بين معسكرين، يرى أحدهما أمة مصرية، يتساوى فيها جميع المصريين بكل أديانهم. ويرى المعسكر الآخر ما يسميه أمة إسلامية، وتسمح المراوغة بأن يقول لماذا ترفضون وحدة كبرى تضم أكثر من مليار نسمة، يمكن أن تقف ندا لأكبر الأمم؟ ولو كانت مشكلتنا هى العدد لهان الأمر، لكن المسألة أعقد بكثير. ومع ذلك، فلو كان بوسعهم إقامة وحدة كبرى بين أمم تفصل بينها مسافات جغرافية وثقافية شاسعة، فالأحرى أن يحرصوا على وحدة مصر لتكون قاعدة متينة لأى وحدة أكبر.
 


لم أستجب لدعوة الصلاة فى الميادين. سبق أن ذهبت إلى الميدان حين كان مقر اعتصام يرفع راية الأمة المصرية. وأشعر بجلال الصلاة حين يغشاها مئات الألوف، تنطلق حناجرهم بصيحة هائلة تخترق فضاء السماوات، لكننى أشعر أيضا بخطورة إعلان ضمنى تنطوى عليه تلك الصيحة. وأظل مسلما رغم هذا، ولا تلزمنى شهادة من أحد، لكننى لن أشارك فى تقسيم مصر.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :