الأقباط متحدون | المواطنة هي الحل (3)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٥:١٤ | الأحد ٤ سبتمبر ٢٠١١ | ٢٩ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٥٠٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

المواطنة هي الحل (3)

الأحد ٤ سبتمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: أحمد صبح

إن المصريين عن بكرة أبيهم أحد اثنين إما مسلم يحس إحساس شديد بالجامعة الإسلامية بحكم اقتصار دراسته وفهمه علي التاريخ الإسلامي والدور اللذي أداه الإسلام للحضارة وإما مسلم أو مسيحي يشعر بجامعة اللغة والتراث الحضاري وهي اللتى تجمع شمله بالشعوب اللتي تتكلم العربية
ولو استمعنا إلي حديث أوساط الناس في أحيائنا الوطنية لأستعاد كل منا طفولته بينهم ليفهم المعاني المستترة وراء لغتهم السمحة المهذبة من أمثال ( يفتح الله ) ومعناه أن السعر المعروض غير مقبول و ( صلي عالنبي )
أي فلنبدأ في الفصال و ( علي الطلاق ) أي لا تصدق أي كلمة مما سأقول و ( يافتاح ياعليم ) أي أول القصيدة كفر و ( بعدها وباك وربنا يكفينا شرك ) و ( بسم الله ) أي تفضل وشاركنا لقمتنا اللتي لا تكاد تكفينا ثم يتشجع عندما ترفض دعوته فيقول ( حلفت عليك ) ومعناها أيها الاريب فهمتني و ( توكل على الله ) يعني اغرب عن وجهي من غير مطرود و ( دستور إيه ياعم الله ينجيك ) يعني شبعنا من هذا الكلام وأمثاله
هذه لغة شعب فيلسوف مسالم يتكلم بالكتابة وينادي علي سلعته بصورة شعرية ( يصاحب العيال هات لك شيال )
( ياللي طاب وطلب الاكال يابيض اليمام ياناعم ) وبعض هذه النداءات قديم وانظر إلي النداء القديم في إنحاء مصر على الكتاكيت ( ملاح الملاح )
لقد عاني المصريون جميعا المظالم على مر التاريخ لافرق بين مسلم وقبطي وقد عثرت لك - قارئي الكريم- على حسبة بسيطة من صدر الدولة المملوكية في عهد السلطان المنصور حسام الدين لاحين في أواخر القرن السابع الهجري 697 وتقول هذه الحسبة إن الروك ألحسامي قسم مصر إلى أربعة وعشرين قيراطا أربعة للسلطان وعشرة للأمراء والإطلاقات وعشره للجند فهل نحسن الجمع ؟
أظن أننا لا نخطئ في الحاصل هنا فهو أربعه وعشرون قيراطا ابن منه نصيب الشعب المصري ؟
أخي المواطن اضبط هذه الحسبة فهي لم تجئ من برما وإنما نقلها ابن إياس ويمكن الاطمئنان إلى أنها طبقت علي طول التاريخ المصري من عهد مينا حتي بيع أراضي الدولة وقطاعها العام في أواخر القرن العشرين
قد تتغير أرقام المعادلة وقد يدخل في الحسبة الباشا العثماني والباب العالي والخواجات وديون الخديوي ولكنها تظل معادلة صحيحة طرفها الثاني لا يتغير فهو هو 24 قيراطا وتلك ميزة النظريات الرياضية الثابتة على مر الدهور وهي البساطة والدقة
ولما أشرقت شمس القومية المصرية في سنة 1919 وحركت الشعب المصري في مارس من ذلك العام وما تلاه جديرة بعناية المؤرخين لأنها تميزت بكل صفات القومية الكاملة اللتي لا أثر فيها للدين ولا الملة ولا زيغ فيها نحو خلاقة الباب العالي أو نحو المحتل ومع أنها كانت حركة تحرير من الرتبة الأجنبية فقد حرصت علي مقومات الحضارة الغربية ولم تنبذها فالكل مصريون قبل كل شيء يقاومون الغاصب ويطلبون لبلادهم الاستقلال السياسي والتحرر الاقتصادي والفكري أي أنهم يهاجمون الرجعية في كل صورها
ومن كان يظن أن الشعب المصري اللذي بدأ حياته القومية بالنبابيت وقراءه البخاري يتولي أمر تحريره في النهاية أبناؤه الاصالي من حملة السلاح ورجال المدافع والدبابات والطائرات ولكنه منطق التاريخ اللذي لا يحسب إعمال الأمم بالأيام ولا بالشهور وافتح صفحات التاريخ للجيش المصري العظيم مفجر الثورات في 1952 وقائد حرب التحرير 1973 والمساند الأعظم للثورة الشعبية في 25 يناير 2011 تجد الشخصية المصرية بكل أطيافها في اسمي معانيها
لقد قال الباشا العثماني في مصر في أواخر القرن الثامن عشر ومصر في حضيض المهانة والذل والفقر والعذاب وكان يستقبل مشايخ الأزهر فيناقشهم ويباحثهم فيحجمون لأنهم لا يعرفون هذه العلوم فيتعجب الباشا مستنكرا ( المسموع عندنا في الديار الرومية إن مصر منبع الفضائل والعلوم )
لقد وقف المشير احمد إسماعيل علي مخاطبا الجيش المصري بمسلميه وأقباطه في حرب 1973 قائلا ( يقول القران إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة ) ويقول إنجيل متي ( من أضاع نفسه من اجلي وجدها ) هكذا اختلطت دماء المصريون جميعا علي رمال سيناء واختلطت أيضا في ميدان التحرير 25 يناير 2011 لأن مصر ليست وطنا نعيش فيه ولكنه وطن يعيش فينا
إذن معجزة الشعب المصري على مر التاريخ ليست في الحضارة اللتي وهبها للعالم فحسب ولكن أن يظل الشعب المصري حيا متمكن الشخصية لا يفني في الغزاة والمستغلين بل هو شعب زارع وصانع للحضارة سواء حكمه محبي العلم أو ذواق الفن أو مغامر فالشعب المصري يفرض حضارته علي حكامه فرضا
وأخيرا يجب أن نفهم أن الشخصية المصرية هي شخصية متجانسة سمحة كريمة تحقق قوة اللحظة وتفهم معني الممارسة السياسية اللتي توفق بين الواقع وما ينبغي أن يكون إنها شخصية تحمل إنذارا لدعاة التفكيك بأن الدين لله والوطن للجميع
وللحديث بقية أن شاء الله : الشيخ احمد صبح




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :