تكلّم "بصمت"!!
بقلم: فادي ميخائيل
ماذا لو قال لك أحدهم: تكلم "بصمت"؟ ماذا ستشعر وقتها؟!- سأترك الإجابة للقارىء- ولكن الشيء المشترك في كل الإجابات، أن السؤال في حد ذاته غير منطقي..لا.. أصبح منطقيًا بعد الثورة؟ كيف؟.. سأقول لكم..
الموضوع باختصار، هي فكرة الديمقراطية الشكلية التي نعيش فيها ليل نهار، وهو أن تتكلَّم كيفما شئت ويُقبض عليك وتُحاكم عسكريًا- ولربما تمر ببعض الانتهاكات الجسدية- ويفعلوا بك كيفما شاءوا. حتى أننا رأينا بعض المعتقلين بسبب تدويناتهم أو كتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي؛ مثل "مايكل نبيل"، و"أسماء محفوظ"، و"لؤي نجاتي"، وغيرهم الكثيرين.
والغريب أن الجيش الذي أصدر قانونًا تنص المادة (21) فيه على أن: "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين، وسرعة الفصل في القضايا، ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء- هو نفسه الذي حاكم هؤلاء عسكريًا!
ويتحاكى الناس على هول ومرارة السجن الحربي، وقد رأينا بأعيننا ما فعلته الشرطة العسكرية في ميدان التحرير، مع أننا بعد خلع "الطاغوت"، أحسسنا- ولأول مرة- أننا تنفسنا عبق الحرية والديمقراطية. ولكن عندما نرى ما يحدث الآن، نشعر بالخوف والفزع تمامًا كما كنا أيام "مبارك".. بل أكثر!.. ومن ثم نصمت.
ومن هنا تبدأ المقارنة بين الصمت والكلام. كيف لي أن أصمت- وأعيش في أمان- وأنا أرى بلادي تنهار وتتَّجه إلى منحدر بلا عودة؟ كيف لي أن أصمت وأنا أرى الوهابيين يسيطرون على الساحة السياسية، ومعهم دعم مالي رهيب لا أعلم من أين أتى؟ كيف لي أن أصمت وأنا أرى أبطالًا ملقين في المعتقل كالكلاب؟!! كيف لي أن أصمت وأنا أرى شابًا مثلي تضيع من حياته ثلاث سنين هباءًا، وكأن شيئًا لم يحدث، لمجرد مقالة أو رأي؟ كيف لي أن أرى البؤس في أعين الناس وإحساسهم أن الثورة لم تعد عليهم بالنفع بل العكس؟ كيف لي أن أصمت وأنا لا أعلم شيئًا، كالحمار الذي يحمل أسفارًا؟ كيف لي أن أصمت وفي كل عيون من حولي كلام مكبوت لا يجد من يعبِّر عنه؟ كيف أصمت وأنا لا أملك ضمان الدولة المدنية؟ كيف لي أن أصمت وأنا أخاف أن يسألني واحد من الأجيال القادمة لماذا صمت؟!!
يا سيادة المشير، أرجو ألا أغضب سيادتك، وأنا لا أدَّعي البطولة، ولا أريد من الأرض شيئًا، ولكن ألتمس من سيادتك، إن كانت آراؤنا تزعج أي سلطة في الدولة، فاغلقوا الانترنت تمامًا ولا تزعجوا أنفسكم، وأنا نفسي سأرضى. ولا تنس أن كتب التاريخ ستكتب كل شىء، ما لنا وما علينا.. لا تجعلوا التاريخ يذكر أن الجيش حمى الثورة وبدونه لما نجحت، لكن لو كان عرف الشعب ما سيفعله الجيش ما قاموا بها.. وأرجو سيادتك أن تعرف أن كل مؤيدي الجيش- وكل معارضيه أيضًا- هم شباب "مصر"، أي المستقبل. ولا يجب أن تحاسبونا على آرائنا؛ لأننا شباب يتغير رأينا من حين إلى آخر، وعلى حسب الظروف المحيطة.. فإن صمت الشباب منْ يتكلم إذن؟
أقولها بصراحة، أنا أكتب هذه المقالة وأنا قلق بشأني ولا أعلم كيف سيكون رد الفعل.. أيرضيك هذا؟
أخيرًا، أريد أن أقول شيئًا، ألا وهو، كنت أفضل الصمت، ولكن صمتي وصوت ضميري يقتلني..
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :