محاكمة الوزارة .. ومهاجمة السفارة
بقلم: إيهاب شاكر
في الحقيقة أندهشت وأنا أتابع أحداث الهجوم على السفارة الإسرائيلية، حيث لم أقرأ أو أسمع أو أشاهد أي ربط بين ما حدث من هجوم على السفارة الإسرائيلية وبين ما حدث مؤخرا في محاكمة الرئيس السابق المخلوع ومعاونيه.
فقد تطورت أحداث المحاكمة بصورة ملحوظة، خصوصاً بعد شهادة الشاهدين الثامن والتاسع، بما يؤيد أو يثبت التهم الموجهة للمتهمين، ولاسيما وزير الداخلية الأسبق" حبيب العادلي" ولا أستبعد، بل أنا مقتنع تماماً، أن معاوني أو مساندي أو ربما البعض من أقارب المتهمين، أو كل من كان وربما لازال له مصلحة مع المتهمين، كونهم متورطين في هذه الأحداث المشينة لمصر، ولو لاحظنا لخرجنا بهذه النتيجة بسهولة ويسر، فب أنه في كل جلسة محاكمة لرموز الفساد في النظام السابق، لابد أن يحدث شغب أو أمر جلل يهدد استقرار البلاد وأمن الوطن وسلامه، وقد بدأت بالفتنة الطائفية واستغلالها للفوضى العارمة في البلاد، وبعدها الانفلات الأمني وأعمال البلطجة الملحوظة، والآن مهاجمة السفارة الإسرائيلية واستغلال الحنق الشعبي لما حدث على الحدود.
بالطبع، نحن ندين بكل شدة الاعتداء على قدسية حدودنا، ولا سيما مع إسرائيل، وندين، بل ونندد ونقبح ما فعلته إسرائيل أو غيرها من إهدار للدم المصري واستشهاد بعض من حراس الوطن.
كان من الممكن تجنب كل هذا لو كان رد المسئولين عن إدارة البلاد الآن على إسرائل مشبعا ومعبرا عن الإرادة الشعبية وحافظاً لكرامة الإنسان المصري، والتي أُهدرت على مدار السنين الماضية، وخصوصا في عهد النظام السابق، وكثيرا ما نادى المتعقلون من رد مناسب لما حدث، با لطبع لم ولن نتفق مع من نادوا بإنهاء معاهدة السلام، لأسباب كثيرة، لا مجال ولا مساحة لذكرها هنا، وتحدث عنها الكثيرون من المحللين، لكن كان من الواجب والملزم تلبية لرغبة الشعب المصري، أن يكون رد مديرو البلاد واضحا وحاسما وفيه سمة عملية، وليس مجرد شجب وندب وما شابه، وكما كان يفعل النظام السابق. فلو حدث ذلك، لكان الكثيرون ارتاحوا ولم يشعروا بالمهانة لكرامة المصري، وخصوصا بعد ما فعلته تركيا!
كان من الممكن أيضا تجنب ما حدث لو لم يصنع الإعلام من الشخص الذي أنزل العلم، أيا كان، بطلا مغوارا، ومكافأته على عمله الغير قانوني، حتى لو أن جموع المصريين هللوا لما فعل، ولكن لا يمنع من أن ما فعله كان فعلا غير قانوني يُحاسب عليه، بل ويحاكم عليه، لأنه يضع مصر في موقف محرج معناه أنها لا تستطيع تأمين العثاتت الدبلوماسية على أراضيها، رغم تعاطفنا عما فعله هذا الشخص وربما فرحتنا لما فعل، لكن كان لابد وأن يكون تصرفنا معه ورد فعلنا وفعل الإعلام معه حكيما ويتوافق مع سياستنا وأننا دولة قانون محترمة، فطبيعي بعد ذلك أن يرغب كل المصريون أن يحدث معهم نفس رد الفعل الشعبي والإعلامي الذي حدث مع مُنزل العلم( بالطبع أعرف اسمه، أو اسمهما، ولكن لا أريد المشاركة في جعله بطلا) نعم فنحن شعب يحب الظهور بطبعه، ولنا في بعض المحامون المدعون بالحق المدني في محاكمة الرئيس المخلوع، لنا مثلا واضحا. شعب يحب حكايات البطولة، ربما لشدة ما قاسى على مر التاريخ من ظلم وقمع، ورغبته في وجود مخّلص مما عاناه، وربما أيضا، يفسر حب المصريين لأفلام البطولة الخارقة الأمريكية، مثل " سوبرمان، باتمان، سبيدرمان، وكل ما هو على وزن ..... مان".
كان من الممكن تجنب ما حدث لو لم تبنِ محافظة الجيزة أو توافق على بناء الجدار العازل، الذي استفز الجماهير، وفي رأيي لهو عمل أحمق عارٍ من الحكمة وفهم سيكلوجية الشعب المصري، خصوصاً في هذه الظروف. فقد ذكرنا هذا الجدار الهزيل بجدار إسرائيل العازل للشعب الفلسطيني، ولم يمنع رسم علم مصر على جدار السفارة من مهاجمته والتوعد بهده، بل بالعكس وكأننا نخرج لساننا للشعب ونقول له بالفم المليان، نحن مع إسرائيل فيما فعلته، بل ونحميها ببناء هذا الجدار، فهل في هذا أية حكمة؟!
كان من الممكن تجنب ما حدث لو أنه كان هناك تأمينا محترما للسفارة، خصوصا في ظل الأمور المتصاعدة في الفترة الراهنة، أو على الأقل عندما بدأ المتظاهرون أمام السفارة في هد السور، كان من الممكن أن يأتي مسئول من الجيش مع بعض أفراده، مع ألة هدم، ويقول للمتظاهرين، ويفعل ذلك أمامهم، أننا سنهد السور أو الجدار فورا، رغبة في تحقيق الهدوء ومراعاة لمشاعر الشعب، ولو فعلوا ذلك لتلقوا تحية الجماهير واحترامهم ولتجنب الجميع ما حدث.
في النهاية، وأرجو وأتمنى وأدعو الله أن تكون نهاية مثل هذه الأعمال المشينة، نحن ندين الاعتداء السافر على الأراضي المصرية، ونطالب إسرائيل بالاعتذا عما بدر منها، ولو عندهم بعض من الذكاء لفعلوا ذلك من قبل ولتجنبوا هم أيضا ما حدث من اعتداء على سفارتهم. ونطالبهم بالإعلان عن تحقيق مشترك مع الجانب المصري فيما حدث من اعتداء وقتل لشهدائنا.
كما ندين كل أعمال الشغب من اعتداء على السفارة الإسرائيلية بالجيزة، لما فيه من وضع مصرنا الحبيبة في موقف حرج أمام العالم المتحضر، الذي رأي ما حدث من ثورة وقف أمامها العالم باندهاش وإعجاب، ولما فيه أيضا من فض لعهد الأمان للأجانب الذين يعيشون على أراضينا في سلام.
كما ندين، ونندهش لأعمال الشغب التي وقعت على وزارة الداخلية وخصوصا على مديرية أمن الجيزة، واعتداء على قواتها التي كنا نتمنى أن نساعدهم في العودة للشارع لنش الأمن واستقرار البلاد، وندين ما حدث من قوات الأمن في الاعتداء على ألتراس الأهلي، إن كانوا هم البادئون في الاعتداء. ونتمنى أن يتعامل الأمن بقوة مع مثيري الشغب، وليس المتظاهرين السلميين بالطبع، وأن يمنع كل أعمال البلطجة، وأن يتابع فلول النظام الذي يحرض على تلك الأعمال، لأنهم الوحيدون المستفيدون مما يحدث من فوضى في البلاد، أو ربما يكون هناك أخرون، ولاسيما الذين أعلنوا عدم مشاركتهم في "جمعة تصحيح المسار" ربما!! ألا تلاحظون معي في كل مرة يمتنع الإسلاميون عن المشاركة، نجاح وبقوة المظاهرات السلمية في التحرير، مع بعض المناوشات في مكان أو أخر للشوشرة أو للتشويه، لذلك أقول ربما، ولا أجزم بذلك، لكن ...... ربما!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :