الأقباط متحدون | من الثورة إلى الفوضى
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٠١ | الجمعة ٢٣ سبتمبر ٢٠١١ | ١٢ توت ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٢٥ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

من الثورة إلى الفوضى

الجمعة ٢٣ سبتمبر ٢٠١١ - ٠٢: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: د.حمدي الحناوي

 المعتاد عند تناول أى مشكلة أن نبدأ بأبعادها النظرية، ثم تجئ الاعتبارات العملية وما يلزم لحل المشكلة. والأبعاد النظرية إطار للتحليل ووسيلة الفهم، ولا يجوز الاسترسال فى مناقشتها بلا نهاية، فالهدف فى جميع الأحوال إضافة جديد يجعل الحياة أكثر يسرا وأكثر إنسانية. وإذا لم يحدث هذا فلا بد أن يكون هناك نقص فى الفهم النظرى، يجب البحث عنه واستكماله.

من هذه الزاوية كنت أتناول مشكلات التوتر الدينى ودعاوى إقامة دولة دينية. قلت ما عندى، وقدمت مقترحات أحيانا، واستمعت لمختلف الآراء وتفهمت التجاوزات، وأشعر الآن حقا أننا لا نحرز تقدما يذكر. الخطر كما هو لا يتراجع بل ربما يزداد، بينما نعيد جميعا تأكيد ما سبق أن قلناه، ولا نكف عن إضافة البراهين وكأننا لسنا على يقين من صحة ما نقول. وربما كان هذا يشير إلى نقص فهمنا للمشكلة، وإلى خطأ أيضا فى أسلوب معالجتها.

هنا نحتاج لوقفة نراجع فيها كل شئ. والسؤال الآن، إذا لم يتراجع خطر قيام دولة دينية، رغم احتشاد المتدينين المعتدلين والمفكرين المستنيرين، والسياسيين الديمقراطيين، والإعلام الحر، فلماذا يكون هذا الحشد بلا أثر؟ لا أشك فى سلامة منطقنا، فهو منطق عصر العلم والحرية وحقوق الإنسان. لكن الدعوة إلى الدولة الدينية تأتى مغلفة بقناع ما يسمى الدولة المدنية، وعلينا أن نزيح هذا القناع لتظهر الحقيقة. وفوق هذا أتصور أن ما نفعله لا يكفى، فكثيرا ما يقتصر الفعل على الجدل، وهذا مهم دون شك، لكن الأهم تحويل المنطق والحجج إلى واقع حى.

ما الإجراء العملى اللازم لتحقيق هذا الهدف؟ تلك مسألة لا يتطرق إليها الجدل، إذ يغلب عليه الطابع النظرى، حتى عندما يدور حول مشكلات محددة. وهذا ميراث تاريخى تراكم على مدى أكثر من ستين عاما، أى على مدى عمرنا وعمر أبنائنا. خلال تلك الحقبة أتى الفعل دائما من جانب الدولة، ولم يكن المجتمع صاحب مبادرة، وحين صار بوسعه أن يفعل لم يستطع، لأنه ليست لديه خبرة كافية، كما أنه لم يتعلم كيف ينظم نفسه. ولو استمر الجدل دون التوصل إلى حلول عملية، فقد ينشأ لدينا شعور بالعجز، وبأننا ندور فى حلقة مفرغة.

لقد صار علينا الآن أن ننتظر ما تسفر عنه الانتخابات، وسنحاول أن نؤثر فى نتائجها، لكن تأثيرنا محكوم بعوامل بعضها ثابت لا يمكن تغييره فى الأجل القصير. لا يمكن على الأخص تغيير بنية المجتمع فى بضعة أشهر، وعلينا أن نقبل حقائق الأوضاع الاجتماعية كما هى. سنقبل بوجود التخلف والفقر وتراكمات الجهل وانهيار قيم العمل المنتج، ورواج السمسرة والعمولات والمضاربات، وأنواع الفساد المصاحب لهذا كله. وبهذا نقف على أرض نعرف تضاريسها، ويمكننا إجراء تقدير واقعى للاحتمالات.

هل شاركنا فى تكريس تلك الحقائق؟ ربما نكون قد فعلنا ذلك جميعا بدرجات متباينة، بالسلبية أو التبرير أو نقص الخبرة. وفى بلاد غير بلادنا انتهت أوضاع مماثلة إلى حروب أهلية، أشعلها من أشعلها بدعوى حماية وحدة الوطن، فى حين أنها كانت أكبر دافع إلى التقسيم وتعميده بدم الضحايا. ولن تكون مصر بعيدة تماما عن هذا المسار، لو ظل التعصب الدينى ينفث سمومه ويلعب دوره سرا بينما يتبرأ منه علنا.

كنا مع الثورة نأمل أن تكون الشعارات معبرة عن معانيها، لكنها تبدو الآن شعارات فضفاضة، يمكن أن تنتهى بحالة من الفوضى. وما لم تتضح الرؤية ويتم تصحيح المسار، فستكون الفوضى إغراء لدعاة الدولة الدينية بانتهاز الفرصة وانتزاع عجلة القيادة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :