الأقباط متحدون | من الأكثر أنانية؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٢٤ | الاربعاء ٢٨ سبتمبر ٢٠١١ | ١٧ توت ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٣٠ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

من الأكثر أنانية؟

الاربعاء ٢٨ سبتمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: مرثا فرنسيس

 كنت أستعد أنا وزوجتي للذهاب إلى مدرسة إبننا وسيم للإحتفال بنهاية العام الدراسي وتسليم الشهادات للأطفال وتهنئتهم بالنجاح، وبينما كنتُ انتظرأن تنتهي زوجتي من إرتداء ملابسها بعد أن فرغت لتوها من مساعدة وحيدنا في الإستعداد للحفل، كنتُ أتابع تعبيرات وجه إبني الطفل ذي الأعوام السبعة وإبتسامة الفرح تعلو وجهه، وهو يحدث أصدقاءه تليفونيا ً ويحثُّهم على الذهاب مبكرين للمدرسة ليتعارف الأباء والأمهات على بعضهم البعض قبل بدء الإحتفال.

تأثرتُ جدا ً بحماس إبني وسيم ولهفته على الذهاب للمدرسة حيث الإحتفال وهو يمسك بيدي فخورا ً بي أنا والده وبحضوري معه في هذا اليوم التاريخي بالنسبة له. وشرد ذهني إلى سنوات عديدة مضت عندما كنتُ في نفس عمر وسيم إبني ومرّت أمام عينّي صورتي وأنا وحيد في إحتفالات المدرسة ليس فقط الابتدائية ولكن أيضا الإعدادية والثانوية وكل المناسبات التي مرّت بي في سنين عمري الثلاثين؛ حيث لم يحدث يوما ً أن أمسكت بيد والدي أو والدتي ليشاركني احدهما فرحة نجاحي، لا أتذكر أن أحدهما إصطحبني من أو الى المدرسة، ولكني أتذكر جيدا ً الخمس سنين الاولى من عمري التي مرت وانا أعيش وحيدا ً مع أم تبدو أكبر كثيرا ً من عمرها الحقيقي وأب تجاوز الخامسة والستين من العمر وأصبحت تحركاته محدودة، ولا يغادر البيت إلا لزيارة الطبيب؛ أب إختار أن يتزوج من تُصِّغره بثمانية عشر عاما ً، بعد أن تزوجت إبنته الوحيدة(اختي من زوجته الأولى)، وأراد أن يضرب عصفورين بحجر واحد؛ أن يتخلص من وحدته ويجد بديلا ً عن إبنته التي كانت تخدمه وأيضا ً أن يتزوج من تُصغِّره لتعيد إليه بعض مما فات من شبابه، ووجد الفتاة المنشودة التي كانت تخشى الوحدة وتخشى أن لا تلحق بالعربة الأخيرة من قطار الزواج، فقبلت التنازل عن بعض أحلامها أو لنقل معظم أحلامها خوفا ً من السرعة التي يجري بها قطار العمر. أتذكرجيدا ً إنني عندما وصلت لسن الإلتحاق بالمدرسة كنتُ مضطرا ً إلى طرق باب السيد مجدي جارنا ليذهب معي لتقديم أوراق الالتحاق للمدرسة، كما أتذكر أن زوجة السيد مجدي أخذت على عاتقها أن تشتري لي ملابس المدرسة والشنطة والحذاء، وتكررت الطَرَقات لنفس الطلبات من الجيران المحترمين حتى جاء اليوم الذي إنتقل فيه السيد مجدي وعائلته للسكن في منطقة أخرى، ولم أجد بديلاً عن الإتصال بأختي من أبي وهي أم لطفل في مثل سني وقتئذٍ ، ولكنها تعللت بضيق الوقت وأنها ستحاول خلال أيام أن تقوم بهذه المهمة عندما تأتي للإطمئنان على والدها(أبي المسن) في موعد زيارتها الشهري له!

مرّ شريط ذكريات سريع أمام عينيَّ ولم أشاهد في هذا الشريط ولا لقطة واحدة تضمني في الشارع مع امي وأبي أو مع أحدهما سواء في المدرسة أو في زيارة عائلية، ولا لقطة واحدة شاهدتُ فيها أحدهما يسأل عني في المدرسة أو يطمئن على تحصيلي الدراسي أويتسلم معي شهادة إنتهاء العام أو... أو.... كنتُ دائما ً وحيدا ً، وكان السؤال الذي يتردد في أذنيَّ وكأننّي أسمعه من خلال مكبر الصوت؛ من الأكثر أنانية؛ أبي الذي إختار الزواج دون أن يضع في إعتباره أن ينتج عن هذه الزيجة طفلاً يولد وحيدا ً ويعيش وحيدا ً؟ أم إنني أنا الأكثر أنانية لأنني لم أعترف بحق أبي في اختيار الزواج للتخلص من وحدته وتلبية لاحتياجاته المعيشية دون أن يفكر في تداعيات ذلك، ووجدتني لا أعلم من أعاتب هل أعاتب الزمن أم ألوم أبي ام ألعن الظروف؟ من كان المتسبب في أنني فقدتُ أجمل مراحل العمر نتيجة شعوري بالوحدة وفقداني لهذا الاحساس الممتع بأن لي ابا ً وأما ً يشاركانني لعبي ومرحي وخيالي أو يرافقاني نزهاتي ورحلاتي حتى إنني لا أعرف ماذا كان شعوري عندما مات ابي!

إنتبه رفيق(زوج إحدى صديقاتي) وأفاق من شروده على نداء وسيم طفله ويده الصغيرة وهي تهزه هزا" بابا هنتأخر على الحفلة" واحتضن طفله بكل الحب والحنان واعدا ً إياه في قلبه أنه لن يتأخر أبدا ً عن أي موعد أو نزهة أو حفلة تخص هذا الإبن الحبيب، ولم يستطع رغم ذلك أن ينسى السؤال الذيِّ لم يعرف له إجابة على الإطلاق.

محبتي للجميع




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :