الأقباط متحدون | هل النظام العراقي ديمقراطي؟
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٩:٢١ | الثلاثاء ٤ اكتوبر ٢٠١١ | ٢٣توت ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٣٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

هل النظام العراقي ديمقراطي؟

الثلاثاء ٤ اكتوبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم :د.عبدالخالق حسين

يتساءل كثيرون، هل النظام الذي تأسس في العراق على أنقاض حكم البعث الصدامي هو نظام ديمقراطي؟ بل وراح الحكام العرب، ومعهم الإعلام العربي، وحتى البعض في الغرب، يصورون العراق الجديد وكأنه بعبع، وصندوق شر Pandora box قام الرئيس الأمريكي، جورج بوش الابن بفتحه، بعد أن كان صدام قد أبقاه مغلقاً بالقمع، فانطلقت الشرور تعيث في البلاد والمنطقة فساداً وقتلاً وتدميراً، لذا يحذرون منه شعوبهم من هذا المصير، ولسان حالهم يقول: نعم نحن سيئون، ولكن البديل سيكون أسوأ، أنظروا إلى حال العراق، وما حل به بعد إزاحة الطاغية صدام، فنحن على الأقل لم نبلغ من الجور عليكم ما بلغه حكم صدام على شعبه. ولذلك ساهم هؤلاء السلاطين ووعاظهم بدعم الإرهاب وفلول البعث لقتل العراقيين وتدمير ممتلكاتهم وركائزهم الاقتصادية، وخلق الفوضى العارمة، ولأسباب مختلفة، كل له السبب الخاص به ليرعبوا شعوبهم بمصير العراق. وما ساعدهم على تحقيق أغراضهم الدنيئة هذه، هو تصارع مكونات الشعب العراقي فيما بينها، وثقافته الاجتماعية (culture) كجزء من التركة المدمرة التي وفرت التربة الخصبة لترويج هذه الدعايات السامة.
 
قلنا في مقال سابق أن لدى العراقيين ميل شديد للتقليل والتحقير من شأن كل ما يتحقق في بلادهم، وبالأخص في مجال الديمقراطية، لأن هذه المسألة تسمح أكثر من غيرها، للخلاف والجدال، إذ تعتمد على المصالح الشخصية والفئوية، إضافة إلى المبالغة في التوقعات (high expectation)، لأنهم كانوا يتوقعن أن مجرد إسقاط حكم البعث سيتحول العراق إلى جنة ديمقراطية وارفة بمستوى الدول الغربية، ويعم الخير والأمن والسلام والرفاه، دون أن يأخذوا في نظر الاعتبار حجم الخراب الذي سيرثه عراق ما بعد صدام، وشراسة فلول البعث، والقاعدة، ودور دول الجوار في التخريب. لذلك، فكل ما تحقق بعد السقوط اعتبر ليس دون الطموح والتوقعات فحسب، بل وخراب في خراب. 
 
غني عن القول، أن التوقعات المبالغ فيها من المستحيل تحقيقها، فحتى الدول الغربية لم تحقق الديمقراطية بسهولة وسلاسة وسرعة، بل مرت بصعوبات بالغة وببطء عبر حروب خارجية، وأهلية طاحنة. لذا فشعب العراق الذي مر بكل هذه الكوارث عبر تاريخه الطويل، لا يمكن أن ينتج ديمقراطية ناضجة بين عشية وضحاها. فالديمقراطية عملية تراكمية، تنمو مع الزمن ومع الممارسة.
 
وسبب آخر يدفع البعض إلى التقليل والحط من الديمقراطية في العراق، هو ربطها بدرجة النجاح في المجالات الأخرى مثل: الأمن، والاستقرار السياسي والخدمات والرفاه الاقتصادي...الخ. لذلك فالمشاكل الأخرى في هذه الحالة تطغي على الديمقراطية وتعتم على وجودها. ولكن حتى لو قبلنا بهذا المنطق، فإنه ليس صحيحاً ولا منصفاً أن نلغي كل ما تحقق من تحسن في مجال الأمن والاقتصاد للمواطن العراقي. وقد ناقشنا ذلك في مقالنا السابق، وتوصلنا إلى استنتاج إيجابي في صالح العهد الجديد. لذلك أرى من المفيد في هذه المداخلة ولتجنب الخلط والالتباس، أن نفصل قضية الديمقراطية عن المسائل الأخرى ونحدد نقاشنا حول الديمقراطية وحدها.
 
إن الذين يحاولون الطعن بالديمقراطية والاستهانة بها، يتحججون على ما حصل بعد التحرير من حوادث العنف، والانقسامات الدينية والمذهبية والأثنية، مع إنكارهم الشديد لوجود هذه العيوب في السابق، ويدعون أنها وليدة اللحظة، وكذلك الصراع والمنافسة الشرسة بين قيادات القوى السياسية على السلطة والنفوذ. لذلك، راحوا يروجون بعدم وجود الديمقراطية في العراق، وإن وجدت فهي ديكتاتورية بغطاء ديمقراطي! وأن الديمقراطية ليست مجرد انتخابات..، وكالعادة في هذه الحالات، حاولوا توظيف اللغة لهذا الغرض، فقاموا بتفريغ كل مكسب ديمقراطي من فحواه، واخترعوا مفردات لوصف الحكم بأنه ديكتاتوري، وأن الوضع لا يقل بشاعة عن ديكتاتورية صدام حسين، بل هو أبشع من ذلك بكثير، لأنه على حد قولهم، كان في عهد البعث صدام واحد، واليوم عندنا أكثر من ألف صدام!!، بل وحتى راحوا يطلقون على الحكم الجديد تسميات كانوا يطلقونها على النظام الإسلامي في إيران، مثل "حكم الملالي والمعممين"، رغم أن غالبية أعضاء الحكومة والبرلمان هم علمانيون.
 
والمثير للضحك والشفقة في آن، أن أوقع هؤلاء أنفسهم في تناقض شديد، ففي الوقت الذي يصفون فيه الحكم بـ"نظام الملالي والمعممين"، فما أن يطلق أحد المعممين تصريحاً مسيئاً إلى رئيس الوزراء، حتى ويتحول هذا المعمم إلى زعيم وطني، وبطل شعبي تكتب عنه مقالات التمجيد والتشجيع. وعلى سبيل المثال، قبل أشهر حضر النائب الشيخ صباح الساعدي تظاهرة احتجاجية في ساحة التحرير، فكتب عنه أحدهم مقالاً مسيئاً في المدى، يصفه بالشرطي والجاسوس، وأنه ما جاء إلى ساحة التحرير إلا ليتجسس على المتظاهرين. وفعلاً استقبله المتظاهرون بأهزوجات مسيئة تصفه بالحرامي، كما هو مثبت في فيديو بعنوان (المتظاهرون يطردون الشيخ صباح الساعدي من ساحة التحرير)*، الرابط في الهامش.
 
ولكن ما أن قام هذا النائب المعمم، الشيخ صباح الساعدي، بتوجيه اتهامات مسيئة إلى السيد نوري المالكي، رئيس الوزراء، حتى وتحول من حرامي إلى زعيم وطني وبطل شعبي أسطوري، يقدمون له الخطابات المفتوحة، ويتزلفون له، بل وأطلق عليه أحدهم اسم (أبو ذر الغفاري). كل هذا التحول من "المعمم" و"الحرامي" إلى بطل حصل لا لشيء إلا لأنه عقد مؤتمراً صحفياً وجَّه فيه اتهامات ضد المالكي، لذلك خاطبه أحدهم مادحاً: "لقد أصبتم كبد الحقيقة حين شخصتم بدقة متناهية ما يجري في العراق ... وإذا ما استمر نوري المالكي في السير على طريق الاستبداد..". سبحان مغير الأحوال. وهكذا، نرى أين وصل النفاق عند جماعات لم تمنعهم ماركسيتهم التي يتشدقون بها إلى التزلف للمعممين تطبيقاً لقاعدة (عدو عدوي صديقي). بل وبلغ النفاق ببعضهم، بعد أن تأكدوا من تجاهل الجماهير لدعواتهم في التظاهر ضد الحكومة، فكتبوا نداءات إلى السيد مقتدى الصدر، يتوسلون إليه أن يأمر جماهيره بالمشاركة في تظاهرات يوم 9/9. فما كان من السيد مقتدى إلا وأن أمر أتباعه بالتظاهر تأييداً للحكومة لتقديم الشكر لها على استجابتها لطلبات الجماهير. وهكذا استطاع "الملالي" و"المعممين" أن يضحكوا على من يسمون أنفسهم بالطليعة الواعية!! 
 
ما هو النظام الديمقراطي؟ 
هو نظام حكم من الشعب وإلى الشعب، ودستور يصوت عليه الشعب باستفتاء عام، والذي يمثل العقد الاجتماعي بين الشعب والسلطة. يعني حكم الأغلبية السياسية مع احترام حقوق الأقلية، أي حكومة ينتخبها أبناء الشعب عبر صناديق الاقتراع بشكل دوري، فيختارون ممثليهم، أي النواب (أعضاء البرلمان)، وهؤلاء بدورهم يختارون السلطة التنفيذية، وهم الذين يسنون القوانين وفق الدستور. ومن سمات الدولة الديمقراطية أيضاً، الفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، ووجود أحزاب سياسية، ومنظمات المجتمع المدني، واحترام حقوق الإنسان، وإعلام حر، وحرية التعبير والتفكير، والتظاهر والإضراب، وحرية المعتقد الأديان...الخ
 
لذا، ونحن إذ نسأل: هل تحققت هذه الشروط في العراق؟
إذا أردنا الإنصاف، فالجواب نعم، تحققت كل هذه الشروط، ولكن المشكلة هي الكثرة المفرطة في عدد الأحزاب، فالعيب هنا ليس في غياب الأحزاب والتعددية، بل في كثرتها المفرطة، أي بدلاً من أن ينظم الناس أنفسهم في أحزاب قليلة وكبيرة ذات وزن مؤثر، هناك المئات منها، بل ولأول مرة في العراق نسمع بوجود نحو عشرة أحزاب ماركسية علنية تمارس معارضتها للسلطة بكل حرية. لذلك، وفي هذه الحالة، من المستحيل أن يفوز حزب لوحده، أو تحالف معين بالأغلبية المطلقة، أي أكثر من 50% من مقاعد البرلمان. لذا، فالعيب ليس في الديمقراطية، بل العيب في تشرذم القوى السياسية إلى تنظيمات صغيرة لا حول لها ولا قوة، وهم الذين لا يعرفون قواعد اللعبة الديمقراطية وكيفية ممارستها. 
 
ولكن هذا لا يجب أن يدفعنا إلى التشاؤم، وأن كل شيء قد انتهى، فالحاجة أم الاختراع، والسياسية فن الممكن، والناس يتعلمون من أخطائهم تدريجياً، لذا فقد انتظمت هذه الأحزاب، والكيانات السياسية في تحالفات وكتل، إذ تشكلت بعد الانتخابات الأخيرة، ثلاثة تحالفات كبرى، وهي: التحالف الوطني (دولة القانون والإئتلاف الوطني)، التحالف الكردستاني، وتحالف "العراقية"، كما وتوجد تحالفات صغيرة أخرى. كذلك نلاحظ أنه رغم المنافسة الشديدة بين قيادات هذه التحالفات على قمة السلطة، وهذه مسألة طبيعية في الأنظمة الديمقراطية، إلا إنه وللأمانة التاريخية، نقول، لم تحصل صراعات دموية بين هذه الكتل، بل الجميع ملتزمون بحل صراعاتهم بالوسائل السلمية.  
 
لقد تكونت التحالفات بين القوى السياسية ذات القواسم المشتركة (الجغرافية، والمذهبية والقومية) كحاجة فرضتها ظروف المرحلة، وأجريت انتخابات، محلية وبرلمانية عدة مرات بنجاح. لذا فعظم هذه التحالفات في هذه المرحلة الصعبة حصلت وفق استقطابات وتخندقات قومية ومذهبية، وتعكس نسبتها في الشعب، وبالتالي لم تفرز الانتخابات أية جهة سياسية بالفوز بالأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان (51% أو أكثر)، لذلك أقتضى الأمر تشكيل حكومة إئتلافية من عدة تحالفات والتي تمثل مكونات الشعب وقواه السياسية، دون إقصاء أية مكونة من المشاركة، ولأن هذه الأوضاع فرضتها طبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد، وليس بإمكان أية جهة أن تفرض إرادتها على الجهات الأخرى بالقوة. وهذا انتصار للديمقراطية.
 
ولكن المشكلة، أنه رغم ادعاء قادة الكتل بأن غرضها ليس المناصب، بل خدمة الشعب، إلا إنهم في الحقيقة تحاول كل كتلة الفوز بأكبر عدد من المناصب الوزارية، لذلك نحن أمام تناقض وازدواجية المعايير والسلوك من قبل السياسيين. فكل واحد يريد أن يفرض إرادته على الآخرين، ويفوز بحصة الأسد، ولكنه يواجه باعتراضات الآخرين، لذلك يتظاهر بالتذمر، وشتم المحاصصة، ويلقي اللوم على رئيس الوزراء "المستبد بأمره"، والديمقراطية، ويصفها بأنها مشوهة وأنها أسوأ من الدكتاتورية، وهكذا رضاء الناس غاية لا تكسب.
كذلك حققت المرأة في العراق الجديد انتصاراً تاريخياً في المشاركة السياسية، فلها 25% من المقاعد البرلمانية والوزارية كحد أدنى، ودون تحديد الحد الأعلى.
أما إذا جئنا إلى الصحافة، فهناك المئات منها، وعشرات الفضائيات والإذاعات، ومعظمها تابعة للقطاع الخاص، تمارس نشاطاتها بمنتهى الحرية وبدون رقابة، بدليل أن هناك بعض الصحف تهدد الحكومة بإسقاطها وتنشر المقالات النارية التحريضية ضد رئيس الحكومة دون أية مساءلة، بل وحتى توجيه تهمة الاغتيالات ضدها... الخ، وهي حرية لا سابقة لها في العراق قبل 2003. وأما التظاهرات ضد الحكومة، فحدث عنها ولا حرج، وحتى إذا ما فشلت تظاهرة لعدم حضور عدد كبير، فيلقون فشلهم على الحكومة وعلى المرجعيات الدينية!!
 
وإذا كانت هناك تجاوزات وضغوط على بعض الحريات مثل ملاحقة محلات بيع تسجيلات الموسيقى والأغاني، أو فرض الحجاب على النساء، أو الاعتداء على الأقليات الدينية، فهذه ليست صادرة من الحكومة، أو أية جهة رسمية، بل هي جرائم ترتكبها عصابات الإرهاب والجريمة المنظمة، وبعض مليشيات الأحزاب الدينية التي كانت تعيث في الأرض فساداً، ويجب أن لا يلقى وزرها على الحومة، والديمقراطية، بل على المجرمين أنفسهم، فالحكومة تبذل قصارى جهودها بأجهزتها الأمنية في ملاحقهم هؤلاء المجرمين وسحقهم.
 
متى يصلح الشعب للديمقراطية؟
إن أعداء الديمقراطية في العراق يروجون بأن الشعب العراقي غير مهيأ للديمقراطية بعد، وأنه يجب تثقيف الشعب أولاً، ثم منحه الديمقراطية!!. نسي هؤلاء السادة أن يسألوا أنفسهم: ومن هي الجهة المخولة لإصدار هكذا حكم بأن هذا الشعب أو ذاك قد بلغ سن الرشد، وصالح لممارسة الديمقراطية أم لا، وفي أية مرحلة ثقافية نضع الخط الفاصل بين الشعب الملائم وآخر غير الملائم للديمقراطية؟ 
 
ذكرناً في مقالات سابقة، أن الديمقراطية مثل السباحة، لا يتعلمها الإنسان عن طريق قراءة الكتب، بل بالممارسة، ومن حق الناس أن يتمتعوا بالحرية، بما فيها حرية ارتكاب الخطأ، لأن الإنسان يتعلم من أخطائه. فمن لا يعمل هو وحده الذي لا يخطأ. وفي هذا الخصوص، قال المفكر الهندي Amartya Kumar Sen الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية لعام 1998: "يجب ألا نسأل أنفسنا هل شعب ما مؤهلاً للديمقراطية أم لا، وإنما يجب أن نعلم أنه لا يصبح أي شعب مؤهلاً للديمقراطية إلا من خلال ممارسته لها. لذلك، فالديمقراطية هي ليست الغاية فقط ، بل هي أيضاً الوسيلة لتحقيقها"
 
لذلك فما يجري في العراق من صراعات سياسية، عبارة عن دورات تدريبية عملية للجماهير والقوى السياسية، في تعلم قواعد اللعبة الديمقراطية وممارستها، فالناس تتعلم من أخطائها. وهناك شهادات مراقبين غربيين تؤكد نجاح الديمقراطية في العراق من بينهم السفير الفرنسي في بغداد الذي وصف الوضع قبل عامين بقوله: 
"أن العراق الحالي هو مختبر حقيقي للديمقراطية في العالم العربي، وهنا، في العراق، سيتحدد مستقبل الديمقراطية في المنطقة... وأن الخلافات الداخلية الحالية حول تشكيل الحكومة هي دليل عافية سياسية ما دام حلها يعتمد على الحوار، وليس على السلاح... والانتخابات الأخيرة هي انتخابات مثالية وهي انتصار للديمقراطية، والعراقيون يقدرون ثمار العملية الديمقراطية الجارية...الخ). (راجع مقال الأستاذ حسين كركوش، سفير فرنسا في العراق، إيلاف، 30/9/2010). 
 
طبعاً تصريح السفير الفرنسي قوبل بسخط وغضب الكثيرين من أعداء العراق، ومن العراقيين الذين لا يرتاحون إلا لسماع أنباء سيئة عنه مثل التفجيرات والقتل، وفشل الديمقراطية، وفشل المشروع الأمريكي في دمقرطة المنطقة. فهؤلاء أدمنوا على السلبيات وتضخيمها، واختلاق المزيد منها، وإنكار كل إيجابية في العراق الجديد.
 
وقد تحقق ما تنبأ به السفير الفرنسي عندما قال "وهنا، في العراق، سيتحدد مستقبل الديمقراطية في المنطقة". يعني أن ما حصل في العراق من التحولات السياسية نحو الديمقراطية، له دور كبير في تفجير الانتفاضات العربية المطالبة بالتغيير، وإسقاط الأنظمة الجائرة، خاصة وأن الشعب العراقي قد سبق جميع الشعوب العربية في الثورة على حكم الطاغية بعشرين عاماً، وذلك عندما قام بانتفاضته الخالدة في آذار 1991.
 
الاستناج
لو اعتمدنا على أقوال المؤدلجين في نوعية الديمقراطية التي يريدونها للعراق، فلا توجد في العراق ديمقراطية!، لأن هؤلاء لا يعترفون بأية ديمقراطية ما لم تكن وفق مقاسات أيديولوجياتهم، مثل الديمقراطيات الشعبية في أوربا الشرقية قبل انهيار جدار برلين، والتي أثبتت الحقائق أن تعبير "الديمقراطية الشعبية" ما هو إلا الاسم المهذب للدكتاتورية البشعة. وفي عرفهم، أن الديمقراطية الغربية، هي خدعة من الأنظمة الرأسمالية "المتوحشة" للضحك على الشعوب ونهب خيراتها واستعبادها!! 
 
ولكن إذا توخينا الحقيقة والإنصاف، والاعتماد على الشروط المطلوبة للديمقراطية الحقيقية التي وضعها فلاسفة التنوير، مثل: الانتخابات، وتعددية الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، وحرية الإعلام، والتعبير والتفكير، والتظاهر، والإضراب، واحترام حقوق الإنسان، والتملك...الخ، وهي متوفرة وبإفراط بشهادة المنصفين المحايدين من الغربيين، مثل السفير الفرنسي، وممثل الأمم المتحدة في العراق وغيرهما، فإن النظام العراقي الحالي هو ديمقراطي بكل معنى الكلمة.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :