خِدْمَةُ شُهَدَاءِ أُمِّ الشُّرَفَاءِ
بقلم: القمص أثناسيوس فهمي جورج
عمل صندوق لخدمة شهداء الكنيسة عمل أصيل وخدمة قديمة في كنيستنا الأولى، كنيستنا جالسة على رابية الجلجثة، تسجل على قلبها أفخر تيجانها، شاخصة نحو السماء، موطن الشهداء المُعَدّ. لقد خطّ شهداء ماسبيرو على جبين الكنيسة لحنًا حزينًا مجيدًا صادقًا توج جبينها بتاج مجد على رأسها مرصع بالدموع والدماء وقلادة البطولات الحمراء لجهاد مظفَّر عبر الأجيال، تعمدوا بالدم وقد تمموا فيه ما كانوا قد بدأوه في ماء المعمودية. اسرعوا الخطىَ نحو الأكاليل المعدة لهم... لم ينكروا الإيمان، ذهبوا إلى ماسبيرو حاملين الصلبان مرددين هتاف الإيمان (بالروح بالدم نفديك يا صليب)، وكانوا على موعد مع المدرعات والرصاص والقنابل.. كانوا على موعد مع هجمات البربر والظلاميين في غزوة ماسبيرو التي سبقتها غزوات "الأسكندرية" و"العمرانية" و"صول" و"إمبابة" و"المريناب". ذهبوا مسالمين شاهدين بالروح والدم لصليبكم، يصرخون لربهم (يا رب... يا رب). لم يُثنِهم لا غفير ولا مُشير ولا قوات ظلمة مجتمعة (ارفع رأسك أنت قبطي).
لكنهم قالوا فيكم كل شر كاذبين، فأبادكم الجيش وحرضوا عليكم الرعاع وأطلقوا الأيادي لتغتالكم البنادق والسيوف والمدرعات، فجُزتم بحر الآلامات وأنتم أولاد أم الشهداء. اصطففتم فِرقًا فِرقًا كجسد المسيح الواحد وكذبائح للرب في اتفاق نابع من وحدة ذبيحة الإيمان، فأنتم أقوى بإيمانكم من الجيش ومدرعاته لأنكم تقدمتم للطحن والهرس وأنتم عُزل أمام وحوش مفترسة ومسعورة، منكم مَن حمل إنجيله، ومنكم مَن حمل أكفانه، بينما جميعكم مكروبين مستهدَفين... ولأننا نؤمن بالإيمان لا بالعيان نثق أن الله كان حاضرًا معكم وقد أعانكم، وقد سالت دماؤكم غزيرة سخية، بعد أن أفرزوكم من العالم وقالوا فيكم كل شر كاذبين ظانين أنهم بذلك يقدمون خدمة لله... إنكم الآن في النور الوضّاء بعد ظلمة ودخان ونيران قاتليكم، وقد أثمرت ذبيحتكم وثمار دمائكم... بأن قرر المجمع المقدس للكنيسة القبطية أم الشرفاء بالصوم والصلاة الجماعي لكل الأقباط في العالم حتى نشترك معًا كي تكمل لنا النعمة الإلهية اعترافنا بشجاعة وسلام ووداعة من غير خوف ولا خجل فننال المجد العتيد الذي سيُستعلن فينا.
أُغلقت أمامكم الأرض وانفتحت أمامكم الأبواب السماوية... الوحش هددكم لكن المسيح أحياكم... انتزعوكم من الأرض ودهسوا أجسادكم تحت عجلات المدرعات لكن روحكم حلَّقت في المصاعد ودمكم الزكي البريء سيطهر أرض مصر، وقد صار بذار الإيمان، وسيجدد قوة كنيستكم كل صباح، يلمّ شملها ويوحِّد صفوفها فيعلو صوتها وتزداد شهادتها نموًا لأن رب القبط أعظم.
هنيئًا لكم شهداء ماسبيرو فقد شربتم كأس الاستشهاد... هنيئًا لكم موتكم بدرجة شهيد، ذبيحة شكرية أثمن من الحجارة الكريمة وأبهىَ من كل مجد الأرض، هنيئًا لكنيستكم لأن شجرتها ارتوت وتغذت بدمكم البريء، إن دمكم هو مستقبل كنيستكم، قد خدمتم الكنيسة بدمائكم، وحق دمكم ومستقبل كنيستكم بيد الله الأعلى من كل عالٍ، وصوت دمكم صارخ من الأرض إلى السيد القدوس والحق، إنه ينظر من السماء ويطَّلع ويتعهد الكرمة التي غرستها يمينه.
إنني أفتخر بأنني قبطي وأقول (عَزّوا عَزّوا شعبي) الصوم والصلاة هما اللذان يُخرجان الشياطين، وليأتِ العالم كله بكل اللغات والألسن ليتابع ويعاين ما يحدث بأعين مفتوحة، وليرَ شهداء كنيسة مصر في ماسبيرو، وليتابع صلوات تجنيزهم الجماعية، والذين صدق فيهم القول (لو وُضع شهداء العالم في كفة وشهداء كنيسة مصر في كفة، لَرجحت كفة شهداء مصر).
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :