إن الحياة وقفة عز
بقلم: عبد المسيح السوري
"إن الحياة وقفة عز".. ما أجمل وأروع هذه العبارة التي قالها "أنطون سعادة" مؤسس أحد الأحزاب العريقة في الشرق الأوسط، وهو الحزب القومي السوري الاجتماعي، ورغم أنني لست من مؤيدي هذا الحزب، إلا أن شخصية وفكر زعيمه تحظى باحترامي. وكم يحتاج الكثيرون منا في هذه الأيام أن يجسدوا هذه العبارة في حياتهم بأن يقفوا مواقف عز وكرامة!
فبعد مجزرة "ماسبيرو" المروّعة كنت أتوقع ردود أفعال من شخصيات قبطية ومسئولين أقباط ترتقي إلى مستوى الحدث الجلل، بل كنت شبه متأكد أنه في أية لحظة بعد وقوع المجزرة مباشرة، سأسمع عبر وكالات الأنباء عن مؤتمر صحفي عقده وزيرا الأقباط "منير فخري عبد النور" و"ماجد جورج" يعلنان فيه أن الحياة "وقفة عز"، وأنهما سيقفان هذه الوقفة الآن، فما حصل لا يمكن السكوت عنه.. فهنالك مجزرة بحق شعبهما القبطي المضَّطهد تتحمل مسئوليتها الدولة والنظام الحاكم اللذين هما جزء منه، ورغم كونهما ليسا بمؤثرين في صنع القرار المصري، إلا أنهما يرفضان أن يكونا شاهدا زور يتستران على ما يُرتكب بحق الأقباط من جرائم ترتقي لمستوى الإبادة، ولذلك فهما يقدمان استقالتهما..
نعم، هذا ما كنت أتوقعه من هذين الوزيرين..
ولكن، للأسف خاب ظني، بل صُدمت!!
فإن لم يقدِّم هذين النابغتين استقالتهما الآن، فمتى ينبغي عليهما فعل ذلك؟! وهل سيعاني الأقباط من اضطهاد وترويع أكثر مما يعانونه الآن؟! أم أن هذين الوزيرين يطبقان مقولة: "نحن الأقباط والأقباط نحن"؟!! فما دمنا نحن بخير فالأقباط بخير!!!!.
إخوتي أقباط "مصر"، أنتم الذين تناشدون المجتمع الغربي التدخل لحمايتكم، ومعكم كل الحق في ذلك، فما تتتعرضون له لا يمكن السكوت عليه، ولكن عليكم بادئ ذي بدء أن تفهموا عقلية هذا المجتمع وكيف يفكِّر؛ ففي "بريطانيا" مثلًا يستقيل وزير إن تبيَّن أنه قد ارتكب خيانة بحق زوجته، ومنذ يومين في "بريطانيا" تقدَّم وزير الدفاع باستقالته لاكتشاف أن له علاقة مثلية بصديق! هنا المجتمع الغربي يفهم أن هذا الوزير يمر بأزمة حادة ويعاني من نتائج هذه الفضيحة التي حدثت له، مما اضطره للاستقالة..
ولكن هذا المجتمع عندما يسمع بأخبار مجزرة "ماسبيرو" بحق الأقباط، ويُفاجأ بأن وزراء الأقباط مازالا على رأس عملهما، بل ولم يتكلف أحدهما عناء إجراء مؤتمر صحفي يستنكر فيه ما حصل، مطالبًا المجلس العسكري بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للكشف عن ملابسات الحادث وتحديد هوية الجناة ومعاقبتهم وإلا فإنهما سيستقيلان!!!- عندها المجتمع الغربي سيعتبر أن أقباط "مصر" لا يتعرضون لأي تهديد أو اضطهاد، وأن ما حصل هو مجرد حادث فردي، وإلا فمن البديهي أن يقف وزراؤهم موقفًا جديًا و فاعلًا، بل وحاسمًا، تجاه ما حدث، وهذا ما لم يحصل وللأسف!! وهذا أمر يدعو للدهشة، بل وللاستنكار والشجب!!.
لذلك، لا يسعني إلا أن أقول: "رحم الله أنطون السعادة الذي أدرك هدف الحياة التي خلقنا الله لأجلها، والذي للأسف لا يدركه الكثيرون"..
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :