الأقباط متحدون | سياسة الدهس وسياسة التفرقة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٠:٥٧ | الثلاثاء ٢٥ اكتوبر ٢٠١١ | ١٣ بابه ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٥٨ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

سياسة الدهس وسياسة التفرقة

الثلاثاء ٢٥ اكتوبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

كتب: مينا ملاك عازر 
يُحكى أن أحد ملوك القرون الوسطى كان يحكم شعبًا حرًا كريمًا، وكان هذا الشعب رغم طيبته وبساطته وعلاقاته الطيبة لا يسكت على باطل أبدًا، ولا يدع الملك أو أي وزير من وزرائه يظلمون أحدًا منهم، فإذا ظُلم أحدهم وقفوا وقفة رجل واحد حتى يُرد الظلم عن أخيهم.
 
أخذ الملك في حيرته يسأل وزرائه عن الحل.. وكيف له أن يحكم هذا البلد كما يريد؟ فخرج من وزرائه رجل داهية، أشار عليه بإتباع سياسة يسميها سياسة البيض المسروق..
 
ما تلك السياسة؟
نادى في الناس أن الملك يريد من كل رب أسرة خمس بيضات من أي نوع.. فقام الناس بجمع البيض، والذهاب به إلى قصر الحاكم.. وبعد يومين نادى المنادي أن يذهب كل رجل لأخذ ما أعطاه من البيض.. فاستجاب الناس، وذهب كل منهم لأخذ ما أعطاه.. وهنا وقف الوزير والملك وحاشيتهم، وهم يتابعون الناس أثناء أخذ البيض.. تُرى ما الذي وجدوه؟
 
وجدوا كل واحد تمتد يده ليأخذ البيضة الكبيرة!! والتي ربما لم يأتِ بها..
 
هنا وقف الوزير ليعلن للملك أنه الآن فقط يستطيع أن يفعل بهم ما أراد.. فقد أخذ الكثير منهم حاجة أخيه وأكل حرامًا، ونظر كل منهم لما في يد الآخر، فلن يتجمعوا بعدها أبدا.
 
هذه القصة أستطيع أن أجعلها المقال كله ولا أكتب حرفًا واحدًا بعدها، لكن مشهد الدبابة في "ماسبيرو" وهي تدهس المتظاهرين، يدفعني إلى أن أشير لأمور بسيطة، إلى أن الدبابة إن سلمنا جدلًا أنها لم تكن تقصد دهس المتظاهرين وكان قصدها تفرقتهم، وهي فرضية جدلية غير صحيحة؛ ببساطة لأنها كانت تجري بسرعة جنونية وبشكل يبحث عن أماكن المتظاهرين، ويدعم فكرة الدهس أن من نفد من الموت بالدهس كان الجنود يكملون عليه.. المهم دعونا نفترض أنها كانت ترمي إلى تفرقتهم، نستطيع أن نعود بأنفسنا حينها ليومي تسعة وعشرين وثلاثين يناير الماضي، حين شرع السيد "عمر سليمان" الذي كان حينها نائبًا لرئيس الجمهورية في أولى محاولاته لتفرقة الثوار وتشتيتهم بعد أن فشلت مدرعات الشرطة في دهسهم أو تفرقتهم بتخويفهم من الدهس في يوم ثمانية وعشرين يناير.
 
ومع فشل محاولات السيد "عمر سليمان" في تشتيت الثوار باجتماعاته معهم، ومحاولة إقناعهم بالانسحاب من الميدان، ودعم البعض محاولاته بما عُرِف بموقعة الجمل، ظانين أن الجمل قد يفلح فيما عجزت مدرعة الشرطة عن القيام به، ولكن فشل الجمل وفشل اللواء "سليمان". 
 
وبدأ الحكام الجُدد في فعل ما عجز عن تحقيقه الجميع، حيث جمعوا الكل وأخذوا منهم بيضهم- أقصد مقترحاتهم- لخطة الثورة في حكم البلاد، ثم جمعوهم ليتناقشوا في أي الاقتراحات تنفَّذ؛ فاختلف الثوار، كلٌ يتمنى مقترحه أن يتحقق، وكلٌ يحلم بكرسي السلطة، وكلٌ يتمنى أن ينفَّذ مقترحه لكي يكون طريقه لسدة الحكم، ثم أتت الخطوة القاسمة، حينما طرح الحكام الجُدد بورقة الاستفتاء أمام الشعب، فانقسم الشعب، وعزف البعض الآخر عن المشاركة حينما شعروا أنهم غير قادرين على الاختيار، وأصبح الميدان فاضي، وتناحر الثوار بعد أن صار منهم الأغلبية، والباقين الأقلية، ونسوا- كما نسى النظام الذي سبق أن أسقطوه بأنفسهم- تلك الأغلبية الصامتة. 
 
وأخذ الحكام الجُدد يجمعون الثوار من شباب الثورة وأحزابها والأحزاب القديمة ويفضوهم، ويتركوهم يتناحروا ويتفسخوا وينشق حزب على نفسه، وتتكون تكتلات وتتفتت بتلقاء ذاتها، حتى صار هناك تشرزم بعد أن صار كل واحد طمعان في بيضة غيره الأكبر، وأكل الكل حرام، أو قل أنهم تمنوا أكل الحرام، أو إن أردت الدقة أنهم أرادوا أكل كعكة السلطة.
 
المختصر المفيد، فرق ولا تدهس حينها تسُد.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :