الأقباط متحدون | الكَنِيسَةُ والأحْزَابُ
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٤:٠٠ | الخميس ١٧ نوفمبر ٢٠١١ | ٦ هاتور ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٨١ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الكَنِيسَةُ والأحْزَابُ

الخميس ١٧ نوفمبر ٢٠١١ - ٢٨: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: القمص أثناسيوس فهمي جورج

 رسالة الكنيسة "إلهية روحية"... ليست الكنيسة حزبًا ولا طائفة سياسية، وهي لا تقوم بأي دور سياسي، فليس للكنيسة برنامج سياسي ولا مقار انتخابية ولا مرشحون بعينهم. الكنيسة تفكر بالشأن الوطني كله، خاصة لأنها أقدم مؤسسة وطنية في مصر كلها. قديمة عريقة ومتجذرة في الزمان والمكان، تفكر وتعمل إلهيًا بالمحبة والخير والبنيان لكل ما يبني الوطن مع كل الأطياف المخلصة والشريفة.


ليس عندنا في الكنيسة موقف في شئون الوطن إلا أن نخدمه ونبنيه ونصلي من أجل سلامه وعماره (باللسان والقلب والسلوك) هذه هي عقيدتنا المنصوص عليها في الوصايا الإنجيلية والعبادة الكنسية المسلَّمة لنا عبر التاريخ والآباء وخبرات الأولين، تحقيقًا للوعد الإلهي (مبارك شعبي مصر).


شعب الكنيسة هم جسمها الحي وأعضاؤها وبنيانها... يمارسون مواطنتهم بإخلاص وفاعلية عبر الممارسة الحرة التي كفلها لهم الدستور. فالحرية منحة الله لكل مخلوق، وعلى كل عضو في الكنيسة أن يمارسها إيجابيًا وأن يكون له دوره الحركي والوظيفي في الجسد، فالروح واحد والمواهب متعددة، بعيدًا عن أي أطُر طائفية أو أي إملاء، كلٌ حسب رؤيته وقناعته وخياره الذي يرى فيه صالح الوطن... الاختيار إذن يتوقف على برامج الأحزاب وتركيباتها وتاريخها وشخوصها وممارساتها السابقة ومصداقيتها وحداثتها ومرجعياتها المدنية وفقًا لخريطة استرشادية.
 

لسنا متراصِّين كتلة واحدة إلا في كنيسة الله الحي (إيمان واحد، رب واحد، معمودية واحدة)، لكن في أمور المواطنة أيادينا ممدودة للبناء والخير والتنمية والترقية والعدالة والمساواة مع الجميع، نجُول نصنع خيرًا في ربوع بلادنا ووسط شعبنا ومع كل أحد، ووسط كل ظروف محيطة... نحن مع الوطن كله ومع شعبنا. ولاؤنا للوطن جزء لا يتجزأ من عقيدتنا وسلوكنا المُعاش، فلن يكون دخولنا للملكوت السماوي من دون محبتنا ورحمتنا وتسامحنا ومعرفتنا وعطائنا وإيجابيتنا وشهادتنا الحسنة أمام جميع الناس.
 

الكنيسة لا تتورط في تأييدات أو تباينات التوجهات الحزبية. الكنيسة لا تتحزَّب ولا تفرض رأيًا سياسيًا، إذا ليس من شِيَم المؤسسة الكنسية الدخول في دهاليز السياسة ومناوراتها ومساوماتها وألاعيبها وصفقاتها، كذلك الوظائف السياسية ممنوعة وغير مستحبة بل ومضرة للإكليروس لأن رسالتها تتركز في تقديس العالم. عملها لاهوتي وخلاصي لبلوغ المدينة الفوقانية السماوية، لكن وما دُمنا هنا على الأرض، لذلك تحضُّنا على أن نكون نورًا على المنارة لا تحت مكيال، أن نكون ملحًا يملِح ويحفظ من الفساد، لا أن يُداس من الناس. أن نكون سفراء، نعيش وننتشر لننقل الملكوت إلى الواقع التاريخي الذي نحياه، نعمِّر بلادنا لتأتي العمارة شاملة متكاملة.
 

للمواطنة ركنان هامان هما (المشاركة) و (المساواة)، لذلك علينا أن نشارك ونجتهد في مشاركتنا، إذ لنا الحقوق والواجبات نفسها في إدارة الوطن، وهذا لن يتحقق بقرارات فوقية أو سُلطوية تولد من رحم الصدفة والقدر، إنما ثمرة جهد وتفاعل وتواجد مكثف ولو كره الكارهون، فبدون ذلك لن يُفسح لنا أحد المجال.
 

دور الكنيسة في قيامها بالتفعيل والحث الإيجابي والتوعية بأهمية المشاركة كواجب وطني مقدس بإمتياز، يمارسه المؤمن الذي تعلَّم الحق وسلك بالحق، والحق يحرره من الاعتمادية المريضة والوصاية والمثالب. اختياره متروك لتقديره وإفرازه وثقته واستحسانه. اختياره متروك للدراسة والتشاور والحكمة، حتى وإن كانت حكمة هذا الدهر.
 

اختيارنا ومواطنتنا ليست منحة ولا رشوة ولا تخويفًا، لكنه اختيار شخصي حر يصب في صالح الوطن... أما الببغاء والعبد الذي يُباع ويُشترى، والذي يُدار بالريموت كنترول، فهذا فاقد للوعي لأنه يبيع الوطن، غير مقدِّر جسامة الحال الذي نحن فيه.
 

لذلك الانضمام للعمل الوطني والحزبي عمل هام بإمتياز، إنه ليس لهوًا ولا عبثًا ولا أمرًا كماليًا، بل قل أنه عمل مصيري وقضية وجود!!! وعلينا أن لا نقيس الحاضر على الماضي، فقد يمضي الماضي ويأتي غد مشرق، لكنه لن يُشرق إذا كنا مفعولاً بنا لا فاعلين... جميعنا يعرف أن بناء بلد وإصلاحه يتطلب أجيالاً. فلنكن أمناء فيما في أيادينا، نعمل الممكن ليفعل الله المستحيل، وعلى الكل أن يأتي ببرهانه.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :