تِلفـــازنا .. ستايــــره حديــــد ..!
بقلم: نبيل المقدس
دخلت العمارة بعد يوم شاق من العمل .. وكالعادة سألت زوجة البواب السؤال المتكرر يوميا : مافيش حد سأل عني ؟؟ .. وكانت إجابتها كالعادة : سألت عليك العافية يا بيه ..! صعدتُ إلي شقتي , وحتي هذه اللحظة كان كل "حاجة" كعادتها .. ويادوب أخْرَجْتُ مفتاح شقتي وإذ اسمع فجأه ضحكات بصوت عال من شقة الجار .. وقلتُ في نفسي " دي أول مرة أسمع أصحاب الشقة دي مبسوطة وبتضحك يارب إجعله خير" ... فتحتُ باب الشقة ويادوب دخلت المطبخ سمعتُ ضحكات أخري عالية جاية من المنور ... تعجبتُ وقبل ما أتحقق عن مصدر هذه الضحكات المجلجلة , سمعتُ رنين تليفوني الأرضي .. جريت علي التليفون ورفعتُ السماعة وإذ أسمع ضحكة عبر السماعة من زوجة إبني .. قلتُ لها خير يا بنتي .. قالتْ لي ياأنكل إفتح التليفزيون بسرعة .. وقفلت السكة في وجهي . بعدها بلحظات رن الموبايل ليُعلنْ لي عن وجود رسالة .. فتحتُ الرسالة وإذ أقرأ الضحكة الطويلة " هههههه " تطلقها أختي الموجودة في المنيا " بالإضافة إلي كلمتين . إتمتع و إفتح التليفزيون بسرعة .. باااي .
فوجئتُ بضحكات نابعة من رواد قهوة موجودة في الشارع الفرعي خلف العمارة . هؤلاء الرواد أعرف منهم دائما نتائج ماتشات كرة القدم بسماع الآهات والزغاريد والصراخ والطبل والزمر والشتائم والسباب مع كل هدف . أخيرا وجدت نفسي " الوحيد اللي مش بيضحك " ... لدرجة أنني تخيلت نفسي حبيبنا " أبو النكد السريع" .. فبادرتُ بتشغيل التليفزيون , وأخذتُ أبحثْ عن المصدر الذي جعل ناس مصر تضحك . وأثناء بحثي توقفتْ الضحكات مما يدل علي إنتهاء وإختفاء مصدر الضحك من التليفزيون .
نسيت موضوع الضحك , وكعادتي أحب أتصل بإبنتي المتواجدة في أمريكا وخصوصا وجود إبني بالصدفة معها للزيارة .. واذ بهما يضحكان ضحكات جنونية .. وفجأة تتوقف إبنتي عن الضحك , وبدأت تحدثني بجدية .. " مصر رايحه علي فين يا بابا " ؟؟ .. وفي بساطة جاوبتها : إلي الخير يا إبنتي .. قالت لي : إن كان رأيك أن مصر رايحة إلي الخير , لكن بشرط أن لا يكون علي حساب كرامتنا و شعورنا بالخزي والعار بين شعب أمريكي ليس له أية معالم أو حتي حضارة قديمة مثلنا نحن شعب مصر . وتكمل كلامها قائلة : "خير إيه يا بابا !!؟ و العالم كله بيضحك الان علي المسخرة التي حدثت منذ قليل في برنامج ( ناس بوك ) للإعلامية هالة سرحان .. ثم أعطتني عنوان اللينك الذي يُظهِرُ ضياع مصر , ويكشف بداية إنحدار حضارتها وسمعتها , ويُفضح مقدار عمق سقوطها في بحور الجهل والرجعية ... وأنهتْ المكالمة معي وهي تردد " خسارتك يا مصــــر " ..!
بيني وبينكم شاهدت اللينك الذي جعلني اضحك مُجبرا , لكن في نفس الوقت كادت دموعي تنهمر ليس من شدة الضحك .. لكن من شدة حسرتي علي مستقبل مصر .. حتي ولو لم تسقط بين أيادي هؤلاء الذين يتمحكون في الدين .. لكن مُجرد وجود جماعة بين المصريين يتمسكون بهذه التصرفات والخيابة هو لوحده عار علينا أن يبقوا في بلادنا ينشرون الرجعية السوداء , ويضعون بذرة السلفية غير المثمرة بين أبناء مصر الذين أبهروا العالم بعلومهم الأدبية والهندسية والفلكية والزراعية والحربية .. حتي الدينية .. فأسلافنا الحقيقيين هم أول من عبدوا الله .. وعرفوا أن هناك خالق أبدي منذ الأزل وأنه هو الذي أبدع هذا الكون .. أسلافنا المصريين كانوا من أعظم الشعوب التي كانت تتحلي بالأخلاقيات الربانية والدنياوية . ففي العهود التي كانت باقي الشعوب منغمسة في العربدة والسلوك اللا أخلاقي والكفر والوثنية كان أبناء النيل منغمسين في السعي وراء حياة النسك والروح .
هذا السلفي الذي طلب بل إشترط أن يتخفي من وراء ستار في أحدي برامج التوك شو الفضائية يدل علي ضعف شخصية الرجل المصري .. وهذا لا نقبله ابدا .. فكون الرجل يتخفي من المرأة من وراء ستارة يُعطي بيانا للعالم أننا شعب لا يشغل بالها إلا الحياة الجنسية .. وأن حياتنا قائمة علي فتنة المرأة وجسدها .. وهذا ما نرفضه للمرأة المصرية .. لم يبقي إلا أن تبقي المرأة في منزلها ونبدأ في إستبدال هوية وشخصية المصري إلي جنسية أخري نحن أبرياء منها تماما , ولا تتصل بثقافتنا ولا بحضارتنا ولا بأصولنا المصرية .
إلي الآن لم نطرح علي أنفسنا كمسيحيين أسئلة ربما جاءت علي بال الكثيرين منا , لكننا خائفون أن نصطدم بالإجابة والتي سوف تقهرنا وترعبنا .. لكن علي كل مسيحي مصري يجب أن يواجه هذه الأسئلة بقوة وبحزم .. " ماذا سنفعل لو سقطت مصر في الحكم السلفي ؟؟" هل سنقبل بعض الشرائع التي تخترق هويتنا أو تُقيد حريتنا ؟؟ ام سنقبلها جبرا لأنه هكذا تقول الديموقراطية ؟؟ .. هذه اسئلة لا نستطيع كأفراد أن نجيب عليها .. وخصوصا أننا كمسيحيين ليس لنا ظهر أو مرجعية مسيحية مدنية قوية لكي نلجأ إليها , فقد ناديتُ بقيام كيان مسيحي تقوم علي تقوية الشخصية المسيحية .. كيان مسيحي يحمي حقوقنا , ويعرفنا واجباتنا نحو السلطات المتنوعة . ما زلنا نأمل ونعتمد علي المؤسسة الكنسية .. وهذا أمر لا يُجدي حاليا .. صحيح ظهرت بعض الإتحادات القبطية المدنية .. لكنها إتحادات ملاكي .. لها اجندات خاصة بها .. وهذا ما نرفضه تماما .. نحن نريد إتحادا عاما لجميع المسيحيين أو كيانا واحدا يجمع الطوائف و يعمل علي صد أي تحرش أو إغتصاب حق من حقوق المسيحيين ... كما يُعلن هذا الكيان موقفه الصريح من الآن كممثل لكل مسيحي بمصر أمام أي إجراء تتخذه أية قوة أو جماعة سوف تمسك بأمور السلطة .. اي علي هذا الكيان إصدار بيان من الآن قبل عملية الإنتخابات عن موقفها , إزاء أي قرار تشريعي أو ثقافي أو حتي ديني يتعارض مع المباديء والهوية المسيحية .. وهناك الأمثلة الكثيرة علي هذا .. منها إجبار بناتنا وإخواتنا وأمهاتنا وزوجاتنا علي لبس الحجاب أو النقاب ... أو حرمانها من قيادة السيارات .. وغيرها الكثير مثل هذه التشريعات التي نرفضها كمسيحيين ... وهناك الكثير من هذه الأمثلة ..!
رايحة علي فين يا مصـــر ؟ سؤال علي كل لسان مصري اصيل .. قبل خوض إنتخابات مجلس الشعب القادم ... إنها لحظات الإنتظار لمستقبل مصر المجهول ..
هل سيصبح تلفازنا ستايره حـــديـــد ؟ .. أم سنعيد حريتنا , ونغني مع شادية .. شباكنـــا ستايره حـــريـــر ؟!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :