الأقباط متحدون | " كل سنة وانت طيب يا حج "جيمي
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٣٥ | الجمعة ١٨ نوفمبر ٢٠١١ | ٧هاتور ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥٨٢ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

" كل سنة وانت طيب يا حج "جيمي

الجمعة ١٨ نوفمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم: هاني شهدي

بعيد الاضحى لدى الاخوة المسلمين هل يصح ...- وانا مسيحى فهل مقبول اذا قابلت احدهم غدا اقوله "كل سنة وانت طيب" من قلبى او على الاقل بلسانى؟ هذا سؤال يطرح نفسه علينا كمسيحيين فى هذا الوقت الصعب والمؤلم حيث حرقت قلوبنا قبل كنائسنا ودهست مشاعرنا قبل رؤوسنا وعبرت الدبابات فوق كرامتنا قبل اجسادنا واستبيحت مصائرنا قبل اعراضنا.


- الحج "جمال" الحلاق أو "جيمي" كما ينادونه في ساعات الصفا،مصرى مسلم فى الخمسين من عمره متدين ويصلى معظم الفروض فى المسجد المجاور لمحل الكوافير الذى هو بمثابة "كبير الحلاقين"فيه ،وجهه بالكاد يستوعب عينيه وانفه وفمه حيث علامة الصلاة تحتل جزء كبير من جبهته ، قميصه الملون فى شجار دائم مع "كرشه" مما يؤدى الى طرده خارج بنطلونه الفضفاض.


- منذ خمس سنوات او اكثر لا يمس شعر رأسى الا مقصه دون ان يقص افكارى، دائم الترحاب بى وبكل زبائنه فى كل زيارة يقابلنى بابتسامته المعهودة التى تحمل دفء الوطن فى هذا البلد الغريب حتى لقبته ب "عمدة المصريين "، شخصيته تماما كما الفنان حسن حسنى فى فيلم "عوكل" وبتعدد الزيارات وما بين فرحة ونكبة صارت بيننا مودة وصداقة رغم فرق السن شبابه يحمل من كل دولة عادة او معلومة حيث تعددت سفرياته حيث عمل على ظهر مركب سياحى ولكن هذه المعلومات لا ترشحه بأن يكون المستشار الثقافى ل " لدولة فيحان" ولكنها تجعل منه مستشار ثقافى لمعظم زبائنه. رغم تنوع هذه المعلومات فى رأسه لكنه مازال يحتفظ بمعلومة واضحة الا وهى انه مصرى مسلم. يعشق الاستماع الى الراديو العربى ويعشق عبد الوهاب وحببنى فى سماعه وعلمنى كيف يكون الطرب الاصيل. اقتسمنا الفرحة سويا عندما فازت مصر بكأس الامم الافريقية وبسبب خفة دمه المصرية ومهارته رشحته لكثير من اصدقائى المسيحيين ليس فى مجلس الشعب ولكن ككوافير حيث صاروا زبائنه فأصدقائه . اكثر ما كنت احترم فيه هو انه مسلم امين فى اداء صلواته وانا مقصر مهمل امين فى الهروب منها.


- الحج جمال ما بعد 25 يناير:- فى زيارتى الاخيرة له صارت احاديثنا عن احوال مصر السيئة فى كل المجالات لكنه دائما كان يفاجئنى بعبارات تحمل معها خبرات السنين ووجهة نظر لم تعبر من امام افكارى. لم يزر مصر منذ اكثر من 10 سنوات لكن مصر تزوره يوميا من خلال زبائنه، متابع بشغف لما يحدث فيها برغم من ان مصر تقسى قلبها ولا تسأل عمن فارقوها. عندما رجعت من اخر زيارة لى لمصر سألنى عن محبوبته"هى مصر عاملة ايه؟" حكيت له عن الثورة والمخلوع والاقباط والسلفيين والاخوان والتوك توك والمحمول.


- زيارة ماسبيرو:- كانت مباشرة بعد احداث ماسبيرو المؤسفة فذهبت اليه وانا محمل كمسيحى بكل الم ومرارة واتهمته بداخلى كمسلم بمسئوليته عما حدث باختصار تبادلنا الاتهامات فظل يراوغنى للهروب من كلمة حق يدركها فى قلبه ولكن ينكرها ولا يصرح بها لسانه فمضيت ولم احمل منه اجابة شافية مريحة مما زاد المى من المذبحة ومنه شخصيا ولكن ما زلت احمل له الكثير من المحبة والتقدير.
- غدا عيد الاضحى:- هذا ماعلمته بالصدفة فتذكرت للتو "الحج جمال" مؤخرا، طبيعة عملى تجعلنى اعبر من امام الكوافير يوميا عدة مرات ففى بعض الاحيان اعتيادنا الاشياء يجعلنا ننساها وننسى وجودها فى حياتنا.مما جعلنى المحه بالصدفة وانا عابر امام الكوافير المكدس بالزبائن المسلمين حيث حلقة العيد، هنا هتف على ذهنى بقايا من تعاليم يسوع الناصرى " احبوا اعدائكم باركوا لاعنيكم " اروح اقوله واقولهم (كل سنة وانتم طيبين) ولا اكبر دماغى، طب لو رد واحد وقال "كل سنة وانتم مش موجوديين" اعمل ايه، هما يستاهلوا التحية ولا ايه؟ كتمت هذه الفكرة واسقطتها عدة مرات لكن فى النهاية ضعفت امام عشرة السنين وطاقة الحب التى حملتها من يسوع.


- كبر التحدى بداخلى ، هل افعل واكون انا الاقوى ولست الاضعف ام اطنش ولن اخسر شيئا. فجأة ركنت سيارتى فى مكان يعرضها للمخالفة المرورية، عطلت عملى ووجدت نفسى داخل الكوافير(رجال وسيدات) وسط مسلمين و محجبات ومنقبة ، " كل سنة وانت طيب ياعم جمال وانتم طيبين جميعا ".
- اشرقت فى وجه عم جمال ابتسامة ازهى من كل مرة تحمل معها طيبة مصر، كانت تلك بداية فرحة العيد لهم، وانتقلت الابتسامة والاستغراب لكل وجوه الحاضرين، حيث لم يكن متوقع هذا منى بعد اخر زيارة اختلفنا فيها، رد الحج جمال التحية بصوت عال فى تباهى ان لديه زبائن اقباط وكرر الحاضرين التحية والابتسامة من بعده. انصرفت فى عجالة لسيارتى وعملى، استغربت جدا من جرأتى المجنونة التى تزورنى من حين لأخر.


- مضيت يتملكنى شعور بالانتصار بين مااريد وما يجب ان يكون. فتحت باب سيارتى وفتحت معه باب الجدل مع نفسى ، ماذا فعلت؟ اتهمنى صوت لا اعرفه بالخيانة والجبن. كيف تكرم من فعلوا وفعلوا بك وبأخوانك ؟ اهمالك لهم هو اقل رد على ما فعلوه بكم. اجبت"عندك حق" وكانت تلك اجابة كثير من المسيحيين فى هذا الزمان، وفى هذا بادرنى صوت وديع مازلت اتذكره ... سألنى ۥترى ماهو الحب الحقيقى؟!
- الاختبار الحقيقى للحب ان تحب من يكرهك، تقبل من يرفضك، تذهب بارادتك لمن لا يريد ان يرى وجهك، هؤلاء هم اتباعى الحقيقيين، لماذا تخدع نفسك بانك تمارس الحب فى مجاملة بعض الاصدقاء والاقارب ببعض الهدايا او الكلمات الناعمة الطيبة التى لا تتعدى لسانك لا تخدع نفسك بهذا الحب المزيف.. حب ليس فيه تحدى.


- قد اوصيتكم "اكرم اباك وامك" اعرف ان شعور الحب لهم موجود بالفطرة لكن ينقصه الفعل وهو الاكرام ولهذا اوصيتكم به لأننى اعرف انه فى بعض الاحيان ظروف الحياة قد تعطل اكرام من يحبوننا بالقدر الكافى الذى يحبوننا به، لكن فى اخرى طلبت "احبوا اعدائكم....." حيث طلبت منكم وانتم لى شهود زراعة شعور بالحب فى قلوب تمتلك الكراهية والبغض وانا اثمر زرعكم اكرام.


- حيث انا الطبيب العظيم شخصت مرض هذا العالم بالخطية بكل انواعها منذ الأزل لا اريد منكم ان تشخصوا او تدينوا تخلف فكر هذا وجهل وعمى افعال ذاك حيث الجميع مدان امام العدل الالهى. ادانة العالم ليست مهمتكم بل مهمتى انا، الطبيب الحقيقى يشخص ويعالج حيث اصابتكم الخطية بذلت نفسى عنكم اما انتم فماذا بذلتم من اجل الاخرين كما اوصيتكم. انزع عنك هذا الطبيب الفاشل، وكن كسيدك الطبيب العظيم يعالج بالحب. وعلى اية حال ...... " كل سنة وانت طيب يا عم جمال"
تمت

 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :