بكم اشتروا مصر؟!
بقلم: مينا ملاك عازر
إن كان من بنى "مصر" كان في الأصل "حلواني"، فالمجلس العسكري يريد أن من يحكم "مصر" يكون في الأصل والفكر "إخواني"، وهذا لا يضايقني، ولكن ما يضايقني الأسباب التي يستند إليها المجلس ليعطي حكم قلب الوطن العربي النابض، ومهد الحضارات، على طبق من ذهب لمن لا يستحق حكم أصغر قرية بها؛ فهي أسباب إما تعود للوازع الديني الذي يزداد لدى كبار السن ممن يشعرون بقرب ملاقاتهم ربهم، فيحاولون حسن الختام، ومعظم بل كل المجلس العسكري من كبار السن- ربنا يديهم الصحة وطول العمر اللهم لا حسد- وأسباب أخرى تتعلق بالحسابات السياسية، وهي أسباب تتعلق بأن المجلس يراهن على حصان كسبان، يضمن له الخروج الآمن من السلطة، ولا أفضل ولا أسرع من حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للجماعة المحظورة.
عفوًا، أسألكم سؤالًا مباغتًا، هي الجماعة محظورة ولا مش محظورة؟ طب لو مش محظورة لما لا تُشهَّر؟ يبدو أنهم يخشون من المراقبة المالية والمحاسبة من قبل وزارات الدولة كالتضامن الاجتماعي، آه مثلهم مثل الجيش، ألم يطلب الجيش هذا في المادتين التاسعة والعاشرة من الوثيقة التي رفضها الإخوان والسلفيون ونسبوها للدكتور "السلمي"، وحشدوا المليونية الأخيرة لهم لرفضها، ونجحوا في جعلها هي والعدم سواء؟؟. صحيح بالمناسبة، السلفيون بالمرة ممكن يقولوا لنا من أين لهم هذا؟ ولا هما كمان لا يُراقبون ماليًا؟.. عامةً رائحة أموال أولئك وهؤلاء تفوح منها رائحة الجاز، عارفين الجاز؟.. أيوه إللي هو أحد مشتقات البترول، و"من كان له البترول سند، فماينضربشي على ظهره"، واسألوا "مبارك"، والمعاملة الخمس نجوم التي يلقاها وأبنائه وحاشيته للآن، رغم كل الاتهامات الموجهة لهم!!.
بالمناسبة، هو حضراتكم لسه بتتهموا الفلول و"علاء" و"جمال مبارك" بتدبير الاضطرابات والقلاقل فقط؟ ولا عرفتم أن هناك متسببين آخرين، سواء بسوء إدارتهم للبلاد، أو برغبتهم الجامحة في حكم البلاد؟.. لماذا اعتبر الكل مليونية الإخوان والسلفيين التي كانت ضد "السلمي" سلمية، ومظاهرات يومي السبت والأحد دموية؟؟ مع أن أيدي السلفيين والجماعة الإسلامية مخضبة بدماء المصريين من زمااااان، ولو نسيتم اسألوا "أسيوط" و"الأقصر" وغيرها، في حين أنه لا يوجد علماني أو ليبرالي واحد إرهابي أليس كذلك؟!. ولماذا تحركت الشرطة تصارع مظاهرات يومي السبت والأحد وما بعدهما في حين أخلوا الميدان جيش وشرطة لمظاهرات الإخوان والسلفيين وبعض القوى الليبرالية ذات المطالب العادلة التي لم ينفذوا مطالبها رغم تواجدها في نفس الميدان الذي تواجدت به القوى الإسلامية التي نفذوا مطالبها؟
وإن كنت لا تعلم من سيحكم "مصر" فانظر ليوم الجمعة الماضية في حسرة، وليوم السبت والأحد الماضيين في غضب، وابك شهداء الثورة القدامى والجدد ومن سيجدوا، واذكر أن طريق الإخوان للسلطة عبَّده الشهداء بأجسادهم، وخطتهم رسموها بدماء الأبرياء، ولا تنسى أن أيديهم ملوثة؛ فقد صافحوا النظام السابق في وقت ترنحه، في وقت ظن فيها النظام السابق أن نجدته بهم وأمله فيهم. فإن كانوا ثوارًا بجد، فليقولوا لنا لماذا وكيف جاء لهم قلب يضعوا أيديهم بيد من اعتقلهم وعذَّبهم طوال السنوات الماضية كما يقولون؟ وكيف ولماذا ذهبوا للتفاوض مع نظام نكَّل بهم كما يحكون؟ إن كانوا ثوارًا يقولون لنا أين كانوا يومي خمسة وعشرين وثمانية وعشرين يناير؟ أما وإن كانوا مشترين فليقولوا لنا بكم اشتروا مصر؟!
المختصر المفيد، ما دفعه الإخوان من ثمن من المؤكَّد أنه لا يقارَن بالدماء التي سُفِكت كثمن حريَّة "مصر"، والتي ليس للإخوان فيها إلا القليل.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :