الخطيئة العظمى للمشير طنطاوي ومستشاريه
بقلم: صبحي فؤاد
عندما سقط نظام الرئيس السابق مبارك في شهر فبراير الماضي، أعطى القدر المشير محمد حسين طنطاوى -وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية- فرصة تاريخية عظيمة، قلما أعطت من قبل لأحد المصريين لتصحيح أخطاء مبارك، ووضع مصر في الطريق الصحيح نحو الديمقراطة الحقيقية والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع المصريين، وبناء مصر الحديثة القوية التي تحترم حقوق مواطنيها، ولا تميز بينهم طبقًا لهويتهم الدينية أو انتماءاتهم السياسية أو الفكرية، إلا أننا فوجئنا بكل الأسف بمن يشيرعلى المشير بتبني نفس فكر الرئيس السابق، والسير على نفس منهجه الذي قام على مبدأ فرق تسد بين المصريين، واللعب بورقة الدين، ووضع المسلم في مواجهة المسيحي، وتحريض السني على الشيعي، وجميع فئات المجتمع على بعضها البعض.
ومنذ اللحظة الأولى وجدنا المشير طنطاوي ينزل بنفسه ميدان التحرير، لكي يطلب من أتباع الأخوان فى ميدان التحرير أن يبلغوا المرشد بالتوجه لمقابلة النائب الجديد عمر سليمان.
ولم يمض إلا أيام قليلة بعدها، إلا ونفاجىء مرة أخرى باستدعاء المشير عضو الأخوان المسلمين صبحي صالح للالتقاء به، ثم تكليفه كعضو في لجنة إعادة كتابة الدستور.. وبنفس الطريقة والأسلوب تم استدعاء طارق البشري، واختياره لرئاسة نفس اللجنة، رغم ما عرف عنه من عنصرية وتطرف في آراءه وتصريحاته ضد المسيحيين.
وكانت الخطيئة العظمى من وجهة نظري، عندما تصور المشير طنطاوى ومساعديه ومستشاريه أن مصر هي جماعة الأخوان المسلمين.. وشعب مصر هم أعضاء في هذه الجماعة المتطرفة المشكوك فى ولاءها لهذا البلد العظيم.. وأن إرضاء هذه الجماعة وتلبية مطالبهم ورغباتهم سيعود باستقرار الأوضاع فيها والهدوء إلى مدن وشوارع مصر، ويضمن كسب ولاءهم وتجنب شرهم وأذيتهم.
ومن هذا المنطلق وجدنا المشير والمجلس العسكرى يجبرون الشعب على المشاركة فى استفتاء باطل ومزيف لتعديل الدستور، من أجل السماح للأخوان بتأسيس حزب دينى لهم، رغم مخالفته للدستور والقانون المصري، وأيضًا رأيناهم يرفضون المطلب الشعبي بكتابة الدستور أولًا، قبل الذهاب إلى صناديق الانتخابات، وكان الأخوان هم الوحيدين المتفقين مع المجلس في هذا الأمر لكى يكون في مقدورهم كتابة دستور يناسبهم ويتماشى مع فكرهم العنصري الظلامي، إذا نجحوا في الانتخابات البرلمانية، التي ستعقد بعد يوم أو اثنين.
وخلال الشهورالماضية رأينا المشير يطلق جميع المسجونين التابعين للأخوان والسلفيين والجهاديين والانتحاريين وأخوتهم، وتعويضهم بالملايين -من أموال الشعب الفقير الغلبان- عن السنوات التي امضوها فى السجنون وفى تفس الوقت رأينا المعارضين للمجلس العسكرى والتيارات الدينية تلفق لهم التهم والقضايا ويقبض عليهم بواسطة الشرطة العسكرية ويتم تقديمهم لمحاكمات عسكرية وسجنهم فى السجون الحربية!!
رأينا المشير والعسكر بالتعاون مع سلاح البلطجية يسحقون الأقباط ويقتلون العشرات منهم بالرصاص الحي أمام ماسبيرو يوم 9 أكتوبر الماضي، ثم يكررون نفس المأساة في ميدان التحرير وشوارع القاهرة، منذ أيام قليلة، لأنهم طالبوا برحيل العسكر.
خلاصة الكلام لقد أخطأ المشير خطيئة عظمى عندما تصور أن إرضاء أخوان الخراب وأخوتهم في سوف يعيد مصر إلى ما قبل 25 يناير، ويضع نهاية لثورة شبابها ورجالها ونساءها على الظلم والبطش والفساد والمحسوبية والفقر والمعاناة.. وكذلك عندما ركب دماغه وأصر على رفض مطالب المصريين المعقولة، والتي كان في مقدمتها كتابة الدستور أولًا.
وأخطأ عندما أغلق الأبواب في وجوه المعارضين الشرفاء والمخلصين، وفضل فقط الاستماع إلى قيادات الجماعات الإسلامية المتطرفة، والعمل بنصائحهم وتوجيهاتهم، والتي كانت آخرها الإصرار على عدم تأجيل الانتخابات، وعقدها في موعدها المحدد بعد يوم أو اثنين من الآن، رغم أن الكل يعلم علم اليقين أن الأخوان وأخوتهم هم الذين سوف يكونون الفائزين فيها بالذوق أو العافيةـ سواء صوت الناس لهم أو ضدهم!!
والسؤال هنا: لماذا يصر المشير طنطاوي هو ومستشاريه على تجاهل مطالب الغالبية العظمى من المصريين، وفي نفس الوقت نراه يستميت في إرضاء الأخوان وتلبية مطالبهم؟؟ هل حقًا الرجل وبقية أعضاء المجلس يخافون من الأخوان، أم أن هناك سرًا لا نعرفه يجعل المشير والعسكر يرضخون لمشيئة الأخوانجية، ويضمنون لهم غالبية مقاعد البرلمان المصري في الانتخابات القادمة؟؟
أستراليا
sobhy@iprimus.com.au
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :