بقلم: مينا ملاك عازر
لا تستطيع حضرتك أن تقدِّر طعم المر الذي يذوقه من يتذوّق طعم الخيانة، ولقد وثقت بحضرتك أنك ستقرأ لي مهما اختلفنا في الرأي، وقد وثقت بي بأنني لن أخذلك يومًا وسأقدم لك دائمًا وقدر المستطاع أفضل ما لديّ من كتابات وأراء، ولو خنا بعض يومًا فتهون العشرة ولا نستطيع استمرار التواصل، فكيف لنا أن نستمر نلتقي تحت مظلة عامود واحد وواحد منا خان التاني، ولم يقدِّر كتاباته، أو لم يهتم بما يكتبه له؟! ومن ثم مع الشعور بالشك وعدم الثقة تستحيل العشرة والحياة، فحضرتك لازم تثق بي، وأنا أثق بك، كلانا يسعى لملاقاة الآخر بشغف متماثل، واحترام متبادل، وإن أردت أن تعرف طعم الخيانة، فاسأل ليبرالي من أولئك الذين قاموا بالثورة وسلموها للمجلس العسكري محتفلين وواثقين به، وأخذوا يتجرعون الخيانة أكوابًا في كل موقف يرضخ فيه المجلس العسكري لمليونيات سلفية أو إخوانية، ولا يعبأ بمليونيات مفجري الثورة الحقيقيين، أول من وثقوا به وانتظروا نزول معداته وآلياته للشارع المصري وكأنها طوق النجاة.

وتمن الخيانة خيانة، وإزاي أعرف أخون؟ أيوه كان حبك أمانة، بس كان لازم يهون. ولذا هان حب المجلس العسكري في النهاية، بعد تكرار الخيانة لليبراليين، ونزلوا يطالبون برحيله صارخين قائلين "يسقط يسقط حكم العسكر، إحنا الشعب الخط الأحمر".. ما أروعه هتاف، وما أجمله كلام يستحقه كل من خان دماء الشهداء، وتنكَّر لآلام المصابين، وأهمل مطالب الميدان، وسعى لتحقيق أحلام الإخوان، فترك الكنائس تُهدم مرضاةً للسلفيين، وسهَّل الطريق لوصول الإخوان للحكم سواء بالتزوير أو تسهيله أو بمساندته لهم في استفتاء مارس، أو انتخابات نوفمبر ديسمبر يناير.

والغريب أن المجلس لم يتعظ من مليونيات الإخوان التي خرجت يوم 18/11 الماضي ونادت بسقوطه حينما اختلف معهم حول مدنية الدولة، ورأى بنفسه كيف هم قادرين على الغدر به، ورغم ذلك استمر في خيانته لثوار الميدان، وممالأته للإخوان، وإصراره على تنفيذ حلمهم بالانتخابات أولًا لتأمين الطريق للسلطة، وكأنه اتفق معهم ضد "مصر" والثورة والثوار!.

ولا تقل لي إن الإخوان كانوا في الميدان، فوجود الإخوان في الميدان لا يشفع لهم بالتفرد بقرارات المجلس العسكري، والاستئثار بفائدة كل قراراته بأن تصب في صالحهم وبس، حضرتك تستطيع أن تنسى ما مضى، لكنني قد جُرِحت في جسر الثقة معهم، ولا أستطيع أن أقول إنني قادر أن أعيد بنائه، حتى لو قالوا بعد ذلك كله إنهم كانوا بيهزروا، وإن ما جرى كان الكاميرا الخفية.

معذرة، لقد نفذ رصيدكم، وصرتم مديونين، وأمامكم الكثير لتقدموه من الوقت والعمل لتثبتوا حسن النوايا وشرف الغرض وأنكم على الحياد، وإلى هذا الحين، فليس لديّ لكم إلا كل شك وتوجُّس وريبة، ولا تلوموا إلا أنفسكم، فأنتم من زرعتم بذرة الشك ونميتموها وسقيتموها.

المختصر المفيد، لا أعرف إن كان لازال هناك فرصة أم لا، لكن على أي حال عليكم أن تحاولوا وتتحملوا مغبة أفعالكم.

كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها

تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :