الانتخابات...ما لها وما عليها
بقلم: يوسف سيدهم
انتهت المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب وبدأت محافظات المرحلة الثانية فى العد التنازلى لبدء الانتخابات فيها.الجميع مستغرقون فى تحليل أحداث ونتائج المرحلة الأولى والتى جاءت حافلة بالإيجابيات والسلبيات،لكن قبل الخوض فى ذلك يلزم الاعتراف بالقفزة غير المسبوقة فى إقبال المصريين على صناديق الانتخاب بحيث ارتفعت النسبة متخطية العشرين فى المائة التى كانت معهودة-ومخجلة-قبل ثورة ٥٢يناير إلى اثنين وخمسين فى المائة، وهى نسبة مشرفة تعكس حماس الناخبين وثقتهم فى أن صوتهم أصبح له قيمة.
والأمل كل الأمل ألا تتراجع هذه النسبة فى المراحل التالية بل أن تزداد،فمصر الجديدة تستحق أكثر من ذلك وتنتظر منا جميعاً أن نشارك فى صنع مستقبلها،لذلك أقول لسائر المصريين المعتدلين دعاة الدولة المدنية الديموقراطية إن التحدى مازال قائماً لإنقاذ مصر من براثن الدولة الدينية،فلايصح اعتبار نتائج المرحلة الأولى التى أسفرت عن حصول أحزاب تيارات الإخوان المسلمين والسلفيين على نسبة ملفتة من الأصوات أنها مؤشر على ضياع المنافسة أو خسارة السباق...أقول ذلك لأنى لمست لدى البعض إحباطاً وامتعاضاًَ من تلك النتائج وتسرعاً فى الحكم على مصير الانتخابات برمتها،لكن مايزال الوقت مبكراً على استقراء النهاية،والنتائج المحققة تدعو للمزيد من الإصرار على المشاركة حتى النهاية.
أما إذا استعرضنا الممارسات التى صاحبت انتخابات المرحلة الأولى فبالقطع سوف نتوقف أمام الكثير من الظواهر الإيجابية والأخرى السلبية، ولا ينبغى أن نتوهم أن الانتخابات خلت من السلبيات بل الأفضل الاعتراف بها لتحقيق الشفافية والعدالة وأيضا للعمل على تلافيها فى المرحلتين المقبلتين...وإذا بدأنا بالإيجابيات يجب أن نسجل انحسار مظاهر العنف والاشتباكات والإرهاب من المشهد وهى المظاهر البغيضة التى طالما ارتبطت بها الانتخابات وساهمت فى إقصاء الناخبين عن المشاركة،فكان اصطفاف الطوابير الطويلة للناخبين بشكل هادئ أمام اللجان تغييراً إيجابياً ملموساً زاد من ورنقه مشاركة المرأة وكبار السن،كذلك صبر أولئك الناخبين على بعض التجاوزات مثل تأخر فتح اللجنة لعدم حضور القضاة فى الموعد المحدد أو للقصور فى استمارات التصويت أو غير ذلك عكس إصرار الناخبين على المشاركة وعدم إفساد العملية الانتخابية....ولعل هذا هو أحد الأسباب وراء امتداد طوابير الناخبين لمئات الأمتار ولساعات طويلة جداً امتدت حتى التاسعة مساء بعد سماح اللجنة العليا للانتخابات باستمرار فتح اللجان إلى تلك الساعة.
الممارسات السلبية التى شابت العملية الانتخابية كثيرة ولا يقلل من تأثيرها السلبى فى الإضرار بمصالح بعض المرشحين وتعكير صفو بعض اللجان أن نقول إنها محدودة وأنه لم يكن لها تأثير شامل على انتخابات المرحلة الأولى بكاملها، فالتجاوزات سواء كانت من جانب القضاة المسئولين عن اللجان أو من جانب مندوبى المرشحين وممثلى التحالفات الحزبية حدثت وتم تحرير المحاضر الخاصة بتسجيلها وإثباتها وجار حاليا ملاحقة مرتكبيها قضائيا،لكن الملفت فى هذا المشهد السلبية والليونة وعدم الحسم التى شابت رد فعل اللجنة العليا للانتخابات إزاء كل ذلك...وهذا لم يكن متوقعاً على الإطلاق وأفرز هواجس خطيرة لدى الكثيرين أنه قد يفضى إلى المزيد من التجاوزات والمخالفات طالما شعر الجميع بضعف اللجنة وفقدان سيطرتها على العملية الانتخابية.
فحتى الآن لم نسمع عن أية قرارات للجنة العليا للانتخابات فى شأن قضاة لم يقوموا بختم وتوقيع استمارات التصويت وقالوا:»إللى مش عاجبه ماينتخبش«!!...حتى الآن لم نسمع عن أية قرارات بشأن تفشى الدعاية الانتخابية خارج اللجان صباح يوم الانتخاب،وماشاب تلك الدعاية من نعرة دينية لاستمالة الناخبين لجانب التحالفات الإسلامية ونعت التحالفات الأخرى بالكفر وبالخروج عن الإسلام!!...حتى الآن لم نسمع عن أية قرارات بشأن ظاهرة النقاب وإصرار من ترتديه على عدم الكشف عن شخصيتها وخضوع بعض القضاة لذلك!!...
الأمثلة على التجاوزات التى تقاعست اللجنة العليا للانتخابات عن علاجها بصرامة كثيرة،لكن قمة الفوضى وعدم الانضباط كانت فى مرحلتى نقل الصناديق إلى اللجان العامة وأثناء عملية فرز الأصوات...القصص التى يتداولها من حضروا ذلك مقلقة وخطيرة لأنها تولد شكوكاً فى جدية العملية ونزاهتها ومصداقية النتائج التى أفضت إليها،كما أن ذلك يضع مسئولية ضخمة على عاتق اللجنة العليا للانتخابات لأنه يعكس قصوراً تنظيمياً واضحاً على واحدة من أهم مراحل العملية الانتخابية وهى فرز الأصوات...مرحلة شابتها عشوائية وتخبط وصخب وفوضى وكل ذلك يزرع شكوكاً وهواجس إزاء ما أفضت إليه من نتائج.
هناك الكثير الواجب عمله من جانب اللجنة العليا للانتخابات لتخليص المرحلتين المتبقيتين من انتخابات مجلس الشعب مما شاب المرحلة الأولى من تجاوزات،من أجل الحفاظ على قوة الدفع التى أخرجت الأغلبية الصامتة من عزلتها ودفعت بها لصناديق الانتخاب...لا أتصور أن الحكمة تسمح بإحباط تلك الأغلبية وإرجاعها لحالة التقوقع والعزوف عن المشاركة،بل أهيب بالشرائح الكبيرة التى تنتمى إلى تلك الأغلبية ألا تيأس وأن تواصل الخروج لأداء دورها الوطنى لأنه يبدو أنه مايزال هناك من يزعجه خروجها ويعمل على إبعادها.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :