ليليان تراشر ومعاني جسدتها...... (7)
بقلم : د.ممدوح حليم
جسدت ليليان تراشر في حياتها وخدمتها في مصر(1910 – 1961 ) ، جسدت معاني جميلة في زمن جميل. اقرأ معي ما كتبته في مذكراتها لترى ما تمتعت به من حب وعطاء وأمومة فياضة، يندر وجودهم، كتبت تقول:
"إن أولادي وبناتي يطيعونني لأنهم يحبونني، وهم يحبونني لأنني أنا أحبهم ولأني شفوقة عليهم ولا أحابي أحدا ً منهم على حساب الآخر. ومما يؤسفني أحيانا ً أنني لا أجد متسعا ً من الوقت لتقبيل كل واحد منهم على حدة وإظهار محبتي له، أما عن البنات الكبيرات فهن صديقاتي، وكل واحدة منهن تفضي إلي ًّ بأسرارها وتطلب مني نصحها، ومئات من بناتي تزوجن وهن الآن أمهات، وبعضهن أصبحن جدات. إنني أحبهم جدا ً، وأنا سعيدة بهذه الحياة التي أحياها في هذا النوع من الخدمة".
لقد جسدت ليليان المرسلة الأمريكية، معاني التكريس من أجل الفقراء والأيتام والمساكين والأرامل، ولأجل هذا الغرض تركت وطنها وخطيبها وكل مغريات الحياة السعيدة، عاشت وسط أولئك تأكل مأكلهم وترتدي ملابس لاتختلف عن ما يلبسون، تركب الدواب لأجلهم وتنتظر ما يقدمه الناس لأجل معيشتهم. عاشت وسطهم تكافح العوز والفقر.
جسدت ليليان الحقبة الليبرالية والفترة الملكية الجميلة، حيث انفتحت مصر على الغرب قبل انتشار ثقافة العداء له، جسدت فترة تدفق المبشرين والمرسلين الأجانب على صعيد مصر عامة وعلى أسيوط تحديدا ً، ولم يكن آنذاك تعصب كبير بين الطوائف المسيحية كما نراه اليوم. احترمت كل الطوائف المسيحية خدمة ليليان، وكان أبناؤها يرسلون إلى ليليان دون قيود رغم هويتها البروتستانتية.
عاشت ليليان في أسيوط يوم أن كانت مدينة أنيقة راقية متأثرة بالأجانب الذين تواجدوا فيها بكثرة، قبل أن تبنى فيها الجامعة لتتحول لمعقل للفكر المتطرف والإرهابي.
عاشت يوم أن كانت العلاقة بين المسيحيين والمسلمين طيبة للغاية، وكانت ليليان وخدمتها موضع احترام الشعب كله وكبار مسئوليه.
جسدت ليليان الزمن الجميل حيث رخص المعيشة إذ كان للمليم قيمة شرائية، قبل أن تزدحم المدن والقرى، وإن تخلل هذا الزمن شيء من الحروب والأوبئة في ظل إمكانات طبية قليلة. (انتظر الحلقة الأخيرة)
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :