الأقباط متحدون | (26) الحداثه فى فكر الأب متى المسكين(1919-2006م)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٢:٠٥ | الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢ | ١ طوبة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٣٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

(26) الحداثه فى فكر الأب متى المسكين(1919-2006م)

الثلاثاء ١٠ يناير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم : د.ماجد عزت إسرائيل

مع بداية خريف عام(1919م) ولد الأب متى المسكين (يوسف اسكندر) في 20 من سبتمبر سنة 1919م، في احد مساكن عمال السكة الحديد، بالمنصـــورة (الدقهلية )،لأسرة فقيرة شأنها شأن السواد الأعظم من المصريين عندئذ، كان والده عامــلاً بالسكة الحديد يشغل أدنى درجات السلم الوظيفي الخاص بالعمال، أما أمـــــه فهي ربة منزل متدينة بصورة لا يصــــدقها عقل، استطاعت أن تراعى الأسرة بأمانة،وكان مولده مع مولد أمل جديد لمصر والحداثه بها حيــث قامت ثــــورة 1919م،التى كان من نتائجها وضع دستور 1923م،و تشكيل وزارة منتخبــــه برئاسة "سعد زغلول".

وتلقى الأب متى المسكين تعليمه بين مدن متعددة نظر لتنقلات والده من مدينة للاخرى طبقاً لطبيعة عمله بالسكة الحديد،ففى أحدى مدارس المنصورة الابتدائية التحق الطفل يوسف اسكندر بها؛وقضى مرحلة التعليم الأعدادى(الكفاءة) ما بين مدينتى السويس والإسكندرية، أما المرحلة الثانوية فالتحق بمدرسة شبين الكوم الثانوية، ثم إلتحق بالجامعة المصرية بالقاهرة، بكلية الصيدلية في الفترة مابين (1938-1944م)، وخلال فترة الدراسة الجامعة بدء اتصاله بـ"مدارس الأحد" بأحدي كنائس محافظة الجيزة، فتقابل مع مجموعة من الأصدقاء؛ نذكر منهم "سعد عزيز"(الأنبا صموئيل )، و"ظريف عبد الله" (القمص بولس بولس )، و"وهيب ذكى"(القمص صليب سوريال )، و ذادت علاقته بهم من خلال السهرات الروحية والصلاة التي كانت تعقدت بمنزل "سعد عزيز " وكانت هذه المرحلة بداية للتكوين الروحي، ومنها دعاه الرب لخدمة كبرى.و بعد تخرجه في الجامعة سنة 1944م، حيث قبل تنفيذ الأوامر العسكرية بتعينه بالقرب من حدود السودان بمدينة (الدار )، ولطاعته تم تعينه في مستشفى" الملك" بجوار القصر العيني، وبعدها عمل بإحدى صيدليات الإسكندرية، ثم إنشاء صيدلية مستقلة بمدينة دمنهور (البحيرة).

ومع بداية عام 1948م، كان "يوسف اسكندر " يستعد للخروج إلى البرية؛ وفى ليلية من ليالي الشتاء الباردة تركت مدينة دمنهور، ولم يكن يمتلك سوى جنيهان؛ لأجرة المواصلات إلى البرية، حتى وصل لكنيسة مار مينا بمصر القديمة،لطلب الرهبنة من القمص"مينا"(البابا كيرلس السادس) فقام برسامته راهباً بدير الأنبا" صموئيل"بمغاغة بالمنيا.

والحداثه فى فكر الأب متى المسكين تعددت أنماطها ففى مجال الرهبنة فيبدأ يومه بعد منتصف الليل بخدمة صلاة تسبيح نصف الليل ،فاذا انتهت التسبيحة – وهى يتحتم أن تنتهى قبل ظهور ضياء الفجر– لا يعود إلى النوم ،بل يتبع الصلاة وقراءة الكتاب المقدس حتى يبزغ نور الفجر ،وذلك تتميماً لوصية الأنبا أنطونيس الأولى والعظمى "أن تصلى دائما وتترنم بالمزامير قبل النوم وبعد اليقظة من النوم ،وأن تهذ فى قلبك مقولات الأسفار المقدسة " فإذا أشرق نور النهار يهب الراهب نشيطاً.

وأستطاع الأب متى المسكين منذ دخوله الرهبنة أن يدخل فى علاقة مع الله بقوة وبساطة وعمق وهدوء وصلاة متواصلة ليل نهار ،وقراءات بالكتاب المقدس ؛اهلته الى بناء روحى ،لدرجة جعلته يعيش حياة التأمل و يعقد مقارنات ومناقشات مع نفسة بين شخصيات الكتاب المقدس.وكان يقوم بقراءته لرهبان الدير بشرح بسيط ،جعلتهم يرتبطون بها ويجعلونه مرشداً روحياً لهم .وكانت المغارة للأب "متى المسكين"حلماً لاستكمال حياته الرهبانية،وربما أعتبرها المدرسة الرئيسة للتعليم والرهبنة،لأن بها يتم أعداد الراهب مع ذاته أعداداً فى شتى نواحى الحياة الرهبانية.ولا أبالغ أن أقول أن الأب متى المسكين نقل الرهبنة فى القرن العشرين لمرحلة حديثة تعتمد فى المقام الأول على ثقافة الرهبان، ومدى تقبلهم لفكرة للحداثه، وهذا ما ينعكس على أنتاجهم الفكرى، من أجل الدعوة لبناء مجتمع شبة متكامل.

ومما لاشك فيه أن الأب متى المسكين أعتلى كرسى الريادة الفكرية فى مصر وبلاد أوروبا فى القرن العشرين حيث ترك لنا ما يقرب من (180)مؤلفاً لمكتبة الكنيسة المصرية فى شتى الموضوعات نذكر منها مجال الكتابات اللاهوتية والصلاة،والخدمة،والعمل الوطنى،والسياسى،واللاهوتى،كل هذا مهد لتجديد الخطاب الدينى،وتجديد الفكر الأرثوذكسى لكنيستنا المصرية التى أحتلت بهذه الأعمال مكانة عالمية عبرت عن تاريخها ومكانتها عبر العصور بين كنائس العالم.

ومن خلال كتابات الأب متى المسكين وما جمعه وتركه من تراث ثقافى،قامت العديد من الأبحاث والدراسات حولها نذكر على سبيل المثال الدراسة التى قام بها"الأب وليم سيدهم اليسوعىوعنوانها "تجديد الحياة الروحية للرهبنة المصرية فى القرن العشرين"(الأب متى المسكين نموذجاً)(1919-1999م)،ودراسة أعداتها"عايدة نصيف" وعنوانها"مقارنة بين توما الأكوينى والأب متى المسكين" حصلت بها الباحثة على درجة الدكتواره من كلية الأداب جامعة القاهرة فى يونية عام 2009م،وقامت الباحثة الألمانية"كاترين كوهلر" باعداد دراسة وعنوانها(العلاقات الشرقية الغربية)فى ضوء مؤلفات الأب متى المسكين.

وفى مجال العمارة شارك الأب متى المسكين فى تعمير وترميم وأعادة بناء بعض الأديرة، فنذكر على سبيل المثال دير القديس الأنبا" صموئيل" بمنطــــــقة القلمون الذى كانت جدرانه مهدومة، وغرفه بدون سقف، والعقـــارب والثعابين تجرى من حولك داخل الدير،فعمل على ترميمه وأعادتها إلى صورته الأولى، وبعد أنتقاله لدير السريان بوادى النطرون وأصبح قساً ساهم فى أعادة أكتشاف مجموعة من القلالى القبو (على شكل قبة )القديمة بالدي،كانت قد طمست بفعل عوامل التعرية الطبيعية وبعضها بفعل العوامل البشرية فكانت مملوءة بالمخلفات والقاذورات ورائحتها كريهة؛ لا يرثى لها ومتروكة منذ عدة سنوات، فقام بنفسه وشاركه بعض الإخوة طالبي الرهبة، بتنظيفها ليجعلها لائقة بالقديسين الذين سبق وسكنوها؛ لتكون ذكره عطره لنفوسهم.، بالإضافة إلى الحفاظ على نظافة الدير من الأوبئة والأمراض، باعتبارها مؤسسة دينية وروحية ومزاراً اثرياً.

وأكبر دليل على مشاركة الأب متى المسكين بفكرة فى مجال هندسة العمارة دير القديس الأنبا "مقار" بمنطقة وادى النطرون، الذى وجده عند أنتقاله للرهبنة بها عام 1969م،فى حالة لا يرثى لها فوضع خطة زمنية ومرحلية لتطوير الدير، وضبط إدارة العمل وتنظيم الوقت مع مراعاة أوقات الصلاة؛ وهنا جمع بين البناء المعماري والروحي، واستقدم بعض طــوائف الحرف مثل النجـارين والحدادين والمبيضين والسباكين والبناءين، لدرجة وصل عدد العامـــلين ما يقرب من نحو 450عاملاً ومعلماً، و توسع في إنشاء المباني لســـكنى العاملين؛ خارج نطــــاق سكني الرهبــان، وبهؤلاء استطاع رسم صورة طبيعيــة لدير الأنبا مقار، وهذا الصورة لا تزال حتى يوماً هذا.
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :