أعواد الثقاب ، كوب الشاى
للأب القمص افرايم الانبا بيشوى
شهيد روح الثورة
رجل مكافح يعمل نجاراً يكد ليواصل تعليم ابنائة الخمسة ولاسيما ابنه الأكبر الطالب فى كلية الطب والمتفوق فى دراسته والذى يفتخر به بين كل معارفه، كان فرحه كله ان الناس ينادونه يا ابو الدكتور ...
عندما قامت ثورة يناير ذهب ابنه ليهتف من أجل الحرية وتوفير لقمة العيش الكريمة لمن هم فى وضع ابيه المادى المتعثر... اغتالته يد الغدر فى 28 يناير ولفظ انفاسه الاخيره بين أيدى والده الذى عانى كثيراً ليستخرج له شهادة وفاة ليواريه الثرى .
بعدها فقد الاب عقله وترك عمله من هول الصدمة . اصبح يهيم فى الشوارع فى صمت العابد وملابس المتسول وحزن المكلوم . فلم يحصل على اللقمة الكريمة التى أستشهد ابنه بحثاً عنها ولم يرى شمس الحرية تشرق على بنى جلدته .
اردت مؤاساته فقلت له: لا تحزن لقد أستشهد ابنك من أجل أهداف نبيلة ناضل من أجلها وذهب للبارئ برئ من السكوت على الفقر والظلم .
بكى وأبكانى ، عندما قال: يا ابنى يا ابنى ياليتنى موت عوضا عنك يا ابنى .
كنت أستريح من الحياة وعشت انت لربما كنت ترى أهدافك يوماً قد تحققت .
قلت له .. ان النواة ان لم تمت فهى تبقى وحدها لكن عندما تدفن وتروى حتى بالدموع تصير نخلة شاهقة تعطى ثمار كثيرة يا صديقى ..
تنهد الرجل ومضى يتطلع الى السماء لعله يوماً يرى شجرة النخيل وقد أثمرت.
أعواد الثقاب الرطبة
أمسكت بعلبة الكبريت واخذت عوداً من الثقاب لاشعل البوتجاز ..همست فى أذنى قائلة
لماذا أهملتنى كل هذا المادة حتى أصير مبللة بالبرودة ؟ ولماذا لم تحفظنى فى مكان جيد ؟
أعتذرت لها وحاولت ان احكها برفق او بقوة ولكنها كانت قد ترطبت ولم تعد صالحة للاشتعال.
بحث عن ولاعة البوتجاز واخيراً اشعلت الشعلة ووضعت براد الشاى لتغلى المياة ..
قالت لى الاعواد : لا تلومنى فكثيراً من العقول مثلى قد صدئت من الكسل والبعض أصابها العطب من البرودة واخرى عفا عليها الزمن من عدم التجديد . والكثيرين قد اصابتهم البرودة الروحية. بل ان الكثير من البيوت تخرب عندما تبرد المحبة ولا تجد من يغذيها بالعطف والتقدير والحنان وتحطمها بذور الشك والانتقاد . حتى الثورات لن تنجح ان لم تجد من يعمل على أبقاء روح الثورة واهدافها حية فى القلوب والعقول بالعمل والجهاد والمثابرة .
كوب شاى
أحضرت المياة فى براد الشاى ووضعتها على نار الشعلة لتغلى ..
رايتها تسخن ثم تضج من الآلام وتصرخ وتشتكى لى همومها .. أنصت الى شكواها ..
قالت كنت مستريحة وهادئه فى البحر واردت ان ارتفع . طلبت من الشمس ساعدتى بحرارتها ان اتبخر وأصعد الى عنان السماء ، هبت على ريح الشمال تجمدت صرت سحباً ضربتى الرياح لاسقط مطراً وكم كانت رحلتى شاقة من أعالى السودان حتى اصل اليك لكن لم أجد الرحمة وها انا أكتوى بالنيران وأفور وابكى وأتنهد ....
تنهدت معها وأطفئت الشعلة واخذت اسكب الماء فى الكوب مضافا اليه الشاى والسكر واخذت أقلب فيه ليصبح شاى طيب المذاق ..
قلت لعلك الان قد استرحتى من العناء وانا ارتشف منك بالقطرات واشكرك كثيراً فقد رويتى حاجتى للدفء .
قالت الذى ابهجنى الان اننى ذبت وانصهرت فى إنسان يقدر قيمتى ويكتب عنى !
قلت لها الحزن والفرح يا عزيزتى الى زوال وهكذا حياتك وحياتى .
قالت : وان كانت حياتنا قصيرة أو طويلة لكن ياليتها تنتهى من أجل عملاً صالحاً !.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :