- منسقو الثورة المصرية بالخارج لـ"وطن ف المهجر": دخلنا الكنائس والجوامع لحشد المصريين والأعداد تتزايد وسنعقد مؤتمرًا مع نشطاء الداخل لدعمنا
- من جيفارا الى مينا دانيال
- بالفيديو... عاجل حرق وتكسير منازل الأقباط بالرحمانية بنجع حمادى
- "الأقباط متحدون" تنشر تفاصيل اختطاف طالبة "منهري" القبطية وأنباء عن إيداعها دار تابع لائتلاف المسلمات الجدد
- ما بين النتيجة وبينى
اكتشافات الفين وحداشر(2)
بقلم: منير بشاى
2-ثبت ان الحاكم السابق كان مجرد ظاهرة صوتية يزأر ولكنه لا يقدر على الافتراس
بدأنا فى المرة الماضية الكتابة فى سلسلة من المقالات تحت عنوان "اكتشافات الفين وحداشر". وذكرنا أن عام 2011 كان عاما مصيريا فى تاريخ مصر وقد كشف لنا القناع عن حقائق كانت موجودة ولكنها كانت غائبة عنا. وكان أول هذه الحقائق أنه اتضح لنا أن أقباط مصر لهم صوت ووجود وحقوق، حتى وان ظهروا على انهم شعب وديع مسالم نادرا ما يغضب أو يثورأو يطالب بحقوقه.
واليوم نواصل الكتابة فى الحلقة الثانية. لقد استلم الرئيس مبارك حكم مصر فى ظروف غير عادية. كان ذلك فى 6 اكتوبر 1981 وأثناء العرض العسكرى للاحتفال بذكرى حرب العبور حيث استطاعت القوات المصرية عبور القناة وتحريرها. وفى هذه الحرب نسب الى الرئيس مبارك الذى كان قائدا للقوات الجوية انه صاحب الضربة الجوية الأولى التى كانت أحد االعوامل الرئيسية فى ذلك النصر، وكان هذا السبب فى اختياره ليصبح نائبا لرئيس الجمهورية.
فى ذلك العرض العسكرى تمكن أحد الضباط المنتمبن للجماعة الاسلامية ان يخرج عن الموكب متجها ناحية المنصة حيث كان يقف الرئيس السادات والذى اعتقد ان الضابط اقترب منه ليؤدى له واجب التحية والتكريم فرفع الرئيس السادات يده ليرد التحية فى الوقت الذى أطلق الضابط طلقات مدفعه فى جسد الرئيس ليرديه قتيلا. وكان هذا احتجاجا على الصلح المنفرد مع اسرائيل الذى قام به السادات عندما وقع معاهدة كامب دافيد والتى استطاع عن طريقها ان يسترد الأراضى المصرية التى احتلتها اسرائيل فى حرب 1967 وهى شبه جزيرة سيناء.
رأى مبارك الرئيس السادات يسقط أمام عينيه فى ذلك اليوم. وبعدها وجد نفسه يستلم الحكم فجأة ودون توقع ويبدأ فترة ولاية لحكم مصر وفى مناخ محفوف بالاخطار والمخاوف من ما يمكن أن يحدث لمصر وله هو شخصيا.
ومن يوم استلامه للحكم أعلن الرئيس مبارك الأحكام العرفية معطيا لنفسه سلطات غير عادية تمكنه من القبض على كل من يشتبه فى ضلوعه فى أعمال ضد النظام والقائهم فى السجون احيانا لمدى سنوات دون تقديمهم للمحاكمة. وكان الرئيس مبارك يحاول دائما أن يظهر فى صورة الحاكم القوى الذى يتوعد كل من تسول له نفسه أن يخرج عن الشرعية بالضرب بيد من حديد. وكنا نسمعه يردد هذه الكلمات فى خطبه التى أصبحت مثل الكليشيه "سنواجه كل من يهدد أمن مصر بقوة القانون وحسمه."
وكن الرئيس مبارك يصور لنا نفسه أنه كما كان بطل الحرب فهو أيضا حامى مصر وانه لا يمكن لمصر ان تنجو من دونه . وكان هو ونظامه يروجون مقولة "أنا أو الفوضى " و "أنا أو الأخوان" . وليس من عجب ان استمر فى موقعه رغم كبر سنه وتغلغل المرض في جسده لأنه كان يعتقد فى قرارة نفسه أنه لا يوجد بديل له يمكنه أن يتولى الحكم من بعده. ثم اقتنع ان البديل الوحيد هو ابنه جمال فكان يقوم بتدريبه ليخلفه. ويبدوا ان هذا كان المخطط وخاصة فى السنوات الأخيرة حيث ترك له القيام بمعظم مهام منصبه. ولعل هذا كان المسمار الأخير فى نعش هذه الفترة من تاريخ مصر التى امتدت نحو ثلاثين عاما.
ولكن من وراء صورة هذا الحاكم الذى كن يمثل علينا صورة الأسد كان هناك شخص آخر خائف يخشى الارهابيين ويعمل لهم الف حساب كما انه كان يرتعب من الاخوان ويعمل ما يستطيع سواء كان بطريقة شرعيا أو غير شرعى ليتجنب المواجهة معهم. وقد انعكس هذا على الاحتياطات الأمنية غير العادية التى كان يعيش فى وسطها. فكان قصره قلعة عسكرية محاطة بقوات ذات تدريب رفيع ومعدات واجهزة تمثل أعلى ما توصلت له تكنولوجيا الحرب.
ويبدوا أن خوفه من شبح ذلك العدو الذى رآه يقتل الرئيس السابق أمام عينيه كان يلاحقه ويسبب له القلق اثناء النهار وخلال الليل. وخوفه منهم كان يجعله يعاملهم أحيانا بالعنف ويضعهم فى السجون خاصة عندما يعتدون على رجال الدولة أو يهددون اقتصاد البلد بالاعتداء على السياح. ولكنه سرعان ما يحاول ان يرخى لهم الحبل فيتصل بهم فى السجون مقدما لهم آسبابا للتصالح مثل عمل برامج استتابة يخرجون بعدها من السجون ليرتكبوا جرائم جديدة تحت سمعه وبصره فيتظاهر انه لا يراهم خاصة اذا كانت ضد الأقباط أو أغراض ليست ذات أهمية له عملا بنظرية الموازنات الشهيرة التى كان يجيدها وهى تتطلب منه الشد والرخى بحسب ما تقتضيه الظروف وحتى يعطيهم مخرجا مقبولا ينفسون فيه عن أنفسهم وبذلك لا يحولوا غضبهم فى اتجاهه.
وكان واضحا ان لعبة الموازنات سيأتى وقت تفقد فيه صلاحيتها فهى تعتمد على الظلم وتفتقر الى العدل وتعلن بوضوح عجز الحاكم عن فرض الشرعية فالمظلوم لن يقبل الظلم للأبد والظالم سوف يحس فى يوم من الأيام انه أقوى من السلطة. وجاء وقت اعلان المواجهة عندما بدأت الثورات تكتسح المنطقة فيما أطلق عليها الربيع العربى. وانتقلت العدوى الى الشارع المصرى فقامت أولى الاعتصامات فى 25 يناير 2011. كانوا شبابا التقوا على صفحات الفيسبوك يشكون حالهم ويطالبون بالحد الأدنى من الحياة متخذين شعارا لهم "خبز حرية عدالة اجتماعية". وحتى الاسلاميين لم يعتدوا بهم ولم يعطوهم اى قيمة فى البداية. ولكنهم عادوا وانضموا لهم فى يوم 28 يناير وازدادت حدة المظاهرات التى اضطر الرئيس مبارك أن يسترضيها بعد محاولات من التصدى لها. فقبل أن يعين لاول مرة عمر سليمان نائبا للرئيس مؤكدا بذلك عدوله عن تعيين ابنه خلفا له. ولكن المتظاهرين لم يكتفوا بهذا فعاد والقى خطابا آخرا أعلن فيه بوضوح أنه سوف لا لا يرشح نفسه لفترة رئاسية أخرى. وايضا لم يكن هذا كافيا للمتظاهرين وطالبوا بالرحيل الفورى والا سوف يزحفوا للقصر الجمهورى ويخرجوه بالقوة. وهنا وفى 11 فبراير 2011 اضطر الرئيس مبارك ان يعلن عن تركه للسلطة مسلما مقاليد الحكم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وظهر لنا ما كنا نظنه اسدا، حيث كان يزمجر فيرتعد من حوله الجميع، ولكن فى هذه المرة فتح الأسد فمه ليطلق زئيره المعتاد، فرأى الناس فم الأسد العجوز وقد تساقطت منه الأنياب فلم يعيروه أى انتباه. وهنا اقتنع الأسد العجوز انه قد حان الوقت للرحيل.
ولكن القصة لم تنته بعد. فقد رأينا بعدها الأسد وابنيه وراء القضبان فى قفص الاتهام. وتعجبنا من غدر الزمن
Mounir.bishay@sbcglobal.net
موضوعات أخرى سنناقشها باذن الله فى هذه السلسلة من المقالات:
3-اكتشفنا أن التيارات الاسلامية ليست نباتات برية سطحية يسهل اقتلاعها بل أشجار راسخة امتدت فى أعماق التربة المصرية.
4-اكتشفنا أن الفساد فى المجتمع المصرى أكبر من النظام السابق وأقوى من الثورة التى جاءت بعده.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :