حوار شقي جدًا
بقلم: مينا ملاك عازر
عزيزي القارئ، هذا الحوار ليس حوارًا عاديًا، فإن كنت من أصحاب النفوس الضعيفة فلا تدخل، وإن كنت من أصحاب القلوب الضعيفة فتروى قبل أن تفعلها، فهذا حوار حصري لـ"الأقباط متحدون" فقط، وبدون دخول في مقدمات لأعرفك بمن أجريت معه الحوار الصحفي ستعرفه من الحوار، فإلى الحوار مباشرة.
سيادة المشير، مساء الخير.. "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته"- لا تقلق عزيزي القارئ، فرده ليس معناه أكيد أنه إسلامي، فهو قلقان فقط من أن يقول مساء النور فتحسبه على حزب "النور"-. المهم.. سيادة المشير، هو صحيح حضرتك قلت للسيد "جيمي كارتر"- الرئيس السابق لـ"أمريكا"- إن صورة الفتاة المسحولة مفبركة، وإن الجنود ما كانوش بيسحلوها بل بالعكس كانوا بيغطوها؟!!.. شفت عزيزي القارئ أنا بدأت سخن داخل في الموضوع عِدل.
المشير بينه وبين نفسه وبحاستي الصحفية استكشفت إللي قاله، يقول المشير هو ماله سخن كده مافيش كلام عن حماية الثورة والتضحيات إللي قدمناها؟ أمال الكلام اللي قالوه لي حأقوله إمتى؟! وماله متعجب كده من إن الصورة مفبركة وإن الجنود كانوا بيغطوها.. ثم بصوت عالي يقول لي: "بص إحنا حمينا الثورة ودافعنا عن الميدان".. فترة صمت..
فقلت له: كام بلطجي قبضتم عليهم بنفسكم أثناء موقعة الجمل؟ وكام بلطجي قتلتموه دون مساعدة الثوار؟..
يصمت المشير ويقول بينه بين نفسه: الأخ ده رخم موووت، وما اتفقناش على كده، السؤال ده ما حدِش جرؤ يسأله لنا قبل كده.. "بص يا أخ، إحنا لولانا ما كنتم نجحتم، إحنا خلينا مبارك يتنحى، وأقنعناه بكده".
دفعتم له كام عشان يتنحى؟ مش لازم طبعًا فلوس، الراجل أكيد مدفي نفسه بره يا سيادة المشير، لكن السؤال الصفقة سياسيًا كلفتكم كام عشان يقبل بكده؟ لو كانت كلفتكم أن تضمنوا له خروجه الآمن فهو ثمن مبالغ فيه يا سيادة المشير، واسمح لي أن أقول لك إنه اتضحك عليكم، فالراجل كان ماشي ماشي، وأكيد رجالتك كانوا قايلين لحضرتك الوضع إزاي في البلد، الناس كانوا رايحين يجيبوه من قفاه، وأظنك تذكر اللافتة إللي كانت بتقول، إن صاحبها حايستحمى في القصر النهاردة..
المشير بشيء من الضيق: "لا ما اتضحكشي علينا، مافيش اتفاقيات ولا حاجة، إحنا بس أفهمناه الوضع فانسحب بعكس كل إللي حوله".
آه تقصد المشهد إللي كنتم بتضحكوا فيه مع بعض وانتم بتتفرجوا على حاجة، صحيح إنتم كنتم بتضحكوا على إيه وقتها لما كنتم في غرفة العمليات؟ أشعر بيد تخينة تلتف حول رقبتي وترفعني من كرسي وتخرج بي من باب الحجرة، فصرخت بصوت عالي: آي سيادة المشير، إحنا في بلد ديمقراطي وثوري، وبأسألك إنت صحيح قلت لـ"كارتر" ما قلته؟ طب لو كنت قلته إزاي تطلع واحد من رجالتك تيت لما قال في المؤتمر الصحفي إن الفيديو صحيح وبيتحقَّق فيه؟ وأنا معلَّق في الهواء واليد تزداد ضغطها على رقبتي وأنا أرفص برجلي وأقول: سيادة المشير، جاوب على أي سؤال سألته لحضرتك، مش معقول كده، حاموت قبل ما أسمع إجابة واحدة..
وها أنا أخرج من الردهة وأسمع المشير يقول بصوت عالي لنفسه ولمن حوله: "كارتر ده أحرجني، يا أطلَّع عمارة بيضحك عليهم ياأطلع أنا تيت أدامه، يا أتيت مرة تانية وأقول إني ما قلتِش حاجة، أعمل إيه؟ أرموه بره".
أسمع كلماته الأخيرة وأنا أطير في الهواء، وقبل ما أرتطم بالأرض بعنف ويصدر صوت قعقعة في عظامي، أصحو من النوم متألمًا، وأكتب المقال وأرسله لحضراتكم متمنيًا أن تنزلوا الميدان إن لم يجب المشير على ولو سؤال واحد مما سألته له.. ماشي؟ اتفقنا. أشوفكم بكره لو لسه فيه عمر.
المختصر المفيد، الشرعية في الميدان مش في البرلمان.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :