الناشط احمد دومة : الصديق الذى لا يعرفنى
بقلم : رامى حافظ
يتابع النشطاء فى الحركات المعارضة تفاصيل قضية الناشط احمد دومة وكأنها قضيتهم الخاصة لكل منهم ، فبعد ان كان الشباب الطاهر كما كانوا يصفونا بها بعد نجاح الثورة أصبحنا متهمين ومحبوسين على ذمة قضايا لها علاقة بالتأمر على مصر أو التطاول على السلطة القائمة على أعتبار ان الثورة لم يكن فى شعارها كلمة الحرية ، فنحن الذين جعلناهم رجالاً بعد ان كانوا أشباه رجال كما كانوا يقولون بلسانهم بل كانوا مخصيين ، أكتب هذا المقال الغاضب فى ظل الأنباء التى تتداول كل يوم عن أى ناشط أما متهم أو مقبوض عليه أو مقتول أو ربنا يستر عليهم ( يسرى فودة ) .
• حركة شباب من اجل العدالة والحرية :
قرأت تأسيس هذه الحركة فى شريط أخبار قناة الجزيرة – مصدر معلومات كل النشطاء – وقد أندهشت حيث أننى أدعى أن متابع ومهتم لكل الحركات المعارضة وخاصة الشبابية ، وقد بدأت الاهتمام بها ومتابعة الأخبار التى تتداولها مواقع الانترنت والصحف عن هذه الحركة والمسئولين عنها وتحركاتها ومواقفها الوطنية ، أشهد انها كانت نموذجاً للشباب العظيم المؤمن بالعدالة فقد بدأت تتداول بعض اسماء الشباب المسئول عنها واكتشفت انهم مجموعة الشباب المعروفين الذين كانوا فى حركات معارضة سابقة ككفاية وشباب من اجل التغيير و6 ابريل وغيرها من الحركات ولكن ما يميزهم أنحيازهم للفقراء والطبقات الكادحة ، وهو ما يفسر حقيقة أسمهم المميز والواعى والذى تميزت به الحركة عن كافة الحركات الاحتجاجية .
تأسست الحركة فى يوليو 2010 من الشباب الذى شارك فى كافة المظاهرات والحركات التى كانت فى عهد المخلوع وكان يتم التنكيل بالجميع كالمعتاد ، وجاءت الدعوات لثورة 25 يناير والتى شاركت فيها الحركة كباقى الحركات الأحتجاجية وكان لها دوراً عظيم فى الحشد والتنظيم وإدارة الميدان أثناء الثورة لكنها وكباقى الحركات مشغولة الآن بخروج اعضائها من السجون والمعتقلات والوقوف امام حملات التشويه الاعلامى ، والذى يأتى فى أطار الحملة المنظمة التى يقودها المجلس العسكرى لتشويه كل تيارات الثورة من أشخاص أو حركات أو كيانات حتى تنتهى لتصبح أنتفاضة من الماضية لأعادة دورهم فى الحياة السياسية بعدما تخازلوا هم على كافة المستويات بما فيها الدفاع عن دورهم فى الحياة السياسية الذى صمموا من اجله من عهد محمد على مؤسس الدولة الحديثة فى مصر .
• سرقة أسم الحركة :
كل الحركات الأحتجاجية التى ناضلت ضد نظام مبارك تعرف جيداً مصيرها وحجم الماسأة التى تنتظرها بينما يضاف لحركة شباب من اجل العدالة والحرية مصيبة آخرى وهى سرقة أسمها ، فوجئ الجميع وكل المتابعين للعمل السياسى فى مصر عن تأسيس حزب سياسى يحمل نفس أسم الحركة وانه لجماعة الأخوان المسلمين وبالتحرك للتنبيه على الجماعة صدم الجميع بسبب العند والتصميم فى المضى قدماً فى السرقة بل والتأسيس والتعامل على انه أختراع الجماعة .
• ثورة 25 يناير :
جاءت الدعوات ليوم 25 يناير كعادة حركات المعارضة فى التظاهر فى هذا اليوم للتعبير عن حجم الغضب الذى نكنه جميعاً ضد الشرطة المصرية وممارستها تجاه المواطن العادى بشكل عام والنشطاء بشكل خاص ، وجاءت ثورة تونس تلك البشارة التى تعتبر كنبؤة عيسى عليه السلام حيث صمت الجميع وارتاح المستبدين بينما الفقراء والمساكين يشكون من ظلم وجبروت الحاكم والمعارضون الذين ناموا فى حضنه .
وجاء يوم 25 يناير وكباقى شباب مصر شاركت فى المظاهرات وقد كنت لازالت عريساً جديداً وزوجتى وفوجئنا جميعاً بحجم استجابة شباب مصر الراغب فى الحرية والكرامة ، نعم كنا ندعو على الفيس بوك وتويتر لثورة ضد الظلم والطغيان وقد تواصل العديد من النشطاء بشباب ثورة تونس العظماء لمعرفة أساليب المواجهة مع رجال الشرطة والتعامل معها وبالفعل قدموا لنا الكثير والكثير من المعلومات والأساليب المهمة فى التعامل الخشن مع الشرطة ، هذا الحديث هو العكس تماماً لكل التحليلات السياسية التى تدعى ان يوم 25 يناير لم يكن دعوة للثورة أو أننا لم نهتف بسقوط النظام تلك الدعوات التى تمهد الطريق جيداً للثورة المضادة وعودة النظام الجديد .
وقد كنت انا وزوجتى نقف فى قلب الميدان ( الصينية ) ونهتف بالعدالة وبسقوط مبارك ونظامة والغاء حالة الطوارئ وكان البعض يبكى ولم نصدق أنفسنا فى ان قوتنا فى عددنا كما قال لنا زعيم هذه الثورة الدكتور محمد البرادعى رمز التغيير والارادة ، كنا نهتف بسقوط النظام من بعد أذان العصر وبتصميم الشعب يريد أسقاط النظام كلا منا يشجع الآخر ويتصل بأصدقائه من البيوت وكان شباب الحركات يمرون فى وسط الشباب ليقدموا لنا النصائح والتعليمات التى علينا فعلها كمثل الاتصال بأصدقائنا والتحفيز وجمع الأموال من اجل الأكل والشرب .. الخ .
وجاء أذان العشاء وهنا برز دور الحركات الأحتجاجية الداعية للثورة ونشطائها فى الدعوة الى المبيت فى الميدان بعدما بدأ الميدان ينفض تدريجياً ، وقد كانت فكرة ان الفتيات التى تمر على أنحاء الميدان بدعوة الحاضرين للمبيت ( الجدع جدع والجبان جبان .. واحنا يا جدع هنبات فى الميدان ) دوراً مهماً فى تشجيعنا على المبيت ، وقد كان للمهندس ممدوح حمزة دوراً عظيماً فى الأنفاق على متطلبات الميدان دون تركه وكما دمعت عيونى عندما شاهدته يقف امام سيارات الامن المركزى التى تقدمت داخل الميدان وينادى الشباب بالوقوف ضدها وهو معانا على عكس العديد من رموز المعارضة المطالبين ببقاء العسكرى سنوات من اجل المرحلة الانتقالية والذين جاءوا للميدان وتركوه .
• الموقف الذى جمعنى مع دومة :
يعلم الجميع ان موجات القنابل المسيلة للدموع كانت على فترات كانت خفيفة على عكس المرة الأخيرة التى أشتد فيها الضرب مع فتح منافذ الميدان لهروب الشباب الموجود فى الميدان وتفريغه ، وقد كانت المرة الأخيرة التى أنهت المبيت فى الميدان جاءت بعد منتصف الليل وجاء حظى انا وزوجتى مع المجموعة التى كان يقودها احمد دومة حيث لم نكن نعرفه قبل ذلك فقد دخلنا شارع مول البستان ، وقد حاول احمد الاتصال بقادة الحركة لمعرفة اى معلومات ولكن للأسف أنقطعت الاتصالات وبدأت تظهر مجموعات شبابية حولنا تثير الرعب بيننا وبمجرد ذكر أسمه أمامى أنتبهت وتذكرت الاسم الذى كنت أقرائه قبل الثورة ، وحاولت تنفيذ نصائحه دون تدخل او مناقشة فقد كنت أعلم ان الحركات التى تحولت فيما بعد لأئتلاف شباب الثورة لديها خطط فى حالة الطوارئ مثل التى كنا فيها .
وأشهد كما كان هذا الرائع احمد دومة سلمياً يدافع عن الممتلكات ويرفض التخريب ويهدئ الشباب الذى كان معانا ولم يكن مسيساً قبل ذلك وأستحمل الضغط الذى مارسناه جميعاً فى ماذا نفعل ؟
كما كان صبوراً وضاحكاً كالضحكة التى نراه جميعاً فى صوره التى تنشر اثناء محاكمته كلما رأته عدسات المصورين وظل يحاول ولكن قدرات الشرطة المصرية والتى أستخدمت الغاز بكثافة كانت فوق احتمالنا وتفرقنا ، وساعدتنا يومها احد السيدات الأمهات التى كانت زوجة لآحدى البوابين وادخلتنا بيتها فلم تكن زوجتى تساعدنى على الجرى وخفة الحركة نظراً لحملها الذى كنا لا نعرفه .
احمد دومة الآن يحاكم وتأجيل وراء تأجيل ولا أعرف سبباً مقنعاً لكل هذا المهانة لشباب الثورة .
صديقى احمد الذى لا يعرفنى اكتب اليك هذا المقال وانا ابكى بالدموع من أجلك فلا أعرف كيف أتضامن معاك الا بكتابة هذه السطور من أجلك .
صديقى احمد كم أشعر بالعار فبدلاً من تكريمك كبطلاً من أبطال ثورة يناير التى حررت مصر من الظلم والطغيان بما فيها جيشنا العظيم وقياداته الموالية لمبارك التى تنكل بنا جميعاً ، أصبحت تحاكم وتعامل كالمجرمين أمثال مبارك والعادلى ونظيف أو حتى المشير الذى لم نحاكمه حتى الآن .
صديقى احمد كلما اراك فى لبس المساجين الأبيض اراك وكأنك ملائكاً هبط من السماء جاء ليحررنا فقمنا بحبسه ومحاكمته بتهمة تحريرنا .
صديقى احمد أسالك وانت خلف القضبان من أين تأتى بهذه البسمة الملائكية والمخبرين ورجال الشرطة حولك يحاولون السيطرة عليك .
صديقى احمد أسالك وبحق كيف ترفع يديك بعلامة النصر وانت مسجون وتحاكم مثلك كمثل مبارك المخلوع .
صديقى احمد من أين تأتى بهذه الارادة العظيمة فى مواجهة المجلس العسكرى وانت وحدك وكل الذين معاك ويهتفون من أجلك عشرات من الشباب يعلمون جيداً ان هذا مصيرهم ايضاً .
صديقى احمد اكتب هذا المقال تضامناً معك بحكم الدقائق التى تعرفت عليك فيها فى شارع مول البستان وأعطيتنا شحنة من الشجاعة والمقدرة جلعتنا نحارب من اجل ان تنتصر ثورتنا العظيمة .
• صديقى احمد اشكو اليك حالنا :
قد أنسحب البرادعى وكاد ان يقتل ابو الفتوح .
قد أصبح توفيق عكاشة مناضلاً بسبب مناهضته لثورتنا .
وقد ترشح للرئاسة قاتل زملائنا فى ميدان التحرير رئيس وزراء موقعة الجمل .
قد ترشح ايضاً عمرو موسى للرئاسة ذلك الجبان الذى سكت وأيد مبارك فى وجوده وأصبح مناضلاً عظيماً .
هل تعرف يا عزيزى ان أكثر من رجل فى جهاز المخابرات العامة أعلنوا ترشحهم للرئاسة ؟ ذلك الجهاز الذى سكت وترك مصر مرتع للجواسيس فى عهد مبارك .
هناك الكثير من الحكايات التى أشكوها ولكنى أعرف ان وقتك قصير جداً لأنك مشغول بحياتك تلك هى القضية فبعد ان كنا مشغولين بحلم مصر الديمقراطية التى تراعى مواطنيها أصبحنا مشغولين ببقائنا ولكنى يا صديقى أبشرك هناك من الشباب الذى لديه من الصبر والقدرة لازال مصمماً على أسقاط حكم العسكر وانجاح الثورة ، وكلما دعوناهم للنزول يأتون الينا لمساندتنا الا أنهم فى تناقص مستمر فمنهم من قتل ومن شرد ولازال الباقى ينتظر دوره فى طابور طويلاً ينتهى دورك سريعاً حيث ان القتل الان أصبح بالسير بالمدرعات .
صديقى احمد قد تغير هتافنا من الشعب يريد اسقاط النظام الى يسقط يسقط حكم العسكر ، فهل تعلم ذلك؟
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :