جديد الموقع
أخلاق للبيع
بقلم: مينا ملاك عازر
أعرف عزيزي القارئ أنك لا تستطيع الاستفادة من هذا المقال إلا أن تقرأه، فلو كان هذا في جريدة ورقية لكنت فرشت عليه طعامك أو مسحت به زجاج سيارتك أونافذتك، أو دفأت به صدرك في حالة البرد لا قدر الله، لكن نحن في زمن التكنولوجيا، علينا أن نتعود أن نلتقي في الشبكة العنكبوتية ونحترمها، ونقتل حشرة العنكبوت ونحتقرها، وهذا هو حال الدنيا، من يبيع أرضه يكسب ويصبح رئيس جمهورية، وإن لم تجدوه ولن تجدوه اسألوا ولده الذي أصبح خير خلف لأبيه الذي باع أرضه، ويثبت هوالآن إن اللي خلف ما ماتشي، فالأسد باع الأرض والشعب، والأبن يقتل اليوم الشعب، والساسة الذين يأتون على الدبابات ليحكموا البلاد لا يهمهم الشعب، فلا يرون في الشعب أهمية ليحترمونه عليها.
ولا داعي أن أشغل بالك بعائلة الأسد فهم أقل من أن أكتب لحضرتك عنهم، وحضرتك أهم من أن تدور بيننا نقاش حول ذلك، لكن على أي حال البيع صار سمة بين الكبار وتعودناه، لكن الصغار كمان دي بقى إللي صعبة وكبيرة على أمثالي فهمها، فمن أنكر أن الجيش أجرى كشوف فحص عذرية فهو شخص باع أخلاقه، وكنت أنتظر من ذلك المجند الطبيب الذي يقول أن أهله ربوه وعلموه وطفحوا الكوتة لغاية ما خلوه في هذه المكانة أن يعترف أنه فعل ذلك مجبراً أو لأن ذلك نظام الجيش، وأنا مجرد مجند ليس لي أن أعترض على التعليمات، وكنا حينها سنرفع له القبعة، ويدلنا على الرأس الكبيرة المؤذي، منتهك الحرمات والخصوصيات، لكن صاحبنا باع أخلاقه في سبيل مستقبله وعلمه ومكانته، وفي الوقت الذي اشترت البنت شرفها ولم يهمها نظرات الناس ووقفت تدافع عن نفسها وعن شرفها ولم يهمها نقد ضعاف النفوس لها، اختار الطبيب أن يتوارى وينكر كطفل صغير فعل فعلة ويأبى الاعتراف بجرمه، كأنه خائف من أن يضربوه على يده أو يضعوه في حجرة الفئران، اختار تملق أصحاب السلطة في سبيل مجده، ونسى أصله المدني الذي عاد إليه ورغم ذلك استمر في مكابرته.
عزيزي القارئ، عندهم أخلاق للبيع تشتري، لكنني لا أنصحك أن تفعلها فهي متدنية فالأخلاق التي تستنكر على البنت الدفاع عن شرفها، وتنكر عليها ما قالته هي أخلاق وضيعة، مع أنك لو فكرت ببساطة تكتشف أنه لا توجد بنت أياً من كانت تستطيع أن تقدم على ما فعلته سميرة إبراهيم إلا إذا كانت فعلاً تعرضت لهذا الظلم البيِّن، فالظلم ذاته ومرارته هي التي تدفعان بنت شريفة وكريمة على أن تغامر بسمعتها لتنقذ بنات جيلها من براثن من باعو أخلاقهم. أنا لا اعرف كيف للقاضي أن يرتكن لشهادة شهود قد تكون متضاربة لظروف، ولم ينتبه إلى أن البنت لا يمكن أن تفعل هكذا إلا إذا كانت قد ذاقت مرارة القهر، مما حدى بها إلى أن تجاهر بما فعلوه بها، تباً للأوراق والشهود إن كانوا لا يشعرون بنفسية تلك البنت التي انكسرت على يد جيش بلدها الذي من المفترض أنه يكون لحماية العرض والأرض، ولكن نعمل إيه في من عرضوا أخلاقهم للبيع، يا حضرة أخلاق للبيع تشتري؟!
المختصر المفيد أين أخلاقكم؟! تباً لأمة جعلت تعليمها قبل أخلاقها.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :