الكاتب
جديد الموقع
الرجل الذى تربع على عرش القلوب
بقلم: حنان بديع ساويرس
تراه فى الأزمات والضيقات قوى فنظرته ثاقبة وحازمة ففى الحق ليس مُراوغاً ولايخشى لومة لائم أو لئيم بل ضيغم كما قال هو فى أحد أشعاره " أن كل قبطياً وديعاً إنما فى الحق ضيغم" فيتحدث بثقة وإيمان بوعود الله فلم يَحدُث يوماً ما أن سَمِعناه يتفوه بتصريحات ثم فى وقت لاحق نسمعه يُصرح بنقيضاً لها ولو بعد سنوات ، فما يطرحه من رأى يخص قضية ما من خلال حوارات له مُنذ سنوات نراه ثابتاً عليه عندما نسمع له حواراً حديثاً ويُسأل نفس السؤال عن نفس القضية فلا نجد منه سوى نفس الإجابة، فهو ليس بمتغيراً حسب الأحداث أو الظروف ومن يتابعه جيداً يعلم ذلك .
* تجده بشوشاً فمن ينظر إبتسامته لا يرى سوى إبتسامة طفل برئ لم يرى قسوة أيام أو شقاء سنون أو ضيقات وهموم ومشاكل أجيال وهجوم على شخصه وأوجاع وآلام وأمراض فرغم كل ذلك لم يفقد سلامه أو يحرمنا من إبتسامتة المعهودة التى تُمثل لنا جسر الأمان والسلام ، فعندما نراها ترتسم على ملامح وجهه نشعر بأنها تحمل معها الإنفراجة ، حتى ضحكته المسموعة أشعر أنها تخرج من قلب أبيض كالثلج ملئ بالطيبة والمحبة والتسامح لا يعرف الحقد أو الضغينة ويخلو من الكراهية أو الإنتقام ،فلم أسمع مثلها إلا من الأطفال صغار السن أصحاب القلوب الخضراء التى لم تخدش الدنيا أذهانهم أو قلوبهم بأتعابها وأحزانها ومُفارقاتها ، فأتعجب لأننى لم أرى أو أسمع فى حياتى قط مثل هذه الإبتسامة أو تلك الضحكات من الكبار التى أمتلئت حياتهم وصدورهم بالهموم ولا سيما هو الذى ليس بمسؤول عن نفسه فقط بل يتحمل مسؤولية ملايين النفوس ، فهذه الإبتسامة وتلك الضحكات لا تخرج إلا مِن قلب عرف الله وأتكل عليه بكل جوارحه وحواسه ويضع فيه كل ثقته ويلقى بين يديه حياته ويترك له تدبير كل الأمور وإلا ما كان أحتمل "بغير معونة إلهية" كل ما يحدث له ولشعبه ،فما يتعرض له من ضغوط لو أجتمع عليها فريق يتكون من ألف شخص ربما أصابهم أمراض أقل ما فيها هو الإكتئاب الذى إذا أصاب إنسان فقد يبعد عنه الإبتسامة المُجاملة التى تُرسم رسماً على الشفتين وليست الإبتسامة التى تخرج من القلوب، فتلك الإبتسامة عندما نراها تستريح قلوبنا وتهدأ نفوسنا المُرتاعة وكأنها تحمل بين طياتها البلسم الشافى أو الترياق المُداوى لكل جراحتنا وآلامنا فإبتسامته تخرج من القلب لذلك تصل للقلب ، فمُعظمنا بعد تعرض الكنيسة لمحنة أو مشكلة كبرى ينتظر بلهفة يوم الأربعاء الذى يتواصل فيه قداسة البابا شنودة مع شعبه حتى يعرف رد فعله فنجد إبتسامته تسبق كلامه فيتجدد الأمل بنا والرجاء فى نصرة الله القريبة وقصاصه من كل ظالم وجانِ ، فهو قديس العصر وحقاً عن جدارة هو مُعلم الأجيال وصوت صارخ فى البرية فننتظر تعليقاته كأنتظار الرضيع لأمه حتى تحتضنه بعد وصلة من البكاء المرير، فهو الشاعر المُرهف الحس والمشاعر، وهو الأب والقائد والراعى، فيصلى من أجل أقباط مصر كلا بل يصلى من أجل مصر ومن أجل كل شعب مصر الذى باركها السيد المسيح له كل مجد بإقامته فيها هو والعائلة المُقدسة ما يزيد عن ثلاثة سنوات ونصف وقال عنها " مُبارك شعبى مصر".
كما من مرة نرى هذا العملاق جبار البأس يبكى على ما يحدث لشعبه من ضيقات وظلم وقهر وقمع وقتل ، لكن رغم ذلك لم نجده أبداً ضعيفاً فما أقوى الرجال فى نظرى عندما يشعرون بمتاعب أحبائهم فيتأثرون باكون من فرط حساسية مشاعرهم فبكاؤه على أحوال شعبه تهتز لها أركان السماء فتستجيب لهذا الرجل الذى طالما ظُلم هو وشعبه ولاسيما فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات الذى بدوره حدد إقامته بدير الأنبا بيشوى بعد الأحداث الطائفية الدامية الشهيرة بأحداث "الزاوية الحمراء" والتى إنتهت بنهاية السادات فى حادث المنصة الشهير "فمُخيف هو الوقوع فى يد الله العادل" ولا يختلف الأمر كثيراً لما حدث للرئيس المخلوع مُبارك فكانت نهايته بعد إنذارات كثيرة قيلت على فم قداسة البابا شنودة ولا سيما بعد أحداث نجع حمادى والقديسين والتى بعدها إنتزعته يد الله القوية من على كرسيه هو وكل رجالاته المُدبرين لهذه المجازر القبطية ، فلا أنسى مشهد المُتطرفين الذين كانوا يهتفون بألفاظهم النابية على قداسته ومُستهزئين بصوره قبل نهاية عهد المخلوع بشهور وهو ماحدث له بالحرف الواحد لأنه إستهان وصمت عن الإستهزاء والمهانة التى لحقت برجل الله ، وسنرى سريعاً نهاية هؤلاء المأجورين خصيصاً لإهانة قداسته .
فيشهد له المُسلمون قبل الأقباط والكثيرون منهم يتسابقون على نيل بركته وطلبهم منه الدعاء لهم لإنجاح طريقهم فرأينا د. يحيى الجمل كيف يُقبل يد قداسته كما يفعل أبناؤه الأقباط وكيف تبارك النائب محمد أبو حامد منه وأكد ذلك عندما هاجمه بعض المُتعصبين قائلاً لهم " حلت على البركة ولى الشرف أن يصلى لى قداسة البابا شنودة" وقد قال الأستاذ مصطفى أحد ضيوف برنامج " فى النور" منوهاً على وقفة الصلاة بالكاتدرائية يوم الأربعاء الماضى الخاصة بطلب الشفاء له من الهو قائلاً أننا من نريد أن يصلى قداسته من أجلنا ويدعو لنا بل يدعو لمصر حتى تمر من ما هى به وليس نحن الذى ندعو له ، فهو حقاً ليس بابا الأقباط فقط بل بابا العرب كما أُطلق عليه لأنه يحب الجميع ويتعامل مع الجميع بنفس الأبوة وقبل كل شئ يحب مصر التى قال عنها أنها " وطن يعيش فينا وليست وطن نعيش فيه".
ففى شدة وطأة مرضه نجده يخرج الأسبوع الماضى حتى يُطمئن شعبه أنه بخير ويصر على تواجده بينهم بالعظة الأسبوعية لأنه يعلم جيداً مدى قلقهم عليه فغلبه الألم ، لكن بمشيئة الله وصلاة ودعاء جميع المصريين سواء الأقباط أو الأحباء المُسلمين سيعود لنا سالماً ليرسم البهجة على وجوهنا مُجدداً ويملأ قلوبنا بالفرح والسعادة فأرجو أن يدعو له جميع المصريين وأحباؤه فى كل العالم بالشفاء العاجل القريب ، فالرب يحفظك يا أبى لأننى حقاً أعتبرك أبى الذى تفتحت عيناى على رعايته وأبوته فمثلى مثل أبناء وبنات جيلى ولدت فى عهد قداسته ونشأت فى حبريته لأجده كأبى فى الجسد وبعد إنتقال أبى بالجسد لا أجد لى أباًَ سواك فيطيل الله لنا عمرك ويشفى كل أمراضك ، الذى يفدى من الحفرة حياتك ويكللك بالرحمة والرأفة، الذى يُشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك فعُد لنا سريعاً أبى لأننا نحتاجك ونحتاج لصلاتك من أجلنا رغم أننى أعلم جيداً أنك تصلى من أجلنا حتى فى مرضك هذا لأننا نسكن بقلبك كما قلت قداستك من قبل أنك عندما تسافر " تترك قلبك معنا" وأنت أيضاً ياأبى تقطن بقلوبنا سواء أثناء وجودك بالخارج أو داخل مصر ، فكما أحببتنا نحن نحبك أيضاً " فشعبك بيحبك يا حبيب الملايين".
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :