الأقباط متحدون | أوقفوا تسييس زيارة القدس
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:١٧ | الثلاثاء ١٠ ابريل ٢٠١٢ | ٢ برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٢٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

أوقفوا تسييس زيارة القدس

الثلاثاء ١٠ ابريل ٢٠١٢ - ٣٠: ٠٩ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم منير بشاى – لوس أنجلوس

كلما حل على الاقباط عيد الميلاد أو القيامة يعود للاذهان القرار الذى اتخذه قداسة البابا شنودة الثالث بمنعهم عن زيارة القدس. وزيارة القدس تقليد قديم تعودوا القيام به منذ دخلت المسيحية أرض مصر وتوقف بعد استيلاء اسرائيل على القدس فى يونيو 1967 وجاءت امكانية عودة الزيارة بعد توقيع معاهدة كامب دافيد سنة 1978 مع الاتفاق على عودة التطبيع بين البلدين.  ولكن تم رفض العودة للزيارة بقرار من قداسة البابا شنودة. 
بداية أؤكد اننى أفهم جيدا الخلفية التاريخية التى دعت قداسة البابا شنودة الى اتخاذ القرار فى ذلك الوقت. وأعترف ان القرار ينم عن حنكة سياسية وبعد نظر ووطنية من جانب قداستة جنبت الأقباط كثير من المشاكل. وحتى نفهم الأمر بطريقة موضوعية علينا ان نسترجع بعض تفاصيل تلك الفترة من تاريخ مصر.
 
يسرد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل خلفية القرار فى كتابه خريف الغضب فى صفحة ٤٥٣، ٤٥٤.  وبإختصار، كانت مصر قد وقعت معاهدة كامب دافيد مع إسرائيل والتى بمقتضاها إسترجعت الأراضى المصرية التى كانت إسرائيل قد إحتلتها. وكانت نصوص الإتفاقية تنص أيضا على تطبيع كامل للعلاقات بين مصر وإسرائيل بما فى ذلك تبادل الزيارات والسياحة. كانت هذه الإتفاقية تدعو إلى نقلة كبيرة فى العلاقات بين الشعب المصرى وإسرائيل لم يكن الشعب المصرى مهيأ لها نفسيا بعد كل الحروب بين البلدين والشحن الإعلامى المكثف للشعب المصرى ضد اسرائيل لمدى عقود. وكان الرئيس السادات تحت ضغط متواصل من الإسرائيليين لتنفيذ نصوص الإتفاقية من ناحيته. وكان يحس أنه فى موقف حرج لأنه كان قد وعد الإسرائيليين بتطبيع كامل وفوجئ أن جماهير الشعب المصرى والعربى لم تكن متقبلة لهذه الخطوة، وكان يحس أنه غير قادر على تنفيذ وعوده. 
 
وهنا طرأت على السادات فكرة إعتقد أنها المخرج له من هذه الورطة. فقد تذكر أنه قبل سنة ١٩٦٧عندما كان الطريق من مصر إلى الأماكن المقدسة مفتوحا أنه كان يذهب ما بين أربعين و خمسين ألف قبطى من مصر لزيارة  القدس سنويا. وكان السادات يعتقد أن الحل هو عودة هؤلاء الأقباط إلى زيارة القدس. وهذا العمل كان سيؤدى فى اعتقاده إلى مجئ السياح الإسرائيليين إلى مصر وبالتالى يكون قد تمم بنود الإتفاقية بخصوص عملية التطبيع. 
 
ولكن المفاجأة الكبرى للسادات أن قداسة البابا رفض هذه الفكرة وكان رده على رسالة السادات حازما وقاطعا وهو "أرجوكم إبلاغ الرئيس السادات أننى لا أرى الوقت مناسبا لتنفيذ إقتراحه" وأضاف البابا شارحا أسباب رفضه "إن المشاكل التى تفصل مصر الآن عن بقية العالم العربى سوف تحل فى ذات يوم، وأنا لا أريد أن يكون أقباط مصر هم خونة الأمة العربية حينما تعود المياه إلى مجاريها بين شعوب هذه الأمة وبالتالى فأنا لا أرى الوقت مناسبا الآن لاستئناف سفر الأقباط إلى القدس.  ويضيف هيكل عن رد فعل قرار البابا على السادات بالقول: "وإستشاط السادات غضبا. كان إلحاح الإسرائيليين يزداد عليه كل يوم، وبدا أمامهم عاجزا عن تنفيذ ما وعده، وكانت خشيته أن تبدو سلطته أمامهم وكأنها غير نافذة".
 
 لا خلاف على ان رد قداسة البابا على الرئيس السادات وقراره بمنع الحجاج الأقباط كان أمرا ضروريا فى ظل الظروف السياسيةالسائدة فى ذلك الوقت.  ولكن الأمر قد يختلف بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود من اتخاذ القرار، وبعد تغيير الكثير من المعطيات التى أملت هذا ومنها:
1-الحظر على زيارة الأقباط للقدس لم يكن له تأثير ايجابى على القضية الفلسطينية، كما ان الغاء الحظر سوف لا يكون له تأثير سلبى على القضية. التأثير كان مجرد شكلى رمزى.
2-العقاب الذى فرض على من خالف القرار لم يكن منطقى. فالقرار كان لمساندة الفلسطينيين فى نضالهم فى القضية الفلسطينية، بينما كان العقاب هو القطع من الكنيسة والحرمان من ممارسة الطقوس الدينية مثل التناول. والمعروف ان هذا عقاب من ارتد عن الايمان المسيحى وانكر أساسياته. فهل يعقل ان يطبق هذا العقاب على انسان كل ما عمله من جريمة هو زيارنه لقبر السيد المسيح؟ 
3-العقاب لم يساعد على اصلاح المخطىء بل تسبب فى ايذائه واقصائه. والمعروف أن فلسفة العقوبات فى المفهوم الحديث هى تقويم المخطىء وتشجيعه على العودة مرة اخرى الى صوابه.  ولكن العلاج المقترح بقطع المخطىء وحرمانه من الاسرار هو كمن يعاقب المريض بحرمانه من تناول الدواء.
4-ثم ان هذا الحظر الموضوع والعقاب الصارم لم يمنع من أراد ان يزور الأراضى المقدسة من ان يعمل هذا ويتحمل المخاطرة.
5-صحيح ان المسيحية ليس بها فريضة الحج للقدس أو أى مكان آخر. ولكن زيارة الأماكن التى مشى عليها السيد المسيح هى اختبار جميل لا يمكن تعويضه. يجعل لقرائتنا لهذه النصوص فى الانجيل أبعادا جديدة وتصيرها حية فى أذهاننا.
 
لقد حرم الأقباط من زيارة الأماكن المقدسة الآن ما يقرب من 45 سنة وليس هناك ما يوحى ان الوضع سيتغير قريبا، فهل من العدل حرمان أجيال بكاملها تولد وتموت دون ان يروا الأماكن التى عاش فيها السيد المسيح؟
 
ولعل صميم المشكلة يكمن فى تسييس وضع كان يجب ان يبعد تماما عن السياسة. يجب فصل هذه الزيارة عن أى رابطة لها بالسياسة فزيارة القدس اختبار دينى بحت وليس معناها بيع القضية الفلسطسنية أو قبول الاحتلال الاسرائيلى. وهى لا تعنى أن الاقباط يؤيدوا اسرائيل أو يعادوا الفلسطينيين أو يقبلوا الأوضاع المأسوية التى يعيشونها منذ أن تركوا ديارهم ليسكنوا فى مخيمات كلاجئين. وكأقباط نرفض ان نوضع ا دائما موضع المشكوك فى وطنيته وولائه، والذين يتحتم عليهم دائما ان يقدموا البرهان على انهم ليسوا خونة. نرفض ان ينظر لنا أننا مذنبين الى أن تثبت برائتنا، أو خونة حتى  نثبت وطنيتنا.
أدرك مدى الحرج أن يقوم المجمع المقدس أوالقائم مقام البطريرك بتعديل قرار حظر زيارة القدس فور نياحة البابا شنودة فيظهروا بذلك وكأنهم أقل وطنية منه. ولذلك أترك الأمر لحكمة البابا الجديد لإتخاذ ما يراه مناسبا، فليس معقولا ان يستمر هذا القرار الى الأبد. وقد يكون المناسب الآن استمرار اعتبار القرار الموقف الرسمى للكنيسة ولكن دون توقيع عقوبات على المخالفين. فلا أتصور كيف يعاقب من زار قبر السيد المسيح مثل من أنكر الايمان.
Mounir.bishay@sbcglobal.net




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :