الأقباط متحدون | الــفــنــانــة الجزء العاشر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٧:١٢ | الخميس ٢٦ ابريل ٢٠١٢ | ١٨ برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٤٢ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الــفــنــانــة الجزء العاشر

الخميس ٢٦ ابريل ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 تأليف: انطوني ولسن/استراليا

 
[جلس رامي مع صديقته الاسترالية «ليزا» في مكانهما المفضل في حديقة «هايد بارك». ظل واجما شاردا بعد أن تعبت «رجليه» وهو يبحث عن صاحبة الصوت التي تحدثت باللغة العربية ثم اعتذرت باللغة الانجليزية، عرف صاحبة الصوت التي التقى بها منذ عام تقريباً دون ان يعرف اي منهما اسم الآخر.
 
شعر وهو مطأطئ الراس بوقوف انسان امامه.. رفع رأسه رآها.. هي بلحمها وشحمها.. دار الحوار بينهما وتم التعارف بينها وبين «ليزا» صديقته. وصلنا الى سلوى وهي تقول له...]
 
سلوى: احنا حنفضل واقفين وسايبين ليزا قاعدة لوحدها كده.
رامي: اتعودت على اني لما اتكلم مع اي حد من مصر او من بلد عربي ما تتدخلش.
سلوى: ايوه.. بس انا واحدة ست.. واللا انت مش شايف كدا.. ضحك رامي وضحكت سلوى وقال:
رامي: لا.. اسمحي لي اقولك.. مش بس ست.. دا انت تعتبري أجمل ست شفتها في سدني.
سلوى: سيبك من البكش ده. انا مرات دكتور. وما يضحكش علي.. 
رامي: لا.. صدقيني.. انا معرفش ليه حسيت بارتياح معاكي.. حسيت فيكي اختي اللي فاقدها هنا في الغربة.. سامحيني.. يمكن اكون اتكلمت كلام مش من حقي اتكلمه. دي اول مرة نتقابل فيها بالصدفة بعد سنة من مقابلة برضه بالصدفة.. بس حصل كلام وشعرت بالشعور ده.
سلوى: طيب يا سيدي.. انا اختك وانت اخويا.. ودي حا تعرف ازاي.. مش ست برضه واللا الاستراليات غير كده.
رامي: لا.. لا.. انا بحبها.. بحبها حقيقي.. اتمنى فعلا نكون اصدقاء.. على الرغم من الفارق الاجتماعي اللي بينا.
 
قاطعته قائلة:
سلوى: ارجوك يا رامي.. انا فعلا استريحت لك وفعلا نفس الاحساس اللي عندك.. عندي. انا بحب الناس. لكن هنا.. هنا في استراليا خايفة منهم مش مستريحة لحد.. ماليش اصدقاء او صديقات. ما فيش حد استريحت له غير اثنين ستات اخوات. واحدة منهم اهدتني الكلب ده وانا باعتز بيه جدا. وبرضه قابلتهم بالصدفة.. على الرغم انهم ما بيتكلموش عربي كويس.. الا انهم حقيقي باعتبرهم صديقات.
رامي: ليزا تستريحي لها كمان.. انسانة بحبها وبتحبني وبفكر جديا في الزواج. على فكرة انا مش راجع الشغل.. اخذت بقية اليوم اجازة، معرفش هي تحب ترجع الشغل تاني والا لا..
 
نظر رامي الى ليزا وقال:
 
رامي: ما رأيك هل ستعودين الى العمل؟
ليزا: نعم سأعود الى العمل.. وأنت!..
رامي: لا.. لقد استأذنت بقية اليوم.
ليزا: لما يا رامي؟
رامي: لاني كنت مرهقاً.
 
ليزا: اوكي.. سأعود الى العمل. وانت هل ستنتظرني أم تعود الى المنزل وحدك؟
رامي: سوف انتظرك.
ليزا: «محدثة سلوى» سعيدة بلقاءك.. الى اللقاء.
سلوى: وانا ايضا.. الى اللقاء.
قبلت ليزا رامي.. ثم مشت مُتجهة الى عملها تاركة سلوى ورامي وحدهما.
 
شيَّعت سلوى ليزا بعينيها حتى غابت عن نظرها. إنها في الحقيقة اطالت في عمل هذا.. لا لشيء.. إلا لأنها لا تعرف ماذا تفعل.
اتبقى معه؟ أتعود ادراجها الى ما كانت عليه؟ جاءت الى هذا المكان لكي تُروّح عن نفسها. قضت ليلة البارحة في جدال مع عزت. جدال وصلت حدّته الى رفع الصوت بينهما. انها مصرة اصرارا كاملاً على الابتعاد كلياً عن فضيلة التي يتحدَّث دائماً عنها زوجها بلقب مدام فضيلة.
 
حذفت من قاموس حياتها كلمة «كره». لم تستخدمها في مصر، ولم تخطر على بالها. ولكنها هنا ومع هذه السيدة بالذات، عادت اليها هذه الكلمة. انها تكرهها. تكره اسمها.. تكره شكلها.. تكره كل من له صلة بها.. تخشى من اصرار زوجها علىمعرفتها لها.. ان تكره زوجها ايضاً. على الرغم من كل ما فعلته هذه المرأة لها من استقبال لم تر سدني له مثيلا. لكن كل ما بينهما نقيض الآخر. كيف تنطبق السماء على الأرض؟ كيف يتقابل القطبان المتوازيان؟ انهما من طينة مختلفة، على الرغم من ان خالقهما واخد. إلا انه بعد ان خلقها، تجسد الشيطان فيها. لا تعرف الخير المطلق. الخير للخير وحده. ولكن كل ما تفعله وتعمله ان اخذ شكل الخير، فهو خير في الظاهر وشرّ باطنه. تلقي بالطعم.. مهما كان هذا الطعم ثميناً. إلاّ أنه طعم تصطاد به فريستها وتفتك بها. والفريسة دائماً امرأة. قد تكون زوجة مشهور أو غني او ذا سمعة حسنة وربما تكون ابنة أو اخت واحد منهم. لا تقبل المقاومة من اي امرأة. لها طرقها والاعيبها عن طريق اتباعها لحبك الشبكة حول الفريسة. ويا ويل الفريسة التي تقع بين يديها.. لانها تصير رقيقا.. رقيقا مباحا بيع جسده لمن يدفع. لا تستطيع المسكينة ان تقاوم او ترفض. وكلمة بيع هذه ليست في وضعها الصحيح. لأن من يبيع يقبض الثمن. لكنهنَّ لسن في حاجة الى مال. يُتاجر باجسادهن ولا يعترضن. نظير سكوت مدام فضيلة ورجالتها وعدم ابلاغ الزوج او الوالد او الأخ. لأن كل فريسة منهن لها قصة وملف وشيء يؤخذ عليها للتهديد به اذا حاولت ان تتخلّص من العبودية وتتحرر.
 
استطاعت سلوى ان تفلت من قبضتها. ومع ذلك لم تهدأ تلك الافعوان. وها هي تستخدم زوجها للدفع بها بين احضانها والوقوع في الفخ الذي استطاعت ان تفلت منه.
 
هل تقول له؟ هل لو قالت.. يصدقها؟ وما دليلها؟ لا شيء انه احساس نبع من تجربة زيارتها لمدام فضيلة أول مرة. لا تنسى تلك الزيارة، لقد رأت لأول مرة في حياتها عرض فيلم من افلام الجنس المفضوح امام مجموعة من صفوة النسوة في الجالية.
 
والآن.. انها في اشد الاحتياج الى من تشكو اليه، الى من تتحدث اليه، الى من يفهمها ويصدق ما ستقوله له.. ايكون القدر قد ارسل اليها رامي في الوقت المناسب؟ لقد ارتاحت اليه، شعرت فيه بالأخ المفقود كما قال هو عنها.. الأخت المفقودة؟
 
نعم لا يوجد في هذا الكون مثل الأخ والاخت. لكن هذا الشيء مفقود هنا في استراليا.. ليس ماديا بالنسبة لها. لأنها وحدها وكل اخوتها واختها بعيدون عنها في القاهرة. لا.. أشياء غريبة جداً تراها وتسمع عنها اغرب من الخيال. اخوة تربط بينهم رابطة الدم ومع ذلك لو استطاع ان يذبح احدهما الآخر لفعل من اجل..من اجل ماذا!!.. لا تعرف عنصر الحب مفقود غير موجود وحلَّ محله عنصر الطمع واضيف اليه عنصرا الحقد والكراهية، مما قتل معنى الاخوة وهو اقدس واسمى معنى في الحياة. فما بالنا في الغربة او في المهجر. نعم هي وغيرها في احتياج الى الأخوة الصادقة غير المغرضة في استراليا.
 
لكن يا سلوى.. رامي يبدو انه انسان طيِّب و.. محترم. ومع ذلك من هو؟. انه وليد الصدفة. ولا نستطيع ان نبني اماني وآمال على الصدفة وحدها ايضا.. هل نسيتِ مدام فضيلة؟ ليس من المستبعد ان يكون احد اعوانها حولك الآن، يترصَّد خطاكِ ويصور وقوفك معه الآن.. لا يا سلوى.. لا تعطي هذه المرأة  فرصة ابدا. انها لم تستطع خلال فترة وجودك بسيدني من التغلبّ عليك او اخضاعك.. لا.. لا تعطيها الفرصة الآن. اهربي.. اجري.. لا تقفي مع رامي.. لا داعي لجلب المشاكل لهذا المسكين. أفاقت من كابوس مدام فضيلة وعادت إلى رامي تواصل حديثها معه.
 
سلوى: طيب يا رامي عن اذنك.. انا سعيدة جداً بمعرفتك.
رامي: أنا ملاحظ أنكِ مرتبكة.. فيه حاجة شغلاكي..ما تزعليش مني اذا كنت باتكلم كده بصراحة.
سلوى: ايوه.. ايوه.. فعلا فيه حاجات لازم اشتريها وارجع البيت. انا كنت ناسية الحكاية دي.. علشان كده يمكن اكون مرتبكه او اي حاجة.
رامي: سلوى.. انا لما قلت اني بشعر انك اختي اللي فاقدها في الغربة. انا اعني هذا الكلام.. ولكن..
سلوى: رامي.. ارجوك.. نفس الشعور عندي، لكن علشان هذا الشعور انا لازم امشي دلوقتي، وح وفر عليك حاجات كتير. انا عارفة فين الاقيك اذا احتجتك في اي يوم. لكن مرة ثانية اعذرني.. عن اذنك.. باي..
رامي: باي.. باي..س.. لوى.. باي.
 
مشت سلوى.. اسرعت الخطى.. لم تلتفت خلفها، ودّعها رامي بنظراته.. اختفت عنه.. ظل وحده لا يعرف ماذايفعل لقطع الوقت المتبقي على خروج ليزا من العمل. ظنَّ لفترة ان سلوى سوف تبقى معه.. يتحدث كل منهما عن نفسه. لكن تصرُّفها الغريب، جعله يشعر بأن وراءها سرُّ تخفيه.. لا..لا أظن ابدا.. ليس من يحمل هذا الوجه الملائكي.. يخفي اسرار وراءه. انها فقط امرأة محترمة. والمرأة المحترمة تحافظ دائما على سمعتها. من يكون هو لتبقى معه في مكان عام وتتحدَّث اليه أو معه.. برافو سلوى.. لقد تصرَّفتي التصرُّف اللائق بك. التصرَّف المحترم والسليم للحفاظ على سمعتك وسمعة زوجك. الناس لا تعرف من هو أو هي. الناس يبحثون عن «لبانة يلكونها» في افواههم. لقد ازداد اعجابه واحترامه لهذه المرأة اتي جمعته الصدفة بها مرتين. ولا احد يعرف ماذا يخبيء له ولها القدر.
 
أما سلوى، فقد اتجّهت بسرعة الى «كنت ستريت» حيث تركت سيارتها في احد الاماكن المخصصة لذلك. خرجت مسرعة بالسيارة متجهة الى منزلها في «نورث سيدني».. عبرت «الهاربر بريدج».. ولكن صورة ميرفت ظهرت امامها.. نعم ميرفت.. تلك المرأة التي رأتها ذات مرة هي وشقيقتها ماجدة وتوطدَت الصلة بينهما.. لماذا لا تذهب اليها. لكن اليس من الأفضل الاتصال بها اولا، وبعد ذلك تتصرف على هذا الضوء؟ لا.. انا لست في وضع يسمح لي بالذهاب الى المنزل والاتصال. انا في احتياج الى من اتحدَّث اليه.. الى من اجلس معه.. الى من يحتويني وينتشلني مما انا فيه.. غريقة في بلد غريب.. بلد، كل من فيه لا يعرف الرحمة. الجميع يلهثون وراء السراب.. السراب المسمَّى المال.. كل انسان في استراليا قد وضع القيم والاخلاقيات.. وحتى الاحاسيس تحت قدميه وداس عليها واخذ يلهث ويستخدم كل ما هو مشروع وغير مشروع للحصول على المال.. غابة كبيرة وحوشها مفترسة ولا مكان للحيوانات المستأنسة الضعيفة، ولا حتى للحيوانات المفترسة الضعيفة.
 
مع ذلك رأت في ميرفت بصيص الضوء في ليلة حالكة السواد. اليوم هو أسوأ يوم في حياتها منذ ان جاءت الى استراليا.. لا بل في حياتها كلها لم تصادف مثله في القاهرة. الناس هناك يعيشون في امان ومحبة. الصراع حول لقمة العيش موجود.. لكن الأمان والحب والأذن الصاغية والعطف والرعاية هناك. اين المعادي؟. اين بابا وماما؟.. اين انت يا سامية حتى اشكو لك، ما انا فيه. امرأة تطاردني لتقدّمني الى سوق الرقيق الأبيض.. تبيع في.. وتشتري.. امرأة تستخدم زوجي دون قصد منه للدفع بي الى شباكها.. من يحميني منها ومن شرورها؟.. يا رب انت اعلم بما في القلوب.. يا رب ساعدني فأنت الأب الحنون وانت الموجود في كل الوجود.
 
عادت ادراجها متجهة الى بيت صديقتها ميرفت. كانت الساعة قد قاربت على الثالثة بعد ان اتصل بها عزت ليطمئن عليها بعدما حدث بينهما، لهذا سوف تتصل به حال وصولها عند صديقتها.
 
كان مفاجئة لميرفت، مجيء سلوى بدون تليفون مسبق. هذا ما كانت سلوى تفعله دائما. واليوم لا تعرف تفسيرا لهذا الحضور المفاجيء.
سلوى: ايه.. مفاجأة.. مش كده برضه.
 
ميرفت: الحقيقة مفاجأة.. يا ترى ايه اللي رماكي على حيينا النهار ده.
سلوى: ابدا.. كنت متضايقة شويه وافك غليلي فيكي.
ميرفت: وماله يا حبيبتي.. اهلا وسهلا.. تعالي دا حتى ماجدة اختي عندي النهار ده.
 
جلست النسوة الثلاث واخذ الحديث يتشعب.. من حديث عن الموضة الى تسريحات الشعر.. الى الافلام.. في كل ما تحب المرأة ان تتحدث فيه ومع.. لم تتحدث سلوى عن شيء. فجأة كمن تذكرت شيئا.. نهضت وسألت ميرفت ان كانت تستطيع ان تستخدم التليفون.
اتصلت بزوجها الدكتور عزت واخبرته انها موجودة عند صديقتها ميرفت، وانها سوف تعود الى المنزل بعد الانتهاء من الزيارة.
لم تشأ ميرفت ان تستدرج سلوى او تشجعها للحديث عما بها. بل تركتها، لربما يكون وجود شقيقتها ماجدة سبباً لعدم رغبتها في الحديث. ومع ذلك بعد ان انهت سلوى المكالمة، عادت وقالت:
 
سلوى: النهار ده فيه حاجة غريبة جدا حصلت لي..
ماجدة: يظهر النهار ده يوم المفاجأت والحاجات الغريبة.
سلوى: ايه وانتِ كمان!
ماجدة: ايوه.. بس احكيلنا انت ايه الحاجة اللي حصلت لك.
سلوى: من حوالى سنة تقريبا.. كنت اشتريت من دافيد جونز شويت حاجات. بفتح الباب لقيت واحد كان داخل فمسك الباب علشان اقدر اخرج. شكرته بالعربي ولسه حاتأسف لقيته رد علي بالعربي.
 
ميرفت: انا عارفاكي.. دي عادتك.. تتكلمي عربي وبعيدين تعتذري بالانجليزي.
سلوى: عاده مهببه بعيد عنك.. لكن اهو اتعودت عليها لغاية دلوقتي.. المهم الشخص ده ساعدني في شيل الحاجات لغاية العربية وباي.. باي.. كل واحد راح لطريقه..لا اعرف اسمه ولا هو يعرف اسمي.
 
ماجدة: الله.. زي بتوع السينما.
سلوى: وانت يا ماجدة باين بتحبي الافلام..
ماجده: احبها موت.. وخاصة الافلام اللي فيها تشويق زي حكايتك..
ميرفت: استني شويه يا ماجدة لما نسمع بقيت الحكاية..
 
يتبع ...




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :