الأقباط متحدون | جماع الوداع!!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٤٢ | الاثنين ٣٠ ابريل ٢٠١٢ | ٢٢ برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٤٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

جماع الوداع!!

الاثنين ٣٠ ابريل ٢٠١٢ - ٠٢: ١٠ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: منير بشاى 
من حوالى عقدين من الزمان، لم يكن قد ظهر الفيسبوك ولا التويتر، ولم يكن قد انتشر الانترنت والبريد الالكترونى،كما لم يكن معروفا أشياء كثيرة مثل اليوتوب. ومع ذلك كانت النكات تتداول بين الناس للتفريج عن ما يعانونه من هموم ولكن بطريقة تختلف عن ما يحدث الآن.  كانت الطريقة المتبعة عادة أن قصاصة من مجلة أو جريدة بها نكتة تمرر على الموظفين من مكتب الى مكتب ليقرأوها ويضحكوا. 
 
من هذه النكات التى مازلت أتذكرها نكتة تقول أن رجلا أمسكوه وهو يضاجع امرأة ميتة. أخذوه الى القاضى الذى بسؤاله اعترف بالواقعة، وهنا وبخه القاضى مستنكرا: ازاى يا راجل انت تضاجع امرأة ميتة؟  فكان رد الرجل بكل براءة: يا سيادة القاضى أنا مكنتش عارف انها ميتة، كنت فاكرها امرأة انجليزية! واضح ان الفكاهة كان غرضها التهكم على المرأة الانجليزية التى كان الناس يتندرون ببرودتها الجنسية. ولكن لم يكن احد يأخذ هذه النكات بطريقة شخصية أو يعاملها بجدية فيحس بالاهانة. وأذكر انه كان معنا زميلة من أصل انجليزى وانها قرأت النكتة كما قرأها الجميع وضحكت عليها كما ضحكوا.
ولكن ما يدور فى مجلس الشعب المصرى فى هذه الأيام ليس نكتة ولا يدع للضحك.  هو واقع مؤلم وحزين يثير البكاء على ما آلت اليه أحوال مصر، بلد حضارة الخمسة آلاف عام، والتى يبدو أنها انحدرت الى مستوى تورا بورا وقندهار.
 
بلغنا أن مجلس الشعب المصرى يناقش الآن مشروع قانون يبيح للزوج "مضاجعة الوداع" لزوجته الميتة خلال الستة ساعات الآولى من وفاتها. وكانت بداية ظهور هذه القضية فتوى أطلقها رجل الدين المغربى عبد البارى الزمزمى فى مايو 2011 بأن حق الزوج فى الجماع يبقى قائما بعد الوفاة.
صراحة لا أدرى أى ذكريات جميلة يمكن أن يحملها هذا الفعل المريض بالنسبة للزوج؟ وهل العلاقة الزوجية بكل جوانبها والتى تتعلق باثنين شاركوا الحياة معا وكونوا أسرة واشتركوا فى تربية الأبناء والأحفاد، وواجهوا الحياة بمرها وحلوها، وبنوا عشهم الزوجى بعرقهم ودموعهم، وساند الواحد الآخر نفسيا وفكريا وماديا وروحيا- هل كل هذا يمكن ان اختزاله فى العلاقة الجنسية؟  وهل يعوض عن كل هذه الذكريات بعد موت الزوجة علاقة جنسية معها وهى جثة هامدة فاقدة الحياة ؟ 
 
هذا من جانب الرجل- أما من ناحية المرأة الميتة - فواضح ان حفلة الوداع الجنسية هذه لن تفيدها بقليل أو كثير لأن الأموات لا يحسون بشىء. ولكن دعنا ننظر للأمر من ناحية تكريم ذكراها- هل هذه هى الطريقة المثلى التى تريد الزوجة من زوجها ان يتذكرها بها بعد موتها؟ هل يكرم المرأة ان ينظر لها الرجل على انها وعاء جنسى يفرغ فيه رغباته، وانه عندما يعلم أنها ماتت وليس هناك مجال لمزيد من الجنس بعد دفنها، فانه يطلب مرة أخيرة من الجنس مع جسدها الميت؟  فما الفارق ربما  كانت الزوجة دائما بالنسبة له هى مجرد جسد لا ارادة له ولا يختلف الأمر كثيرا سواء كان هذا الجسد  حيا أم ميتا!. 
يؤسفنى ان قضايا مثل هذه تناقش فى برلمان مصر الموقر هذه الايام، وتجعل العالم يسخر منا، وكأنها أهم ما تواجه مصر من قضايا. ان مصر تمر بثورة على أوضاع مأسوية تكاد تؤدى بها الى الافلاس، ورغم ذلك لا تناقش القضايا الهامة والحيوية مثل الاقتصاد، والبطالة، والغلاء، والأمن، والتعليم، والصحة، والاسكان، والمواصلات، ونقص السلع الهامة..الخ. عوضا عن ذلك يكون موضوع النقاش اعطاء الرجل المريض بالشبق الجنسى فرصة أخرى للجماع مع زوجته الميتة قبل دفنها، وبذلك لا تستطيع المسكينة تفادى ملاحقاته لها حتى بعد موتها! ترى هل هذا بالنسبة للمرأةا نوع من عذاب القبر، وهل زوجها الكهل (الأصلع) ما هو الا الثعبان الأقرع؟! 
 
اين حرمة الموتى؟ أين المبدأ الذى يقول ان تكريم الميت دفنه؟ هل المرأة أصبحت بهذه القيمة البخسة فلا تحترم حتى بعد موتها؟ 
ويؤسفنى ان يكون مدافعا عن هذه السلوكيات ومن يطالب بتشريعها فى مجلس الشعب المصرى عضوة المجلس السيدة/ عزة الجرف التى من المفروض انها تنتمى الى معشر النساء فتسىء لبنات جنسها. فهى التى تطالب باعطاء الرجل حق مضاجعة زوجته الميتة. وهى التى تؤكد ان المرأة ناقصة عقلا ودينا ولا تصلح لمناصب الرئاسة. وهى التى تدع لختان البنات اعتقادا انه يقلل من رغبتهن الجنسية ويساعدهن على العفة وبذلك تحرمهن من بهجة العلاقة الحميمية بقية حياتهن. وهى التى تطالب بخفض سن الزواج القانونى للبنت الى 14 سنة، وبذلك تقضى على طفولة وبراءة الطفلة التى هى فى هذا السن غير مهيأة للجنس والحمل والولادة وتربية الأولاد ورعاية الأسرة. وهى التى تطالب بوقف تعلم اللغة الانجليزية لأنها لغة الاعداء، مع ان هذا يجب ان يكون السبب فى ضرورة تعلمها.
 
مبروك عليك يا ست عزة أنك ستدخلى التاريخ من أوسع أبوابه. وسيسجل لك أنك أبطلت كل ما أنجزته هدى شعراوى لبنات جنسك.
وكانت هدى شعرواى قد ولدت سنة 1879 فى وقت لم تكت للمرأة أى حقوق. تذكر وخلال فترة حياتها التى كرستها لتحرير المرأة المصرية أسست جمعية لرعاية الأطفال، ونجحت فى اقناع الجامعة بتخصيص قاعة محاضرات للنساء، ودعت لرفع سن الزواج للفتيات الى 16 ودعت الى وقف ظاهرة تعدد الزوجات. كما دعت الى خلع غطاء الوجه وقامت هى بخلعه علنيا أمام الجميع. وأنت طبعا تريدى الرجوع بالمرأة الى ما قبل هدى شعراوى. وبالتعاون مع برلمان قندهار قد يسجل لك التاريخ أنك قد نجحت فى اعادة عقارب الزمن للوراء الى ما قبل هدى شعراوى فياله من انجاز!.
ماتت هدى شعراوى سنة 1947.  ولا يذكر لنا تاريخ حياتها ان زوجها قد طلب أن يضاجعها مرة أخيرة للوداع.  فاعتقادى أن هدى شعراوى، وأى امرأة أخرى، تملك من العقل والفكر والشخصية والقيمة الانسانية ما هو أهم وأبقى من أعضائها الخاصة فى جسدها الميت!...

 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :