الأقباط متحدون | عندما تسقط عدالة القضاء وكرامته خلف أسوار الطائفية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢١:٣٠ | الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٢ | ١٧ بشنس ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٧١ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

عندما تسقط عدالة القضاء وكرامته خلف أسوار الطائفية

الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

   بقلم : مهندس عزمي إبراهيم 



عندما تسقط عدالة القضاء وكرامته خلف أسوار الطائفية
كما تسقط الطيور الضعيفة في مستنقع عَفِن


رئيس الدولة وأولو الأمر المسئولون في أغلبية المناصب العالية وأصحاب مهن الخدمات الحسّاسة مثل الطب والصيدلة والهندسة والمحاماة والمحاسبة وغيرها. في مصر، كما في غالبية الأوطان يحلفون اليمين أو القسَم بأن يلتزموا بخدمة الشعب وأداء واجبهم بشرف وعدالة وأمانة بين أفراد جميع طوائف الشعب بلا تحيز أو تطرف أو تراخي أو تخاذل. هذا القسَم يؤديه رؤساء وأعضاء الثلاث سلطات الأساسية بالدولة وهي "التشريعية" و"التنفيذية" و"القضائية". وهذا القسَم يعرف بأنه يمين التزام أمام "اللــه"، وبإسمه.


ومضمون القسَم عامة يختلف باختلاف الإيديولوجية السياسية والنظام الدستوري للحكم في الدولة. كما ويختلف مضمونه ونصَّه ليناسب المسئولية الملقاة على عاتق القائم باليمين أو الوظيفة التي على وشك أن يقوم بها سواء كان مُقـْدِماً عليها بالانتخاب أو بالتعيين أو بالكفاءة المهنية. ومهما تباينت نصوص القسَم فركيزته وهدفه وجوهره في أي صورة منه هو خدمة الشعب بإخلاص وأمانة وعدالة وشرف.
وعندما ننظر إلى "قسَم العدالة" أي القسَم المخصص للقضاة نجد به إلزام القاضي لنفسه بالتزام الحياد، والنزاهة، والحكم بين الناس بالعدل، متخذاً فيه الله شاهدا على صدق ما يقوله والوفاء بما تعهَّد به، وأنه سيكون عرضة لعقاب الله إذا ما حَنَثَ بيمينه، علاوة على السقوط في نظر الناس كقاضي عادل (حتى من تحيَّز لهم). حيث أن العدل هو أول وأهم وأقدس صفة في صفات مهنة القضاء.


الهدف من قسَم القاضي مستشهداً بالله هو أن يخدم الشعب بالعدل وبلا تحيز شخصي أو عرقي أو طائفي أو ديني. لأن الشعوب في أي وطن تتكون من طوائف عديدة. رغم ولاءهم للوطن تختلف أديانهم وعقائدهم ومقدساتهم ومصالحهم ونزعاتهم ورؤياهم للأمور وانتمائهم العرقي وخلفياتهم القومية والقبلية. ولذلك فقسم الولاء للشعـب أمام الله يتطلب القاضي العادل النزيه الشريف والأمين على مهنة القضاء وقدسيتها في وطنه.أن يتجرد تماماً من نزعاته وميوله وخلفياته وخصوصيات عقيدته الشخصية، ويخصص ولاءه لكل طوائف الشعب بلا تمييز.
وقسَم القاضي أمام الله شكلياً أو لفظياً لا يكفي حيث لا يُضمَن الوفاء به إلا لو نبع من ضمير القاضي نفسه. فإذا ظن القاضي الظالم أنه يخدم طائفته أو عقيدته ويرضي الله على حساب طائفة أخرى فهو في الحقيقة مخطئ في قراره، فاسد في مهنته، ضال في عقيدته لأنه تخلى عن العدل.
الله هو العدل ذاته، والعدل من أسمائه، ومن صفاته وسماته، ومن يتخلى عن العدل فقد تخلى عن الله. ومن حاد عن العدل فقد حاد عن شرفه ونزاهته وإنسانيته.


فالقانون يجب أن ينبع أولا وأساساً من مبادئ الإنسانية البحتة الغير مصبوغة ولا متأثرة بتعاليم دين معين، ولا بالرغبات والمصالح العرقية أو الاقليمية. لأن الإنسانية مبنية على المباديء الفطرية في الإنسان والعقل والفكر والمشاعر الطيبة كالرحمة والمحبة والعطف والاحترام والتواضع والرفق والتسامح والغفران والتعاون والتعاطف والتعايش مع الآخرين على أساس أن لهم أحاسيس ومشاعر بغض النظر عن معتقداتهم أو عرقهم او دينهم أو جنسهم.
السلطتان التشريعية والتنفيذية في الدولة سلطتان متداخلتان. وبإيجاز شديد يمكننا القول أن من حق أحدى السلطتين مراقبة ومناقشة ومحاسبة السلطة الأخرى في تصرفاتها وتنفيذ واجباتها واستدعاء رأي الشعب إذا أساءت أو تخاذلت في أداء مسئولياتها. أما السلطة القضائية فهي سلطة مستقلة تماما عن كلا السلتطين الأخريين. فلا سلطة لرئيس الدولة ووزراته ولا للبرلمان بمجلسيه على سلطة القضاء والقضاة. وذلك لضمان العدالة المطلقة المصحوبة بالنزاهة والحياد في اصدار الأحكام.


وحينما تتطرف "السلطة القضائية" وهي القوة التي مفروص أن تكون محايدة ومستقلة حتى عن حاكم الوطن وعن البرلمان والجيش والبوليس، أي لا ضغوط سياسية عليها... حينما يتغاضى القاضي في قضية ما عن التفاصيل التي ترشده الى الجاني والمجني عليه وأسباب ودوافع الجناية، فبدلاً من أن يصدر الحكم العادل الذي أخد "قسَم العدالة" على تنفيذه وعدم الحياد عنه لأية أسباب وتحت أية ضغوط وفي أية ظروف. أقول حينما يتغاضى القاضي عن التفاصيل التي ترشده الى دروب الحق، فينحاز عن العدالة ويجني على المجني عليه لحساب الجاني لأسباب ودوافع دينية أو طائفية أو اقليمية أو عرقية... أقول عندئذ لقد فقد القاضي ضميره وإنسانيته ووضع الغمامة السوداء "غمامة الطائفية والتعصب" على ضميره وتفكيره وقضائه، بل فقد عدالته وصلاحيته كقاضي. فصار حكمه مثل حكم جاهل متعصب أو مدَّعي دين متطرف.


فعندما ينحرف أولو الأمر المسئولين عن الأمن والتشريع في دولة فهو فساد حكومي وإداري. ولكن عندما تداس العدالة والقانون بأحكام القضاة تحت أقدام مبادئ تختلف من دين لآخر... وعندما تصاغ الأحكام لصالح طائفة أغلبية دون الآخرين، تكون النتيجة لا محالة ضياع وانهيار كل القيم الإنسانية بين الناس، كل الناس، في هذه الدولة. ولن يقف الضرر والشر عند الأقليات فقط بل ستدور الدوائر وسيعاني منها الجميع مستقبلا. وليس من الصعب علينا أن ننظر بفكر مُنـَزَّهٍ متحرر من قيود التعصب الأعمى للدول التي أهملت العدالة المطلقة وتغاضت عن الإنسانية النقية فأفلت منها الزمام وانحدرت بأبنائها جميعاً أغلبيات وأقليات إلى تطرفات ونزاعات وفوضى ودمار وارهابات داخلية وخارجية، وعدم احترام الذات والآخرين، علاوة على انهيار الاقتصاد وانتشار الفقر والجوع، وعلاوة على تقوقع وانعزال عالمي مصحوب بافتقاد احترام المجتمع الدولي، وإلى تخلف كريه عقيم. والأمثلة عديدة ومعروفة مَلَّ الجميع ذكرها.


قائمة الأحداث طويلة، والتراخي سنوات في الفصل فيها عار على القضاء، والحكم على الجاني وتبريء المجرم عار على القضاء، والتغاضي عن قاتل سفك دم بريء عار على القضاء. وفعل ذلك باسم الدين إساءة للقضاء.. والوطن.. والدين معاً، وحَنَثٌ صريح للقسَم الذي أخذ أمام الله وأمام الشعب.
فإلى من يهمهم الأمر رجال القضاء والعدالة بمصر،: حيث لا رقيب عليكم في الوطن إلا عيون أبنائه (حتى من تنصفوهم بظلم الآبرياء).. لا تنسوا أن عيون اللــــــه التي لا تغفل... فأفيقوا الآن والأمر في يديكم قبل فوات الآوان.
 




 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :