الأقباط متحدون | على شـفـا الهـاوية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:١٥ | الثلاثاء ٢٩ مايو ٢٠١٢ | ٢١بشنس ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٧٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

على شـفـا الهـاوية

الثلاثاء ٢٩ مايو ٢٠١٢ - ٤٣: ١٠ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم: مهندس عزمي إبراهيم


تجربـــة تاريخيـــة:
خرج يومي 23 و 24 مايو 2012، عدد تاريخي من أبناء مصر، رجال ونساء، للجان التصويت لأداء واجبهم الوطني فاختار كل منهم من رآه مناسباً لحكم مصر من بين المرشحين.  والحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن كثيرين كان اختيارهم بإرادتهم، وكثيرين أيضاً كان اختيارهم بإرادة غيرهم!!. 
كان هناك من اختاروا بناء على دراسة وتقييم واقتناع، وكان هناك من تأثر بالدعايات المغرضة والمدعمة بالآكاذيب والتخويف والارهاب والفوضى والتزوير والتشويه والترغيب والاغراء معاً.  وكان هناك من كان اختيارهم مدفوعاً بعوامل خارجية أو شخصية مثل الحاجة لبعض المواد التموينية الغير متاحة أو غير المقدور على أسعارها، أو الحاجة لمبلغ من الجنيه المصري المستصعب نواله على كثير من الناس.
وكان هناك من أدلوا بأصواتهم وهم لا يدرون أنهم أدلوا بأصواتهم.  ولو دروا، فلم يدروا لمن منحوا أصواتهم.  وذلك بتسليم بطاقات الرقم القومي الخاصة بهم لسماسرة الانتخابات لتسيء استعمالها نظير مبالغ معينة أو مواد تموينية مغرية.
 
سواء كان الاختيار مبنياً على أيّ من الأسباب والعوامل أعلاه.. فقد أتت النتيجة أمام أعيننا وبين أيدينا.  أتت النتيجة في تصفية الانتخابات باختيار أغلبية الأصوات (بنزاهة أو بغير نزاهة) لصالح اثنين من مجموع المرشحين، وستتلوها دورة الإعادة الانتخابية لاختيار واحد من الإثنين.
وكلنا نعلم بلا أدنى شك أن "قطيــــعاً" من الشعب باع أو أجبر بطريقة أو بأخرى أن يبيع حقه في الحرية والكرامة والحياة الحضارية وحق وطنه وأبنائه وأحفاده وأجيال من بعدهم لانتخاب مرشح الأخوان المسلمين بثمن بخس وهو أكياس البطاطس والزيت والسكر والسمن والتزوير والغش والرشاوي والارهاب والتخويف لاعبين بورقة الدين.. أو بالأصح لاعبين ومتلاعبين بالدين ذاته.
 
استغل الاسلاميون الجوع والفقر والحاجة والبطالة التي سببوها هم أنفسهم مسبقاً متعمدين بمخطط مدروس ومنفذ بدقة، بنشر موجات الفوضى الأمنية والاجتماعية والاقتصادية في ربوع مصر بعد ثورة الشباب 25 يناير 2011.
 
أخطــاء أساسيــة:
هناك عدة أخطاء أساسية تسببت فيما وصلت إليه مصر اليوم، أعظمها ثلاثة:
1. انقضاض الأخوان والسلفيين والجماعات الدينية على ثورة الشباب المنادية بآمال مصر والمصريين في الحرية والديموقراطية، فاقتنصوها بعنف وخيانة وجبروت.. و "وأدوهــا حيــَّـة في مهــدها".
2. تهاون المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحاكم للبلاد في كبح جماح الفوضويين الدينيين بعد قيام الثورة والتفاصيل معروفة للجميع.
3. التصريح بإقامة انتخابات البرلمان بمجلسيه ثم انتخابات رئيس الدولة قبل إرساء قواعد الدستور الذي يحدد ايديولوجية وفلسفة الحكم بالبلاد بمعرفة نخبة من ثقـاة البلاد العلماء والقضاة وأساتذة الجامعات والناشطين في مجالات الاجتماع والاقتصاد والسياسة.  لقد ربط العسكر الحصان خلف العربة بدلاً من أمامها.
 
أخطـــاء الأقليــات:
وهناك أخطاء أخرى تسببت فيما وصلت إليه نتيجة الانتخابات. الخطأ الجسيم هو خطأ الأقليات المصرية: خطأ المسلمين المثقفين المعتدلين والاعلاميين والنشطاء ذوي الرؤية الثاقبة والوطنية الحضارية، وأقصد المسلمين الغير منتمين للإسلام السياسي أو المسيَّس والمؤمنين بأنبل المباديء الإنسانية في الدين. وخطأ الأقليات: المسلمين من الطوائف الأخرى الغير متشددة وخطأ المسيحيين بمصر وبالخارج.
هذا الخطأ يتكون من شقين: أولهما هو عدم مد اليد من طائفة للأخريات لتوحيد الصفوف بين الفصائل المذكورة، بل عدم التوحيد بين أعضاء الفصيلة الواحدة داخليا، فغلب على الجميع التفكك والمسير في اتجاهات وجهود تهز وتفتت وتشتت الأصوات، بدلا من أن تسند وتجمِّع وتركز الأصوات.
والشق الثاني هو عدم قيامهم أو أي منهم بايقاظ الوعي الوطني بميادين وشوارع وحواري ومدن وقرى ونجوع مصر، والتفاعل مع الفلاحين والعمال والأميين وأنصاف المثقفين وعمل ندوات توعية لهم وحتى للمثقفين والمتعلمين في الجوامع والكنائس والجامعات والنوادي والتجمعات. ولكن للأسف اكتفوا بكتابة مقالات ومقابلات محدودة لا تسمن ولا تشبع من جوع.. أي لا تصلح إطلاقاً كحملات توعية لانتخابات ديموقراطية تقام لأول مرة لتقرير مستقبل وطن في حجم مصر.
 
إنقـــاذ ما يمكن إنقـــاذه لصالح مصر:
فلندرك اليوم أنه لن يجدي البكاء على اللبن المسكوب. ولننظر إلى ما حدث على أرض مصر على أنه تجربة. وان كانت نتيجة التجربة لم تأت كما نشتهي (تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن) فلنتذكر أنها أول تجربة (ديموقراطية) في مصر وأن كانت ثعابين السياسة المتشحة بوشاح الدين أو الدين المسيَّـس قد تلاعبوا بديموقراطيتها.  هذه هي تجربة أولى من نوعها بمصر جاءت في وقت غالبية الشعب تعاني الفقر والجوع والبطالة والخوف وسوء الاقتصاد.. معاناة تحت فقر اجتماعي وارتباك حكومي وفوضى أمنية خلقتها مخططات وأجندات متعمدة من ثعابين السياسة المصبوغة بالدين لتخلق الجو الفراغي بمصر استعداداً لهذه التجربة.  نجحت أهدافهم. وان لم نتعلم منها (بدلا من البكاء عليها) فسنظل مَحَلــَّـك سر. ماذا نتعلم؟؟ ومن نحن؟؟؟
مرة أخرى، كلنــــا: ليس الأقباط فقط، بل الأقباط والمسلمين المثقفين المتحضرين الغير متسربلين بالدين الذين يضعون الوطن قبل الطائفية والفصائل المسلمة الأقلية كالصوفيين والشيعيين واالبهائيين والدروز، وغيرهم. كل هذه الفصائل جمعاً وكل فصيلة منهم على حدة لا تربطهم رابطة.. فلا كيان موحد ولا مخطط موحد يشملهم جمعاً أو فرادي!!!  ولذلك لا صوت سُمِع لهم، ولا ثمر جنوه!!  فلنتعلم من أخطائنا ولنتحد ولنتواصل مع القاعدة الشعبية في كل مكان.. وهذه فرصتنا الآن لتحقيق القبس الأول لفجر الديموقراطية بالوطن الغالي، والشعاع الأول لمشعل الحرية بمصر.
 
الاختيــار ليس صعبــاً:
ورغم أن الواقع مؤلم ومحيِّر  فالأمـــل كبيــر.  وما علينا إلا أن ننظر هذه التجربة على أنها درسأ نستفيد منه ونتجنب ما أخطأنا فيه.  الأمر الواقع الذي نواجهه اليوم أو سنواجهه قريباً هو أن مصر ستنتهي برئيس يختار من اثنين: إما مرسي أو شفيق.
مرسي المتشبع بمباديء الأخوان المسيَّـسة المتشددة والمبنية على الطائفية والهادفة نحو وضع مصر تحت مخيَّم "الخــلافة" بين شقيقات مثل الصومال واليمن والسودان ونيجيريا... الخ.
 
وشفيق: من أبناء الفلول والأنظمة العسكرية الدكتاتورية السابقة التى عانت مصر من ظلمها وتحدياتها لشعب مصر وتجاهل مشاعرهم والتعاون مع أعداء مصر من الغرب والشرق سواء.
 
بغض النظر عن الوعود الانتخابية من كل منهما، وبغض النظر عما تعهد كل منهما بالتغيير من خلفياته.. فلنقيــٍّــم ما نتوقع.  يظن البعض أن الناجح من الاثنين سيوضع تحت المنظار ويعاد تقييمه بانتخاب آخر بعد أربعة سنوات. على أمل أن تكون مصر قد نضجت في وعيها السياسي أكثر حينئذ.  مخطيء من يظن ذلك!!
 
لو نجح الأول المتأسلم، ويسانده البرلمان المتأسلم بمجلسية فالثلاثة يتكلمون نفس اللغة، والمتوقع المنطقي أن تسير السفينة المصرية راجعة للخلف نحو عصور يغلفها التخلف. ولن نجد على سطح السفينة أياً من آمال الثورة إطلاقاً، بل سنواجه طائفية مطلقة.  ولن يختلف حكمه وأفكاره وانجازاته عن أفكار وانجازات مجلسي البرلمان الهزلية الارتجالية التافهة المضحكة المبكية.  والأسوأ من ذلك أنه لا أمل في العودة من كهف الحكم الديني المظلم إلا بعد قرون من القيود والسلاسل والجنازير السوداء. قال مرشد الأخوان المسلمين "إذا ولينا الحكم فلن نتخلى عنه"، يعني مؤبد بالعافية رضينا أم أبينا!!!  قوم  شعارهم السيف والذبح لمن يخالفهم. وهدفهم اهدار حق المرأة المصرية وهي نصف المجتمع، وتهميش الأقليات المخلصة العاملة المنتجة، وكل أذنابهم عملاء ومأجورين بالدولار والدينار وجواسيس رفعوا أعلام دولة أجنبية وهتفوا باسمها على أرض مصر وفي عاصمتها وأكبر مدنها وميادينها.
ولو نجح الثاني العسكري، فلا بد لأجهزة الدولة رئاسة وبرلماناً من التحاور والتناقش والرقابة والمعارضة والتوافق والتفاعل والتواصل بينهم... والشعب يرقب ويراقب.  فالمتوقع منطقياً أن تسير السفينة للأمام حاملة على سطحها ربما ليس كل آمال الثورة، بل بعض منها على الأقل.  ونصف العمى أفضل من العمى كله.  للقائل أن شفيق من الفلول أقول: كان خالد بن الوليد من الكفار وقاتـَل وقتـَل المسلمين في غزوة أحد، ثم صار "سيف الله المسلول" ورغم عسكرية الحكم يمكن للشعب الواعي في ظل الديموقراطية إما توجيهه لو أساء، أو تغييره بعد أربعة سنوات.
الفرق بين الاثنين: مرشح يهدد مصر بأن لو جاءت النتيجة عكس ما يريد سيجعلها بحور من دماء!!!. ومرشح أعلن أنه سيقبل النتيجة مهما كانت فهي صوت الشعب، صوت مصر.
 
بغض النظر عن فصيل الأقباط وتخوفاتهم، أو تعدادهم، أو تفاعلاتهم، أو اتهامهم بعشق مرشح دون الآخر.. فالاختيار بين الاثنين المرشحين في التصفية النهائية واضح كالشمس بالمنطق والعقل والحكمة.  أمام مصر أمران كل منهما مرٌ.  ولكن هناك مرٌ أخف من مرٌ.  وغيام النهار أفضل من ظلام الليـل.. خاصة أننا نعلم أنه لو أتانا الليل فسيكون ليلاً طويلا لقرون طوال.
 
مصر على شفا الهاوية.  والاختيار الصائب مسئولية أبنائها.  إما أن نتركها تقع في براثن الدولة الدينية المتشددة تنحدر بها لتكون ولاية في خيمة الخلافة مع الصومال والسودان واليمن ونيجيريا إلى غير رجعة، أو ننقذها ونحقق أمال الثوار الذين سالت دمائهم وأرواحهم على أرضها من أجل حريتها واستقلالها واستقرارها مع الدول المتقدمة المتحضرة.
 
أقدر صوتي وأثمنه عمن لا يستحقه، وأعـَزَّه أن يُعطى لمن يُضْمِر شـَرَّ "الخــلافة" على مصر وبنيها، ومن يحقد علي َّ وعلى نساء مصر وعلى آخوتي المصريين المسلمين العاقلين العادلين المتطلعين المتشوقين للحرية والكرامة والإنسانية.
سأنتخب الفريق أحمد شفيق.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :