بجاحة ليس لها نظير..
بقلم منير بشاى- لوس انجلوس
Mounir.bishay@sbcglobal.net
هذه من المرات القليلة التى أجدنى فيها أبحث عن الكلمات فاجدها عاجزة عن أن تعبر بما بداخلى من غضب. ولا أستطيع ان أخفى مشاعرى فى وجه ما أراه من موقف لا أجد وصفا له سوى انه مقزز، وبجح، وغنى عن القول أن الكثيرين ممن تحدثت معهم فى الموضوع يشاركوننى نفس هذا الشعور.
تصوروا! قيادى اخوانى يصف اقباط مصر بأنهم خونة! لماذا هم خونة؟ السبب فى رأيه لعدم اختيارهم مرسى فى انتخابات الجولة الأولى لمقعد الرئاسة!! صحيح اللى اختشوا ماتوا..
بداية لا أظن أن أحدا يعرف على وجه التأكيد كيف صوت الأقباط فى المرحلة الأولى من الانتخابات. فكل ما يقال عن أصوات الأقباط هى محض تخمينات. طبعا من المفترض ان يصوت الأقباط لصالح من يخدم مصالحهم، ومصالح مصر حسب قناعتهم، هذا ما يعمله كل مصرى مخلص. ومن المنطقى افتراض أن أصوات الأقباط توزعت (بنسب غير معلومة لدينا) على المرشحين الذين بؤيدون مدنية الدولة. ومن المعقول ان معظم الأقباط لم يصوتوا لصالح مرسى لأنه لا يقع تحت تصنيف من يخدم مصالح الأقباط. وبالمناسبة هذا هو ما فعله أيضا ملايين المسلمين الذين يؤمنون بمدنية الدولة والكثير من النساء بغض النظر عن الدين ممن يخشون على ما حققوه من مكاسب. والمعروف ان الانتخابات معناها حرية قبول شخص ورفض آخر. فهل يصبح الناخب خائنا لمجرد انه مارس حقه فى الاختيار؟
والخيانة كما أفهمها هى الخروج عن اجماع المجتمع، أو ارتكاب عمل ضد صالح الوطن، أو خرق اتفاق مع انسان أو جماعة. أو مقابلة احسانهم بالجحود
أولا: هل الأقباط بعدم انتخابهم مرسى قد خرجوا على اجماع المجتمع؟ هذا بينما مجموع ما حصل عليه مرسى من أصوات يبلغ حوالى 6% من تعداد الشعب و10% من أصوات المسجلين للانتخاب و25% من أصوات من انتخبوا فعلا. ويأتى بعده بنسبة متقاربة شفيق ثم صباحى.
ثانيا: هل الأقباط بعدم انتخابهم مرسى قد ارتكبوا عملا ضد مصلحة الوطن؟ وهل يمثل جماعة الاخوان وحدهم مصلحة الوطن وكل ما عداهم من مرشحين أعداء للوطن؟
ثالثا: هل الأقباط بعدم انتخابهم مرسى قد خرقوا اتفاقية بينهم وبين الأخوان؟ ان كان هناك مثل هذه الاتفاقية فشخصيا لأ اعلم بوجودها، واتمنى أن يعلنوها للجميع. أما اذا كانو يفترضون أن الأقباط قد دخلوا مع الاخوان فى عهد ذمة، بان يؤيدوهم والا كانوا خونة، فهى مصيبة المصائب ورجوع بالزمن الى عصر الاستعباد. واذا كانوا يعتبرون ان الأقباط قد خانوا الأمانة ولم يردوا الاحسان بنظيره فأين هو الاحسان ممن يعقدون النية على أسلمة الأقباط أو ابادتهم أو تهجيرهم؟
الكلام عن تخوين الأقباط او تخوين كل من لا ينصاع لفكر الأخوان يدل على غرور واستعلاء من جماعة عرف عنهم أنهم يجعلون من خيانة الوطن منهجا وعقيدة. فهم يعلون الولاء للجماعة فوق الولاء للوطن ويقدسون مبادىء الاخوان فوق الدستور والقانون، ويحترمون مكتب ارشاد الاخوان فوق احترامهم لسلطة الدولة. وان نسينا لن ننسى قولة مرشدهم السابق"طظ فى مصر واللى جابوا مصر" . وقوله انه يفضل ان يحكم مصر ماليزى مسلم عن مصرى غير مسلم.
وغريب أن تأتى ادعاءات التخوين من جماعة ضبطت وهى متلبسة بتنظيم اجتماع بين مرشحهم الدكتور مرسى ومرشدهم الدكتور بديع وبعض قيادات الأخوان وقيادات حماس مع رئيس المخابرات القطري صالح عبد الله فى أحد فنادق القاهرة. وكان الاجتماع لبحث طرق تقديم الدعم المالى والمعنوى لجماعة الاخوان المسلمين بعيدا عن أعين القانون. وأشيع ان قطر طلبت من مرسى- حالة فوزه- أن يوافق على تأجير قناة السويس لهم، وان كانوا قد كذبوا الخبر فيما بعد. ولكن بعد كل ما عهدناه من أكاذيبهم لا نعلم ما هو صادق أو كاذب فيما يقولون.
هذا الاستعلاء ليس غريبا على جماعة تعتقد انها تملك الحق المطلق وأن غيرهم لا قيمة له فقد صرح مرشحهم الدكتور مرسى انهم سيدهسون بأقدامهم بقايا النظام السابق. ومن عرفوا باغتيال معارضيهم ليس غريبا أن يدوسوهم بالأقدام. وهذا ما أكده القيادى الاخوانى البارز صفوت حجازى عندما قال ان دماء من انتخبوا شفيق لا تساوى عنده دماء دجاجة. وهى صراحة تصل لحد البجاحة وتعبر عن منهجهم السلطوى الدموى. وقد رأينا بوادره عندما قام أتباعهم بالاشتراك مع آخرين فى اشعال النيران فى مركز حملة أحمد شفيق. وهذا ما سبق ان وعدوا به انهم سيحولوا مصر الى حمامات من الدماء فى حالة عدم فوزهم. فالديمقراطية فى تعريفهم هى الحق فى ان يترشح من يريد بشرط أن يفوز مرشحهم. أما ان لم يفز فالنتيجة هى حرق مصر وحمامات الدماء فى الشوارع. وهذا مجرد لمحة لما نحن قادمون عليه.
ولكن نعت الأقباط بالذات بالخيانة ما يزال يثير لدى الشعور بالغثيان. يعنى حضراتهم عايزين الأقباط يقدمون لهم واجب الشكر والعرفان على حسن معاملتهم فى الوقت الذى يسنون لهم سكينة الذبح؟ فهل الأقباط خونه لأنهم مارسوا حقهم الطبيعى فى الانتخابات التى هى من المفروض أنها انتخابات حرة لاختيار من يروه يخدم مصالحهم ورفض من لا يعجبهم؟ أم أن المفروض انه علي الأقباط أن ينتخبوا مرشح الاخوان حتى اذا كان هدفه تجريدهم من آدميتهم وإلا اعتبروهم خونة؟ ونحن نعرف ما هو حكم الشرع فى من تثبت عليه تهمة الخيانة.
ليس هذا تجنى على الأخوان. فهذا ما لا يستحون من اعلانه جهارا نهارا.. فقد أعلن مرشحهم محمد مرسى أنه سيفتح مصر للمرة الثانية ويدخل كافة المسيحيين فى الاسلام أو عليهم دفع الجزية. واضاف مرسى فى تصريحه لأحد الصحفيين فى مقر حزب الحرية والعدالة: لن نسمح لأحمد شفيق أو غيره أن يعرقل مسيرتنا لفتح اسلامى ثانى لمصر. وقال ان الفاتح الثانى هو محمد مرسى وسيسجله لى التاريخ. وعندما سأله الصحفى عن رأيه فى الكتلة التصوتية التى أعطاها الأقباط للفريق شفيق رد عليه مرسى قائلا: عليهم أن يعلموا ان الفتح قادم ومصر ستكون اسلامية وعليهم أن يدفعوا الجزية أو يهاجروا كمن غادر.
وفى نفس هذا السياق طالب الاخوانى طارق الزمر الأقباط بالاعتذار، اذا ثبت دعمهم لشفيق. وشخصيا أعلم انه ان لم يكن هناك ما يثبت أن الأقباط جميعهم أعطوا أصواتهم لشفيق فى الجولة الأولى، فسيعطى كل الاقباط أصواتهم لشفيق بكل تأكييد فى الجولة القادمة. وان لم يكن هناك سبب لانتخاب شفيق فى الماضى فقد حصلنا الآن على السبب من فم مرسى وحجازى والزمر. وبالتالى فاذا كان لابد من تقديم اعتذار فأنا شخصيا أقدمه نيابة عن كل قبطى خدع وصوت لصالح الأخوان. وشكرا لتصريحات الأخوان فقد كانت لنا بمثابة نوبة صحيان.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :