ما دخل الله والاديان بدستور مصر الجديد؟؟
بقلم : صبحي فؤاد
طالب بعض المحسوبين على الجماعات الاسلامية المتشددة بغير المادة الثانية من الدستور المصرى واضافة كلمة احكام الشريعة الاسلامية بدلا من مبادىء الشريعة واستبال السيادة للشعب بالسيادة الى الله ثم فوجئنا بمن يقترح اضافة الازهر فى الدستور المصرى كحكم ومرجعية نهائية لتفسير القوانيين والاحكام للتأكد من مطابقتها مع احكام الشريعة الاسلامية !!
وكنت اتصور انه عقب سقوط النظام الديكتاتورى السابق سوف يطالب عقلاء وحكام الامة من مسلمين ومسيحيين ويهود وغيرهم بالغاء المادة الثانية تماما والتى تقنن التميز والعنصرية والتعصب وتجعله رسميا بختم الدولة وتتسبب فى اضطهاد الاقليات وضياع حقوقهم القانونية والانسانية ..والدعوة بدلا من ذلك لكتابة دستور مدنى علمانى جديد لايخلط بين السياسة والدين وينهى دور الدولة كوصى او مراقب على ايمان المصريين وتميز دين على اخر.. دستور جديد يقر بحرية العبادة للحميع بدون قيود او شروط او تدخل من الدولة او دعم منها لطرف على حساب الطرف الاخر. ولكن للاسف يبدو اننى كنت احلم او اعيش فى عالم اخر عندما تصورت حدوث هذا الامر بعد رحيل مبارك حيث لم تمضى سوى شهور قليلة الا ووجدنا الجماعات الاسلامية سواء جماعة الاخوان المسلمين او السلفيين يريدون ويصرون على احتكار كتابة الدستور المصرى الجديد لانفسهم وصياغته طبقا لمصالحهم ومفاهيمهم الشخصية وتعليمهم المتشدد المخالف لسماحة الاسلام واجندتهم السياسية التى تجعل من الدين كوبرى يعبرون عليه بنعالهم من بر الى اخر او مركبة توصلهم الى اهدافهم بدون جهد او مشقة.
وحقيقة فقد صدمت لموقف الاقباط الذين هللوا لموقف شيخ الازهر الذى طالب بالابقاء على المادة الثانية التى تنص على ان الاسلام هو دين الدولة والشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للقوانين فى مصر لانه كان من الواجب عليهم المطالبة بالغاء هذه المادة تماما لانه لا يعقل ان يكون للدولة دين لانها تمثل الناس والارض التى يمشون عليها ويدفنون موتاهم فيها ويبصقون ويتبولون على ارضها وترابها عند الضرورة .بالاضافة الى ان وجود هذه المادة العنصرية فى دستور مصر تعطى الضوء الاخضر للقتلة والمجرمين والمتطرفين لارتكاب الجرائم ضدهم بلا خوف او توقع نوال عقاب رادع لافعالهم الاجرامية وتاريخ مصر خلال الخمسين علما الماضية يشهد ويثبت صحة هذا الكلام بالوثائق والادلة.
وبنفس القدر اعتب على المثقفين والمفكرين والفنانين والكتاب واصحاب الفكر الانسانى الحروغيرهم من المعتدلين المسلمين فى مصر والذين اثق انهم الغالبية العظمى من ابناء الشعب لصمتهم وسلبيتهم وعدم رفع اصواتهم بما فيه الكفاية حتى تكون مسموعة لمن فى يدهم السلطة حاليا للمطالبة بالغاء المادة الثانية من الدستور لانها لا تعطى المبرر لاضطهاد الاقليات فحسب وانما تعطى ايضا المبرر لاصحاب العقول المريضة المتطرفة لمطاردة المثقفين والفنانين ووالكتاب وتكفيرهم هم وغيرهم وملاحقتهم وجرجرتهم الى المحاكم ورفع الدعاوى التكفرية العبثية ضدهم بحجة اهانة الذات الالهية تارة واحتقار الاديان او مخالفة الدستورتارة اخرى ..
اننى اتعجب لهذه الدعوات المجنونة التى تريد اقحام الله والاديان فى دستور هو فى الاساس عمل بشرى يهدف فى المقام الاول لتوضيح حقوق المواطنيين وواجبتهم نحو بلدهم وبعضهم البعض ويضمن حقوقهم التى تنص عليها القوانيين الدولة .
ان مفهوم الله او الذات الالهية او التعريف القانونى او حتى غير القانونى لمفهوم الذات الالهية يختلف من انسان الى اخر ومن رجل قانون الى رجل قانون اخر ومن اصحاب دين الى اصحاب دين اخر فكيف يعقل بالتالى اقحام الله الذى يصعب تعريفه قانونيا فى الدستور المصرى لكى يكون موضع خلاف بشرى لا ينتهى ابدا!!
بالاضافة الى ما سبق اود ان اسأل السادة الكرام الذين يطالبون بجعل السيادة الى الله كيف عرفتم ان الله يريد ان يكون سيدا عليكم او علي شعب مصر او على بلدهم وقوانينهم وهو الذى خلقنا احرارا وترك لنا حرية الاختيار والفكر والمصير ولم يختم احدا منا لحظة الولادة او قبلها بختم يقول هذا مسلم او ذاك مسيحى او هذا يهودى او انا سيدك انت وهو ؟؟ الم يكن الله الذى خلقنا جميعا قادرا على بسط سيادته علينا بدون الحاجة لاقحام نفسهم فى دساتير بشرية قابلة للتغير والتجديد والالغاء اذا كانت هذه رغبته بجعلنا جميعا متشابهين فى كل شىء جسدا وشكلا ولونا وطولا وعرضا وفكرا وعقيدة؟؟.
دعونى اقولها بصراحة ان الله لايريد السيادة علينا او على غيرنا من الشعوب والبشر ولكن يريد منا احترام الاخر ومحبته والعيش فى سلام ووئام معه وعدم استغلال اسمه من اجل التميز ومحاربة وقتل ابناء الديانات الاخرى والنصب والدجل على عباده ..اما امر اقحام اسمه فى الدستور المصرى فهى بكل تأكيد محاولة مغرضة خبيثة من اصحاب الميول الدينية المتطرفة لجعل انفسهم اوصياء او الهة او انصاف الهة لفرض ارهابهم وسيطرتهم على الشعب المصرى بعد سقوط نظام الرئيس السابق مبارك باسم الله والدين كما هو حادث فى ايران والسعودية والسودان ودول اخرى .
وحتى لا اطيل اتمنى من اقباط مصر وعقلاء وحكماء المسلمين فى مصر المطالبة بالغاء المادة الثانية من الدستور المصرى وليكن الدين بين العبد وخالقة لا شأن للدولة او المجتمع او الاخرين به كما هو حادث فى معظم دول العالم . وصدقونى..
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :