الأقباط متحدون | هموم المتنصرين
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٥٠ | الجمعة ٢٨ اغسطس ٢٠٠٩ | ٢٢ مسرى ١٧٢٥ ش | العدد ١٧٦٦ السنة الرابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

هموم المتنصرين

الجمعة ٢٨ اغسطس ٢٠٠٩ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: مجدي ملاك
لا يوجد اقصى من الالم النفسي الذي يمكن ان يقع على عاتق الانسان ، خاصة إذا تعلق هذا الالم بشئ يؤمن به الانسان وترتب عليه الكثير من الهموم نظرً لغياب حرية اختيار ما يؤمن به أو على الاقل وجود عواقب للاعتراف بهذا الايمان ، ولعل ما أثير مؤخراً حول تحول الدكتور محمد رحومة من الاسلام الى المسيحية هو جزء من هذا الالم النفسي الذي اصبح يمس كل انسان متنصر داخل احد الدول الاسلامية التى تعتبر هذا نوع من الكفر وتستبيح معه ليس فقط الدم ولكن الشرف والسمعة وكل ما يتعلق بهذا الشخص ، فبمجرد اعلان الدكتور محمد رحومة العميد السابق لكلية الدراسات العربية – جامعة المنيا تنصره حتى بدأت الاقلام تطعن فى سمعته وشرفه وانه خرج من مصر نتيجة ملاحقته فى قضايا فساد ، وهى تهم بالطبع لم تكن تخرج لو لم يتنصر محمد رحومة ولكن لان هذا جزء من الهزيمة النفسية للشخص تبدأ الكثير من الاقلام والمواقع خاصة الاسلامية منها فى التشكيك فى اسباب تنصر هذا أو ذاك ، فمحمد رحومة بسبب قضايا فساد  ونجلا الامام بسبب اغراءات مالية ، وغيرها من التهم المعدة مسبقاً فى حالة تنصر اى من الشخصيات التى تصيب الرأى العام بنوع من الدهشة وفى ضؤ التوزان الذي ترغب بعض الجهات المتاسلمة إحداثة تبدأ فى اختراع قصص من قبيل تحول راهب او رئيس دير للاسلام كتلك التى تقوم بها جرائد مثل صوت الامة او الفجر او غيرها .

وبصرف النظر عن ما تفبركه بعض الصحف فإن ما يعاني منه المتنصرون من هموم كثيرة يجب ان يعمل المجتمع المدني بشكل أكبر من أجل تخفيف تلك الهموم او مساعدة المتنصرين فى العيش بسلام داخل مجتماعتهم فلا يعقل ان يهاجر كل متنصر ، وإذا كان البعض ينجح فى الخروج من مصر فإن الكثير من المتنصرين يعجزون عن الخروج من مصر ، هذا بالاضافة أن من يفشل فى الخروج من مصر ، تتحول حياته داخل بلده إلى جحيم نتيجة رفض المجتمع المصري له ، فهو لا يستطيع العمل بشكل طبيعي ولا يستطيع استخراج بطاقة شخصية توضح هويته الجديده ، كما يتم التضييق عليه وغالباً ما يضطر إلى الهروب من المكان الذي تربي فيه إلى مكان أخر لا يعرفه فيه احد حتى لا يتعرض لمضايقات يوميه ممن علموا بأمر تنصره .

الدولة المصرية لا يجب أن تكون بعيدة عن هذا الامر ايضاً ، فيجب ان تلعب دور حيادي فى تلك المسائلة وهذا لن ياتى إلا من خلال تخلى الدولة عن تدينها لتصبح الدولة مدنية ولتنتهى منها كل مظاهر الدولة الدينية وهو ما سوف يساعد بشكل أو بأخر على تغير النظرة للمتنصريين بشكل عام ليصبح تواجدهم فى المجتمع أمر طبيعي ولا يشكل عامل من عوامل الصدام الفكري او العنف المتعمد من جانب من يظنون أنهم يدافعون عن الايمان بالقتل والعنف ، وما نطالب به هنا هو عكس ما تقوم به الدولة فى الوقت الحالى ، فالدولة غالباً ما تنصر المتطرفين على حساب المعتدلين ، وتعتبر هذا التشجيع جزء من شرعيتها فى الحكم وهذه تمثل المشكلة الكبري فى تعامل الدولة مع مختلف القضايا الخلافية وفى مقدمتها قضية المتنصريين .  

والعب النفسي الاكبر يتمثل فى التعامل مع اسر المتنصر ، التى غالباً ما يجب ان تتبرأ من الشخص المتنصر حتى لو كانت تؤمن بعكس هذا إذا لم تنجح فى الخروج من مصر إلى اى من الدول الاوربية أو امريكا الشمالية لان الاعتراف بحرية الشخص المتنصر يعنى بشكل أو بأخر تضامنهم معه ومن ثم ربما يجوز عليهم حد الرده فى هذه الحالة وهو ما يعنى انهم مهددون بشكل دائم داخل بلادهم ، والمشكلة فى تلك الاسر انها لا تجد من يقدم لها المساندة دون ان يتهم بالتخوين او بمخالفة شرع الله ، فالدولةا لمصرية لا يمكن ان تسمح بوجود مؤسسات تساعد فى تخفيف العبء النفسي على هؤلاء بصرف النظر عن انتماءهم الديني ، فالمعالجة والمساندة النفسية فى تلك الحالة تمثل واحدة من أهم العوامل التى يجب ان نلتفت لها فى هموم المتنصرين ، حيث يحتاج المتنصر من وقت لآخر للتواصل مع اولاده او امرأته من الجانب الانساني وبصرف النظر عن الحرية فى اختيار الدين ، ولكن وبكل اسف فالمتنصر الذي يخرج من مصر يصعب الرجوع اليها ومن ثم يفقد التواصل مع اسرته وهو أمر صعب بكل المقاييس ان لا تستطيع التواصل مع اسرتك التى كنت جزء منها فى يوم من الايام .

الالم النفسي فى البعد عن الاهل او شخص قريب الى القلب هو اقصى الم يمكن ان يواجه المتنصر او المتحول من دين إلى أخر ، فالحق فى اختيار الدين هو حق يكفله الدستور المصري وعلى الرغم من ذلك يواجه المتنصريين الم نفسي لا حد له خاصة مع ما يصاحب ذلك من محاولات لتشويه سمعة الانسان وهو ألم نفسي كبير لا يمكن ان يشعر به سوي من مر بهذه التجربه ، ان تجد من يشوه سمعتك وصورتك دون أن يكون هناك خطأ ارتكبته سوي اختيار حريتك فى الايمان بالدين او بالشخص الذي تريده ، فإلى متى ستظل مجتمعاتنا تهوى الالم النفسي للافراد لان لهم اختيارت مغايرة لتلك التى يريدها لنا الاخرين ، وانا هنا لا أملك سوي أن اشجع كل شخص على الاستمرار فى الايمان بما يريد ، لان هذا يعطي قيمة أكبر لما نريده ، فحين نتألم احيانا نشعر بما نملكه ونسعى للحفاظ عليه ، أما اولئك الذين يرغبون فى فرض الامر الواقع فعليهم ان يعيدوا النظر فى طريقة تفكيرهم ، فلم يعد العالم يؤمن بتلك النظريات الجامدة التى تغلب المصلحة على السعادة أو المظهر على الايمان الحقيقي بالاشياء أو الاشخاص . 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :