الأقباط متحدون | هذا "الكلبُ"
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٩:٠٥ | الاثنين ٢٠ اغسطس ٢٠١٢ | ١٤ مسرى ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٥٨ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

هذا "الكلبُ"

الاثنين ٢٠ اغسطس ٢٠١٢ - ٢٦: ٠٥ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم- أنطوني ولسن
نحن أسرة ليست لديها هواية تربية الحيوانات الأليفة في المنزل، والتي منها "الكلاب والقطط" وغيرها.

في "مصر" أحضر المرحوم شقيقي صدقي ذات يوم "كلب" صغير كان قد اشتراه وتعهد برعايته. فرحنا به كلعبة، وكان صدقي يأخذه ويمشي به في شوارع الحي فرحًا بتدريبه على سماع الكلمة والسير إلى جواره.

ذات يوم خرج صدقي كالعادة لتمشية "الكلب"، وإذ به يفاجأ بمجموعة "كلاب" تهجم عليه وعلى "الكلب" بتاعه، ودارت معركة بينه وبينهم، وانتصر عليهم وجعلهم يفرون هربًا، لكن بعد أن أصابته بعض الجراح و"عضة" أسالت الدم منه، مما اضطرنا الذهاب بصديقي إلى المستشفى للعلاج، خوفًا من أن يكون "الكلب" مسعورًا. بالفعل تم علاجه بواحد وعشرين حقنة في بطنه، من يومها لم يدخل بيتنا في "القاهرة" أي من أنواع "الكلاب" الكبيرة أو الصغيرة. لكن المرحوم "صدقي"، في لوس أنجلوس، عاد إلى هوايته، وأقتنى "كلابًا" ذات أسماء لها وزنها بين "الكلاب".

أما عن نفسي وعائلتي في "أستراليا" (سيدني)، فلم نفكر في اقتناء أي من أنواع الحيوانات الأليفة؛ لأننا كنا نستأجر "شقة"، وممنوع اقتناء "الكلاب" في الشقق لراحة الجيران.

اتنقلنا من حي إلى حي، ومن شقة إلى شقة، إلى أن أكرمنا الله واستطعنا تدبير مقدم شراء منزل لنا له حديقة كبيرة بها شجرة توت ضخمة وشجرة ليمون كبيرة.

شمرت زوجتي عن ساعديها، وبدأت تجمع بذور الملوخية والطماطم والجرجير والقصب وهات يا زراعة. مدّنا صديق بأشجار الفاكهة، مثل الرومان والتفاح والبرقوق والجوافة من نوع ليس به بذور كثيرة، وعلى الرغم من أنها كانت تعمل إلا أنها كانت تهتم بزراعتها كهواية. والحمد لله حاجة تلهيها عني.

في يوم فوجئنا بابننا بعد انتهاء اليوم الدراسي حاملًا بين كفيه "كلبة" صغيرة فرحًا بها، وقد أهداها له زميل أسترالي معه بالمدرسة.

في زهو أخذ يحدثنا عن سلالة "الكلبة" العريقة، فهي خليط بين نوع من الكلاب معروف وله شهرته اسمه "دالميشن" و"كوللي".

النوع الأول هو نوع "الكلاب المنقطة"، وهو يُستخدم مع الشرطة، والنوع الثاني هو نوع  الكلبة "لاسي" الشهيرة. وقد تمت تسميتها باسم "كيللي"، وتم تسجيلها باسمنا، وكله تمام.

أصبحت "كيللي" فردًا من أفراد العائلة، إذا مرضت- ولم يحدث إلا في حادث سأتحدث عنه لاحقًا- من الطبيعي سنسرع لعلاجها. لها مواقف جميلة، مثلًا.. عند ذهابي أو ذهاب الأولاد وزوجتي إلى العمل والمدرسة كانت تسير معنا إلى محطة القطار أو الأتوبيس، وتتأكد أننا بالفعل ركبنا.. نودعها فتعود أدراجها إلى المنزل، وتبقى أمامه في الحديقة الأمامية لحين وصولنا.

ذات يوم كانت تلعب في حديقة حكومية خلف أسوار منزلنا والمنازل المجاورة، ولمحت زوجتي وابنتي في الناحية الأخرى من الشارع، فجرت إليهما عابرة الطريق دون الانتباه لسيارة نصف نقل كانت قادمة فدهستها. وقف سائق السيارة ونزل متجهًا إلى حيث ترقد "كيللي"، وجرت إليها زوجتي وابنتي، وكانت الدموع تنزل من مقلتيهما غزيرة، ومن عيون "الكلبة" كيللي أيضًا. شهامة السائق جعلته يتصرف بسرعة بنقلها إلى سيارته، وطلب من زوجتي وابنتي الركوب معه، وانطلق إلى مستشفى للحيوان، ولحسن الحظ لم تكن بعيدة عن مكان الحادث. بقيت حوالي 10 أيام، تم علاجها، وأصر السائق على دفع كافة المصاريف التي قد تكون قد تعدت الألف دولار.

عاشت معنا "كيللي" كحارس أمين للبيت، وراع لنا يصاحبنا عند الخروج في الصباح وينتظرنا عند مدخل البيت بعد عودة كل منا من العمل أو المدارس.

كبر الأولاد، وتزوج جميعهم، وشعرنا- زوجتي وأنا- أن المنزل أصبح كبيرًا علينا، فقررنا البيع وشراء شقة صغيرة، ولم يشغل بالنا غير "كيللي" أين ستكون؟ ومع من تعيش؟.. عرضنا أمرها على زوج ابنتي الكبرى، فرحب، على الرغم أن عنده "كلبة" أخرى، لكنه يحب "كيللي".. رعاها الرجل كأحسن ما تكون الرعاية إلى أن كبرت في السن وماتت، فحزن الجميع عليها.

لم نحتمل السكنى في شقة، وكانت أسعار البيوت في طريقها إلى الارتفاع. أسرعنا الخطى، وبعنا الشقة واضطرتنا الظروف شراء بيت بعيد، فلم نحتمل. تركنا البيت وعرضناه للبيع، وأجرنا شقة قريبة من عمل زوجتي. تم بيع البيت واشترينا فيلا، وأهدانا أصدقاء "كلبًا" من نوع "مولتيزترّيَ" صغير في الحجم، لكنه جميل الشكل، هادي الطبع، قوي الحراسة، وأطلقنا عليه اسم "سيزر".

بقي معنا "سيزر" لمدة قاربت العشر سنوات، وكان ابني عنده "كلبة" من نوع يسمى "بومي أرانيان" عندما تنظر إليها تراها وكأنها "ليدي" سيدة أنيقة إن كان في الشكل أو الحركة والمشي. أطلقت عليها زوجة ابني "كيمبي". الجميل فيها إلى جوار شكلها العام ومشيتها، كان ترحيبها بنا عندما نذهب لزيارة ابننا، أو عندما تأتي عندنا وتلتقي بـ"سيزر".

ماتت "كيمبي" منذ ما يقرب من سنتين. ومات "سيزر" منذ ما يقرب من خمسة أشهر بمرض القلب، على الرغم من علاجه الذي استمر لأكثر من سنتين.

قررنا- زوجتي وأنا- عدم شراء أو قبول أي نوع من "الكلاب"؛ لأننا لم نعد قادرين على رعايتهم، على الرغم من رغبة حفيدي شراء "كلبًا" من نوع "جيرمن شيبرد". "كلب" قوي يحتاج إلى رعاية خاصة جدًا وحركة وخروج به، ولا أحد منا يستطيع أن يقوم برعايته، على الرغم أن حفيدي وعد برعايته. لكن كيف سيفعل ذلك وهو طالب في السنوات النهائية للثانوية العامة، ولاعب في فريق هريستفيل يونيتد للرجبي، وهي لعبة قائمة على قوة الجسم والحركة.

انتهى الأمر، وبالفعل لم نشتر "كلبًا" مرة أخرى.

من المؤكد أنكم ستسألون أين حديثي عن "هذا الكلب" الذي عنونت به مقالي؟
الساءل له الحق كل الحق في سؤاله.. سأجيبكم عن هذا "الكلب"..

منذ شهر مضى، طلبت منا حماة حفيدتي إن كنا نستطيع أن نرعى "بونشو"، وهو من نوع "مولتيز شيزوو" لمدة شهر، لسفر العائلة إلى "مالطة"، لمرض والدة زوجها وهي في حالة خطيرة.

لم يكن أمامنا سوى القبول.
أحضروه، ومعه الطعام الذي لا يأكل غيره، مع "فرشتُهْ" التي ينام عليها، وأطباقه الخاصة به للأكل أو للشرب. إلى هنا وكل شيء أوكي.

لاحظنا أنه لا يدخل داخل المنزل مهما كان الباب مفتوحًا. كذلك أنه لا ينبح على الفاضية والمليانة. هادي الطبع. حبوب. فرحنا لعدم إقلاقنا بالليل بنباح أو محاولة الدخول داخل المنزل.

ذات ليلة سمعناه ينبح نباحًا عاليًا ومتواصلًا. حاولنا إسكاته من الداخل بشتى الطرق وبالصوت العالي الآمر، لكنه لم يسكت، واستمر في نباحه.

اضطرت زوجتي أن تخرج لتعرف سبب نباحه هذا.

في "الباك يارد" لا شيء غير عادي يدعو إلى نباحه.

توجهت إلى حيث ينام داخل الجراج، وهو يتبعها ويحوم حول مكان نومه. شد انتباهها أن  "فرشته" الخاصة به، والتي ينام فوقها، ليست موجودة. تذكرت أنها أزاحتها من مكانها لتنظيف المكان ولم تضعها مكانها مرة أخرى. أحضرتها له. نظر إليها وأخذ يهز ذيله فرحًا، ونام قرير العين.

مرة أخرى فعل ما فعل من قبل.. نباح مستمر وعالٍ.. خرجت زوجتي ففوجئت بوجود مياه أمام باب الجراج كثيرة، ويبدو أنه لم يرغب في الخوض فيها ويبلل نفسه. قامت بإزاحة المياه وربتت على ظهره. ذهب إلى "فرشته" ونام.

هذا هو "الكلب بونشو"، صغير الحجم، لا يعرف الكلام، ولم يتعلم في مدارس أو جامعات، ولم يدرس تاريخ "الكلاب" حتى نقول أنه قلدهم وطالب بحقه، ولم يقرأ بيت الشعر هذا:
إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر..
ولا تعلم وعرف هذا القول المأثور: "لا يضيع حق وراءه مطالب"..
ولم يسمع "أم كلثوم" وهي تشدو بصوتها ملعلعةً قائلةً:
وما نيل المطالب بالتمني .. لكن تؤخذ الدنيا غلابَا

هذا هو "الكلب" الذي جعلني أكتب عنه، وعن "كلاب" عاشت معنا كلُ كانت له طباعه الخاصة به، واحترامه لنفسه، وإصراره على حقه المسلوب.
فهل سنجد من يفهم من الآدميين ويعيّ الدرس؟؟؟!!!... 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :