الأقباط متحدون | للكنيسة أم للبابا ؟!!!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٢:٣١ | السبت ٢٩ اغسطس ٢٠٠٩ | ٢٣ مسرى ١٧٢٥ ش | العدد ١٧٦٧ السنة الرابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

للكنيسة أم للبابا ؟!!!

السبت ٢٩ اغسطس ٢٠٠٩ - ٣٥: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: كمال زاخر موسى
الكاتدرائية انزعجت من وفاة البابا ولم تحرك ساكناً تجاه خلافته!!

كجريان النار فى الهشيم كان انتشار الشائعات الكنسية فى اقل من 24 ساعة، تناقلتها مواقع الإنترنت والهواتف المحمولة ومنها الى الصحف، ولاحقتنا البيانات والبيانات المضادة وتطايرت الإتهامات، ومازالت، حتى تكاد تلفحك حرارة الصفيح الساخن الذى باتت الكنيسة تجلس فوقه، كان اللافت ان تستدعى الكاتدرائية المرقسية ـ مقر قداسة البابا شنودة الثالث ـ كهنة القاهرة وتخومها الى اجتماع عاجل مع قداسة البابا دون أن تفصح عن موضوع الاجتماع، وتحدث البابا طويلاً وتطرق الى موضوعات شتى، وامتد الاجتماع لما يزيد على الثلاث ساعات، وبين جموع الكهنة ـ الذين تجاوز عددهم الخمسمائة ـ كانت تدور تحليلات وتخمينات عديدة خاصة وأن الرسالة التى حملتها كلمات البابا كانت تتمحور حول أنه بخير وكانت الحيوية والإنتباه والتركيز هى السمات الغالبة على قداسته، ويتناقل المجتمعون همساً أن السبب الرئيس للدعوة هو ما تردد عن انطلاق شائعة تقول بأن قداسة البابا ـ أطال الله عمره ـ سيرحل عن العالم يوم 22 أغسطس الجارى !!، وأن من سيخلفه هو الأنبا يؤانس سكرتير قداسته استناداً الى رؤية فى منامه رأى فيها القديسة مريم العذراء ومعها بعض من القديسين بل وراهب معاصر وكاهن معاصر كانا برفقة البتول، تعلمه فيها بأنه البابا القادم، وهى قصة تتداول وتنتشر قبل سنوات لكن الجديد فيها تحديد موعد محدد لإنتقال السلطة، الأمر الذى أزعج البابا فأرسل لسكرتيره المتواجد بالولايات المتحدة الأمريكية كمبعوث لقداسته لتهدئة اقباط المهجر بشأن زيارة الرئيس مبارك لها، أرسل له تعليمات بأن يبقى هناك حتى اشعار أخر ، فيما فسره البعض بقرار نفى خارج البلاد، وهو ما كذبته الأحداث بعدها حيث ظهر الاسقف السكرتير برفقة قداسة البابا فى اجتماع الاربعاء الأسبوعى، وقاد صلاة التسبحة الاسبوعية بكنيسة العذراء بالزيتون فى اليوم التالى كعادته الاسبوعية ، وهى الصلاة التى تنقلها على الهواء مباشرة قناة CTV التى يشرف عليها الدكتور ثروت باسيلى وكيل المجلس الملى.

ويتوازى مع هذا نشر واحدة من المجلات القومية الاسبوعية تحقيقاً عن إبعاد ـ شلح ـ احد كهنة البلينا بقرار من البابا فى تخط لصلاحيات اسقف البلينا ، استعرضت فيه تعليقات بعض الرموز القبطية ومنها د. باسيلى، ليصدر فى اعقابها المجلس الملى بياناً يعتبر ما قاله وكيله بمثابة رأيه الشخصى ولا يعبر عن رأى المجلس ، بل ذهب البعض من اعضاء المجلس الى المطالبة بالتحقيق معه وابعاده فى بيان شمل فى توقيعاته شخصيات لها ثقلها فى مجلس الشعب ومجلس الدولة، وسارع بعض من الشباب المحسوبين على احد المطارنة الى اصدار بيان يطالب بمحاكمة سكرتير البابا ومعاقبته باعتباره بحسب رأيهم هو من اطلق الشائعات والخيوط ممتدة بينه وبين سكرتير المجلس الملى .

وغير بعيد يقف سكرتير ثالث وهو سكرتير المجمع المقدس والذى يدير معركة الخلافة بشكل مرتب وأكثر حنكة وبدأب من خلال توظيف آليات الإعلام المقروء والمرئى ليقدم نفسه كنموذج للبديل القادم الأكثر علماً وثقافة وغيرة على ثوابت الكنيسة ومعتقداتها إضافة الى تأكيده بأنه يحظى بتأييد البابا ، بل ويؤكد على ان البابا هو الذى اعطى له الضوء الأخضر فى أحقية المطران فى الترشح للكرسى البابوى فيما كان يعتقد قبلاً بأن هذا مخالف للقواعد الكنسية التى أقرت فى القرن الرابع الميلادى ـ مجمع نيقية ـ إذ اكتشف المطران ان هذه القواعد والقرارات المجمعية مزورة ومدسوسة عليه فى جسارة يحسد عليها ، وبين الحين والأخر يرسل رسائل ترضية ومغازلة للحزب الحاكم يعرض فيها ولائه ويقدم خدماته، فى تبسيط مخل يختزل العلاقة بين الدولة والكنيسة فى مواقف هشة لا تقرأ التوازنات بموضوعية.

وبين سكرتير البابا ووكيل المجلس الملى وسكرتير المجمع المقدس تقع الكنيسة صريعة وتدور الشائعات التى تبنئ بما هو أفدح ، وتكشف لنا عن صراع الأجنحة داخل الكاتدرائية، واللافت ان الكاتدرائية انزعجت من الحديث عن وفاة البابا ولم تحرك ساكناً تجاه هذا الصراع على خلافته، وهو ما كشفت عنه هتافات الكهنة فى اجتماعهم والتى تمحورت حول شخص البابا وليس الكنيسة، وهو ما اعتقد أن قداسة البابا لا يقره أو يقبله، وكأننا فى اجتماع تعبوى يسعى للحشد الأيديولوجى على منوال الاتحاد الاشتراكى الراحل.

وقد نبه التجمع العلمانى إلى ما يحدث اليوم خلال اربع سنوات مضت عبر مؤتمراته السنوية المتتالية ، بأن الأزمة تكمن فى اللائحة المنظمة لترشيح وانتخاب البابا البطريرك والمعروفة بلائحة 57، نسبة الى السنة التى صدرت فيها ، والتى تعطى للأساقفة والمطارنة حق الترشح للكرسى البابوى، بل وابتدعت اجراء قرعة هيكلية بين الثلاثة الأعلى اصواتاً لاختيار احدهم للمنصب ، وهى بحسب الابحاث التى اصدرها التجمع العلمانى وبحسب شهادات المعاصرين الباب الملكى لتدخل جهات عديدة فى اختيار الفائز.

وهذه اللائحة كانت نتاج طبيعى للمناخ السياسى والكنسى آنذاك، فلم يكن الحرس القديم فى المجمع المقدس يريد أن يأتى للكرسى أحد شباب الرهبان قادة حركة مدارس الأحد وقتها وكذلك رجال ثورة يوليو تحاشياً من جانبهم لتولد قوة مناوئة من شباب نظرائهم يملكون رؤية وأجندة واستراتيجية بدت ملامحها فيما حملته سطور مجلة مدارس الأحد قبلاً (1947 ـ 1954) ، ولم يستطب للحكام الجدد وهم يتبنون النهج الأبوى فى ادارة البلاد ـ وهو نسق يرى فى الانتخابات عائقاً امام طموحاتهم ـ أن تتبنى الكنيسة منهج الإنتخاب فأوعزوا بفكرة القرعة لتهدر منظومة الانتخاب من اساسها وتفرغها من مضمونها ولم يتوانى ترزية القوانين من الكنسيين فى ايجاد الغطاء الكنسى المبرر لها، وفى المرتين التى طبقت فيهما اللائحة لم يأت الأعلى أصواتا للكرسى.

الأزمة تتجاوز قداسة البابا ولا علاقة لها بمحبتنا له والتى لا نضعها على محك التشكيك ، لتصل الى مستقبل الكنيسة برمتها ، ولعل السؤال هل تحتمل الكنيسة ما سوف تنتجه الصراعات المتوقعة بين الفرقاء من الاساقفة والمطارنة المتطلعون الى هذا الموقع بكل بريقه السياسى والإعلامى والمجتمعى والدولى بفعل وثقل وتحرك وتجربة قداسة البابا شنودة ؟، هل يمكن ان ندخل فى ما تنتجه المعركة الانتخابية وقد اصطبغت بصبغة تتماس مع النهج السياسى من طعون وتجميد وتدخل قضائى يسلم الكنيسة الى نفق مظلم يصعب الخروج منه ، وإذا خرجت فمن يضمد جروحها ؟ ، واذا فاز احد الفرقاء من صقور المجمع فمن يضمن عدم الدخول فى مرحلة تسوية الحسابات المعلقة وتصفيتها وما يتولد عنها من أزمات لا سقف لها خاصة وأن الأسماء المطروحة قطعت علاقتها بالأبوة والتسامح والمحبة بل وتفتخر بنهج العسف والبطش باعتبار أنه الأمثل مع من يحسبونهم غلاظ الرقبة فى اعادة انتاج لسياسات ما قبل المسيح .
لهذا يبقى الإلحاح على مراجعة وتعديل لائحة 57 أمراً وجوبياً ، ينص فيها صراحة على قصر الترشيح والإختيار على الرهبان فقط ممن لا تزيد رتبتهم عن " القُمُّص " ، وأنه لا يجوز ترشيح الاساقفة بكل نوعياتهم ـ اسقف ايبارشية أو اسقف عام ـ وكذلك المطارنة ، والغاء القرعة الهيكلية التى يستند مؤيدوها الى واقعة وحيدة وغير متكررة وردت فى الانجيل ولا يقاس عليها لأنها تمت بين متساويين يدق التمييز بينهما، فيما تمثل فروق الأصوات عاملا مميزاً واضحاً، وهو أمر يتطلب خروج اباء المجمع المقدس عن صمتهم ، فالصمت ليس فى كل الأحوال فضيلة، وقبل أن يتولى التاريخ محاكمتهم .




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :