الأقباط متحدون | الجاليات الأجنبية فى مصر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٢:١٧ | الأحد ١١ نوفمبر ٢٠١٢ | ١ هاتور ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٤١ السنة الثامنة
الأرشيف
شريط الأخبار

الجاليات الأجنبية فى مصر

الأحد ١١ نوفمبر ٢٠١٢ - ١٥: ١٠ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: محمد عبد الفتاح السرورى

إن أسوأ ما قد يبتلى به أى مجتمع هو أن يصبح مجتمع أحادى ... احادى فى اى أى شئ أحادى فى الثقافة فى الاعراق وفى الديانات والرؤى وغير ذلك . غن التعددية الثقافية تثرى المجتمع وتجعل منه مجتمعا متحضرا راقيا يقبل الخلاف والغختلاف ويكون بحكم تكوينه حائط صد أمام كل محاولات التعصب أو محاولات زراعة الكراهية ..

وقد كان المجتمع المصرى يوما ما كذلك كان مجتمعا - كوزموموبوليتانيا- حاضنا للثقافات على إختلافها - وتعارضها- جامعا لمختلف الرؤى وأساليب العيش ومحتويا كل اصحاب الديانات الذين يعيشون بين جنباته ...
كان مجتمعا يموج بالحركة والنشاط التجارى والصناعى والادبى ولم يعرف التناحر ولا التنابذ ولا العنف ولا الكراهية كان مجتمعا راقيا يوم أن كانت الجاليات الأجنبية تشكل جزءا أصيلا من أجزاءه لا تنفصل عراها عن عراه كانت هذه الجاليات متحمة مع المجتمع أيما يكون الإلتحام وكان المجتمع آنذاك يتقبل هذا الإلتحام بحب وبمودة ... عاش على أرض مصر الطيبة الكثير من أصحاب الجنسيات وكانوا يشكلون جاليات منها الكبير ومنها المتوسط ومنها ما هو صغير الحجم عرفت مصر الجاليات اليونانية والأرمينية والإيطالية والفرنسية وكذلك التركية و والألبانية والإنجليزية بالطبع هذا غير الجاليات العربية مثل الجالية اللبنانية بعض من تأثير الجاليات على مناحى الحياة فى مصر على الرغم من ان مصر كانت محتلة إحتلالا إنجليزيا إلا أن لغة النخبة والصفوة كانت الفرنسية وليست الإنجليزية وكانت اللغة الفرنسية أيضا هى اللغة التى تكتب بها لافتات المحال التجارية ولا يزال بعض من هذه اللافتات موجود حتى يومنا هذا شاهدة على مدى التمازج والإحتضان لهذه الثقافة الفرانكوفونية الراقية وليس هذا فقط بل ان لافتات بعض من عيادات الغطباء كانت تكتب أيضا باللغة الفرنسية أو الإنجليزية ولا زالت هذه اللافتات موجودة هى الاخرى حتى يومنا هذا

ويقال - والعهدة على الراوى ان بعض من حكام مصر من الاسرة العلوية لم يكن يجيد العربية وكان يتحدث بالفرنسية كأفضل مما يتحدث بالعربية هذا غير إنتشار الكثير من مفردات هذه اللغة بين طبقات الشعب حتى بين الأطفال وكم كانوا ينطقون بعض هذه المفردات أثناء لهوهم فى الشارع أما التاثير الأعظم الذى اثرته الجاليات الاجنبية فى مصر هى تلك الثروة المعمارية الرائعة والمتمثلة فى عشرات العمارات والبنايات ذات الطابع الإيطالى والفرنسى ولا تزال بعض من هذه العمارات والبنايات تحتفظ بأسماء المهندسين الذين شيدوها مثل المهندس ( فريد ديبانا) والذى لايزال اسمة محفورا على بعض من بنايات محافظة الاسكندرية حتى يومنا هذا

لقد تركت الجاليات الاجنبية فى مصر ثروة معمارية لاتقدر بثمن ويجب الحفاظ على هذه الثروة حتى لا تضيع ويأخذها تيار القبح والإهمال واللامبالاه ومنها على سبيل المثال تلك العمارات الرائعة فى شارع عماد الدين اوميدان طلعت حرب وباب اللوق فى محافظة القاهرة والعمارات الكائنة فى مناطق الأزاريطة والشاطبى الإبراهيمية فى محافظة الاسكندرية وذلك على سبيل المثال لا الحصر بلغ من شدة إمتزاج الجاليات الأجنبية أن بعض من أبناء هذه الجاليات عمل بالفن وآخرين بالصحافة هذا طبعا غير عملهم الاساسى بالتجارة والصناعة مثل الفنا إستيفان روستى الذى ينحدر من ام إيطالية وأب نمساوى وقد ولد بالقاهرة حيث كان والده يعمل سفيرا للنمسا فى القاهرة والذى إندمج فى المجتمع المصرى حتى صار واحدا من نجومه فى السينما وغيره الكثير مما لا يتسع المقام لذكره

كانت الجاليات الأجنبية فى مصر جزءا فعليا فى التكوين المصرى - البوتقة المصرية - والتى إنصهر فيها الجميع على إختلاف أعراقهم وأديانهم ولغتهم تفاهموا جميعا بلغة واحدة هى لغة العيش الودى المشترك البعيد عن التعصب والكراهية وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والدينية والعرقية ,, كانت شوارع مصر - كما يتضح جليا من الصور الوثائقية آنذاك- كانت تموج بمختلف الجنسيات والأعراق وكانت المحال التجارية تعلن عن جنسيات أصحابها وديانتهم أيضا- بحكم الإسم- دون اى شعور بالخوف أو القلق او إثارة الريبة والشكوك لأن المجتمع آنذاك كان مجتمعا طبيعيا ,, يتجاور فيه الجيران كلا حسب ديانته وثقافته وجنسيته ولا توجد مشكلة وكما ورد على لسان البعض أن بعض المدارس ايضا كان تقبل أبناء هذه الجاليات ليتلقوا تعليمهم فيها أى ان الأباء كانوا على درجة من الإندماج اتاحت لهم إرسال أبنائهم كى يتعلموا فى المدارس المصرية فأين نحن الآن من هذا كله ؟ كم يحتاج المجتمع المصر الآن الى ترسيخ ثقافة الإختلاف والتعايش المشترك والدخول فى علاقات إنسانية وحضارية رائعة كما كان من قبل كم يحتاج هذا المجتمع أن يعود مجتمعا طبيعيا تتلاقى فيه الحضارات وتتمازج فيه الثقافت وتندمج فية مختلف الجنسيات تحت السماء المصرية والتى طالما أظلت أناس ولدوا على غير أرضها وأصبحوا بعد ذلك من اشد محبيها وعمروها وأثروا ثقافة شعبها الأصيل . هذا الشعب الذى طالما أحتضن وافديه كما إحتضن بنى جلدته ومواطنيه 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :