الأقباط متحدون | أيوه بخونك
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٣:٤٣ | الجمعة ٩ اكتوبر ٢٠٠٩ | ٢٩ توت ١٧٢٦ ش | العدد ١٨٠٨ السنة الخامسة
الأرشيف
شريط الأخبار

أيوه بخونك

الجمعة ٩ اكتوبر ٢٠٠٩ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: ماهر ميشيل
لم استفز في حياتي، بقدر ما استفزيت عند سماع كلمات أغنيه على (نجوم أف أم) تقول كلمات قرارها:  أيوه بخونك صح ظنونك ... مفيش داعي لكلام جارح  ... .طب إيه رأيك إن أنا خنتك ...ياما وآخر مره امبارح !!!!
من الطبيعي أن تتغنى كوكب الشرق أم كلثوم و العندليب الأسمر عبد الحليم، لفضيلة أو لثمرة "الحب" وكثير من المغنيين يغنون له في كل أنحاء الدنيا بكل اللغات، ومن الطبيعي أن نتغنى للجمال، وللطبيعة، وللوطن، وللرؤساء،  وللكرة،  وللعلم والعلماء، وللكفاح ولكل قيمة ترتفع بالذوق الإنساني وتثري المبادئ الإنسانية الرفيعة، فهذا هو الطبيعي.
لكن الغير طبيعي أن نغنى "للخيانة" ويصبح عمل الخيانة والكذب والنفاق هو الفضيلة التي نتغنى بها، ومن يغنيها يشعرك أنه مجاهد أو محارب ومن شهداء حرب "الخيانة" فهو بطل لأنه خان، وهو بطل لأنه يخبرها مواجهة ويقول لها " أيوه بخونك" والعجيب أنه يحملها مسئولية هذه الخيانة، فهي التي لم تستمع بحضنه الدافي، و الأخرى التي خانها معها وجدت في هذا الحضن "الجنة" !!!
وإليكم كلمات الأغنية التي بحثت عنها مكتوبة على شبكة الانترنت فلم أجدها، فقمت بكتابتها أثناء الاستماع إليها من أحد مواقع الأغاني الصوتية على الانترنت ، الكلمات تقول:

[ 1- عايزه تعرفي رد سؤالك ... متأكده دا يريح بالك ... أنا كنت بخاف على إحساسك ... لكن انتي عرفتي تخليني ... أقسى وأجمد قلبي عليكي ... الكدب عرفته على ايديكي ... وبقولك وأنا عيني في عنيكي ... ايوه انا بعرف واحده عليكي ...
القرار ... أيوه بخونك صح ظنونك ...مفيش داعي لكلام جارح ... طب إيه رأيك إن أنا خنتك ... ياما وآخر مره امبارح ...
2- فاكره أما استهترتي بحبي ... واتكبرتي كتير على حضني ... غيرك  لقت الحضن دا جنة ...
بنساكي لما بتحضني ... عمري ما حسيت منك غيره ...  والحنيه كانت بالتيله ... وقت ما كنت بلاقي حنانها ...غيرتها كانت باينه عليها
3- بس لو أنا غلطان قيراطين ... انتي بقى غلطانة متين ... وصلتيني اني اكره نفسي ...واخونك وابقى بوشين ... عارف إن كلامي بيدبح ... واني في نظرك مجرم خاين ... الكدب صحيح دايما أريح ... وأنا راحتي فراقنا يكون حالا ]

هل إلى هذا الحد وصل بنا الحال؟؟ من الانحدار الأخلاقي حتى نتغنى "للخيانة" ويصبح الخائن بطلاً ؟؟ وتصبح الخيانة قيمة عالية يتغنى بها المغنيين؟؟ أم هو إفلاس في الكلمات والألحان "وأي كلام فاضي معقول؟؟" !!! إني متعجب كيف مرت هذه الأغنية على الرقابة وسمحت بها؟؟!! وكيف مرت على ضمير كل من كاتبها وملحنها ومغنيها وإدارة الإذاعة التي أذاعتها؟؟ وكل هؤلاء لم يكن فيهم من يصرخ ويقول كلمة : لا ... لا للخيانة ولا للكذب ولا للنفاق.
إننا نربي في الجيل القادم من الأطفال والشباب بهذه الأغاني "الهابطة" في الكلمات، قيم دنيئة ونجعل من الخيانة والخائن عملاً مشروعا، مثل اسم فيلم "خيانة مشروعة" !!! أين الدين؟؟ أين الأخلاق؟؟ أين احترام الذوق العام؟؟

طالما أصبحت خيانة الزوجة قيمة وعمل بطولي يُـغنى له الأغاني، تصبح خيانة الوطن، وخيانة الأمانة، وخيانة الضمير قيمة عليا، ولا يحاسب عليها من يقوم بها ويصبح الكذب والنفاق والخداع من الأمور الطبيعية ً، ومن هنا يذهب الضمير العام إلى غير رجعه، فتنتشر الرشوة، وينتشر الفساد، وتنشر كل القيم الفاسدة بلا رقيب وبلا محاسبة، ويصبح تقدم هذه الأمة من الأمور الشبه مستحيلة.
لكن ليست الصورة بهذه السواد، فالنور مازال موجود وسط الظلمة، والملح مازال يُملح الأرض ويحفظها من الفساد، وهناك من هم يرفضون هذا العبث – وإن كانوا قلة – لكن  أقل نور يتلاشى بسببه الظلام، وسيظل النور والحق هو الأقوى حتى تستمر الحياة.
فالأمل لمن يقول لا .. لا للفساد .. لا للخيانة ... لا للكذب ...
 ومن ناحية أخرى هذه الأغنية تطرح تساؤل هام آخر، ماذا لو كُتبت هذه الأغنية بصيغة المؤنث، وكان الذي يغنيها مطربة وليس مطربا؟ أنا متأكد أنه سيقوم كل رجال المجتمع من كل فئاته ليقولوا "مثل هذه المرأة تُرجم" فالخيانة عمل بطولي بالنسبة للرجل!! وجرم لا يغتفر وعار على المرأة!! مع أنه نفس الفعل، ولكي يتم لابد له من طرفين رجل وامرأة.

إننا نكيل بمكيالين، لأننا مجتمع ذكوري يعطي كل الحق للرجل ويقهر المرأة في حقها حتى في الحياة، فنريد أن يعمل الرجل وأن يأخذ أعلى المناصب والدراسات العلمية، ونريد أن نسلب المرأة حقها في كل شيء، هذه هي العقلية الشرقية التي تفرق بين الرجل والمرأة.
لا أقصد بكلامي هذا إني أشجع الخيانة، سواء للرجل أو للمرأة، لكن هذه الأغنية كاتبها رجل بالتأكيد – أنا لا أعرف كاتبها – وبكل تأكيد ملحنها رجل، ومغنيها رجل، والرقابة التي مرت عليها من الرجال، فالكل سمح بها لأنها تعكس عقلية الرجل الشرقي، لكن لو نفس الكلمات كتبتها امرأة وغنتها، ستقوم القيامة ولن تقعد وستخرج السيوف لتقتل هذه المرأة الفاجرة!! إنها عقلية الرجل الشرقي الذي يعطي لنفسه كل الحقوق ويمنعها عن المرأة.
سؤالي  الأخير، إن كانت هذه الأغنية قد مرت من على مقص الرقابة بدون قطع، فما هي الأغنية القادمة؟ هل سنغني للجنس وللشذوذ وللإباحية على إنها قيمة عالية؟؟ أتمنى أن لا أرى هذا يحدث في الوطن العربي في حياتي وأن أموت قبل أن أرى هذا اليوم.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :