هل الحل في تقسيم العراق؟
أوعدتُ في مقالي السابق الموسوم (العراق في مفترق الطرق )، أن أطرح حلولاً لما يواجهه الشعب العراقي من تصعيد غير مسبوق لأزمته الدائمة في صراعاته الطائفية والأثنية، إلى حد أن رفع الأخوة الأعداء شعارات وهتافات شتائمية بذيئة إلى كسر العظم كما يقولون. فما الحل الآن بعد أن وصل العراق إلى مفترق الطرق. أي طريق يسلك؟ هل الحل في تقسيم العراق إلى ثلاث دول، أو دويلات مستقلة، أو دولتين، واحدة عربية وأخرى كردية؟ أم فيدراليات، أو كونفيدراليات، أو التعايش مع هذا الوضع المزري إلى أن يجتاز العراقيون المراهقة السياسية ويبلغوا سن الرشد؟
بعد نشر المقال المشار إلمشار إيه أعلاه، استلمت جملة من الأفكار ومشاريع حلول، كما وقرأت العديد من مقالات لكتاب أكاديميين ومفكرين، وصحفيين، وكذلك تصريحات بعض السياسيين، وتعليقات ورسائل الكثير من القراء الكرام.
على العموم، يمكن تقسيم الآراء والمواقف إلى قسمين: الأول مع التقسيم، والثاني ضد القسيم... أحاول عرض البعض منها بإيجاز نظراً لأهميتها وقوة طرحها، ومناقشتها للوصول إلى استنتاج.
دعاة التقسيم
يرى دعاة التقسيم أن الشعب العراقي في هذه المرحلة غير قابل للتعايش في دولة واحدة بإرادته الحرة وفي ظل نظام ديمقراطي وفر لجميع مكونات الشعب حق الاختيار في العيش معاً أو افتراقاً. ويرى هؤلاء أن الوحدة الوطنية غير مقدسة، وأنها غير موجودة أصلاً لتكون مقدسة أو غير مقدسة لكي نحافظ عليها. فبعد كل هذا الطوفان من الحقد الطائفي الذي طفح على السطح مؤخراً، وصبه المتظاهرون في المثلث السني على الشيعة، فما الذي يجمع هؤلاء الأخوة الأعداء في دولة واحدة إذا كان البديل (الانفصال) ممكناً؟
وفي هذا الخصوص: "اعرب النائب عن التحالف الوطني، جواد البزوني في تصريح خطير ان حل الازمة التي يمر فيها العراق هو تقسيمه الى ثلاث دول، متهما ارادات وأجندات داخلية وخارجية بالعمل من اجل تقسيم البلد، مشيرا الى ان تقسيم العراق بات اليوم مطلبا سياسيا وشعبيا، حسب قوله، داعيا الشيعة في محافظتي نينوى وكركوك الى "الهجرة للجنوب".
ففي عصرنا كانت هناك شعوب وقوميات موحدة في فيدراليات، مثل الاتحاد السوفيتي، ويوغوسلافيا، ولكن ما أن انهارت الأنظمة الشيوعية حتى وانفرط عقد هذه الفيدراليات، وانتهت بتكوين دولها القومية إما بالوسائل السلمية كما في جمهوريات الإتحاد السوفيتي سابقاً، أو عن طريق حروب إبادة الجنس، وتدخل دول أجنبية كما حصل في بلاد البلقان، أو عن طريق حروب طويلة المدى كما حصل في تقسيم السودان.
ومما يجدر ذكره، أن التقسيم ليس خاصاً بدول العالم الثاني والثالث، أو نتيجة التخلف الحضاري..الخ، بل ويحصل حتى في العالم الأول المتقدم كما هو المخطط في سكوتلاندة التي تطالب بالانفصال من المملكة المتحدة (بريطانيا) وتم ترتيب إجراء استفتاء شعبي في العام القادم، وكذلك مقاطعة كتالونيا تطالب بالانفصال من أسبانيا. ففي عصر العولمة يسير العالم في طريق ذي اتجاهين متعاكسين، اتجاه نحو التقارب بين الدول بتكوين فيدراليات اقتصادية بمحض اختيار وإرادة شعوبها، مثل الاتحاد الأوربي، واتحاد أمريكا اللاتينية، واتحاد أمريكا الشمالية، والوحدة الأفريقية، واتحاد جنوب شرقي آسيا...الخ، واتجاه آخر معاكس يقود إلى انفصال شعوب تنتمي إلى دولة واحدة تحلم بتحقيق دولها القومية، مثل كتالونيا وسكوتلاندا وكردستان...
يتكون الشعب العراقي من ثلاث مكونات كبيرة متصارعة فيما بينها، موزعة جغرافياً: العرب الشيعة (محافظات الوسط والجنوب)، العرب السنة (الحافظات الشمالية الغربي)، الكورد (المحافظات الشمالية الشرقية). إضافة إلى أقليات قومية ودينية أخرى، التركمان، والمسيحيين، والصابئة، والأيزيديين، والشبك وغيرهم.
فبالنسبة لإقليم كردستان، كتب لي صديق رداً على من يعارض التقسيم، قائلاً:
((هل العراق هو موحد حاليا؟ هل يمكن لشرطي عراقي أن يدخل كردستان؟ فحتى المواطن العراقي من المحافظات العراقية غير الكردستانية لا يسمح له دخول كردستان إلا بتأشيرة دخول (فيزة) كأي أجنبي. وهل وهل...الخ؟ بنظري أن العراق مقسم حاليا، فالأكراد مستقلون فعليا وعمليا في موطنهم التأريخي كردستان، و لا سلطة للحكومة الفدرالية على كردستان. وحق تقرير المصير مبدأ كفلته منظمة الأمم المتحدة، فلماذا لا تكون عندنا الشجاعة الكافية ونعترف بالواقع؟ أرى انه من الأفضل ان نفترق وديا وعقلانيا كما فعل الجيك والسلاف عبر مفاوضات مفصلة تعيِّن الحدود والصلاحيات والعلاقات، و نبقى اصدقاء تربطنا بهم علاقات ود و صداقة وتجارة واقتصاد الخ.. هذا هو الحل الحضاري لوضع العراق. و أرى انه أولى بالحكومة المركزية ان تبادر بالخطوة الاولى و تقترح ذلك على حكومة كردستان باستقلال كردستان، الدولة الصديقه التي تربطنا بها علاقات اقتصادية وثيقة سوف لا يكون للأكراد اي نفوذ أو وزراء، أو أعضاء في الحكومة المركزية، او البرلمان المركزي، و لا ندفع 17بالمائة...الخ من قوت ابن الوسط و الجنوب. هذا ما اراه صالحا للعراق و هذا ما اراه قادماً، اي انفصال كردستان عن العراق شئنا ام أبينا، و لكن ارجو ان يكون ذلك سلميا"- مع تحياتي القلبية)) أنتهى.
مناقشة: هذا الكلام سليم جداً، وأنا أتفق معه. فقد حرَّم الحلفاء (بريطانيا وفرنسا) في معاهدة لوزان عام 1923، الشعب الكردي من...
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :