السحابة البمبي!!
بقلم: أماني موسى
تعلمت منذ الصغر في كًُتاب القرية أو المدرسة (مش فارقة كتير بالنهاية هتحصل على نفس النتيجة اللي كلكوا عارفينها) إن السما لونها أزرق والسحب بيضا نقية، وظللت مؤمنة بهذه الأكذوبة حتى كبرت ورأيت سماء بلادي تتمتع بلون مختلف يميزها عن السما التي درسناها بالكتب، ألا وهو اللون الأسود وتزداد سوادًا في مثل هذه الأيام فيما يعرف بالسحابة السودا الناتجة عن حرق قش الرز!!
إذ تجد أن اللون الأسود مصاحب للمصري في جميع مراحل حياته وأيضًا في كل ما حوله، فحين يكبر ويصطدم بالواقع يجده أسود فاتح وبعدما تطحنه طاحونة الحياة وتضيع أحلامه وآماله الواحد تلو الآخر يجد الدنيا تلونت بالأسود الغامق، ثم يأتي المسئولين ليكملوا السواد بنشره في الجو ليصبح اللون الرسمي إذ تراه من حولك وتستنشقه أيضًا.
فتجد كل مسئول من المسائيل يتوعد كل سنة بأنه سيقوم بإيجاد حل للمشكلة قش الرز ويبدأ في سرد الوعود الهلامية كـ (مش هنحرقها تاني، السنة دي أخر سنة، متقلقوش وحطوا في بطونكم بطيخة صيفي وفي عيونكم حصاوية عشان متشوفوش وفي أنوفكم قطنة عشان متشموش)!!
ويظهر أحدهم ليؤكد أنه ابتكر طريقة علمية مهلبية للتخلص من قش الرز من خلال جمعه وتوزيعه على فقراء المواطنين شهريًا في أكياس تموينية وتوفيره في الأسواق بأرخص الأسعار ومن ثم أكله من قبل الشعب وهكذا التخلص منه بطريقة عملية وآمنة، خاصة بعد أن ثبت فائدته على صحة الإنسان وقصف عمره بدري.
وكالعادة تمر كل سنة وتمر معاها الوعود وتحصل نفس الأزمة وتتكرر نفس السحابة السودا بتبعاتها من تلوث بيئي وهوائي وليموت كل مواطن يعاني من أزمات صدرية وليذهب للجحيم كل مواطن يتأذى أو يتمنى أن يستنشق هواء نظيف ونقي كبقية البشر.
بالنهاية تظل الوعود قائمة ومتجددة وتظل ذات المشكلات والأزمات قائمة أيضًا، وليس على المواطن إلا أن يستنشق المزيد والمزيد من الهواء المتلوث المنعش ويغني لكل مسئول مع الراحلة الجميلة سعاد حسني "الحياة بقى لونها بمبي وأنا جنبك وأنت جنبي" أو يستبدلها بـ "الحياة بقى لونها أسود وأنا جنبك وأنت جنبي"!!
عادي في بلادي: أن تكون السحب بكل بلاد العالم بيضا كالقطن وببلادنا سودا، لينطبق علينا مقولة "إحنا اللي دهننا الهوا دوكو" وبالفعل إحنا الوحيدين اللي لوننا الجو بالأسود!!
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :