عادل حزين


04 أكتوبر  2005

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

إستراتيجية تحرك أقباط مصر 3

بقلم عادل حزين

 

من لوازم الإستراتيجية أن تحدد من هو العدو ومن هو الصديق ومن هو البين بين وهذه مسألة ملتبسة ومشوهة فى إدراك أقباط الداخل والخارج أيضا. بادىء ذي بدء نبادر بالقول أنه فى السياسة لا يوجد صديق طاهر كل الطهر ولا عدو زنيم دائم, وإنما هى علاقات تتغير تبعا للظروف, فصديق الأمس قد يغدو عدو أو نصف عدو, والمثل بالمثل فعدو الأمس قد ترمى به الظروف والمصالح للتقاطع مع مصالح من كان عاداه أشد المعاداة.

بين أقباط الداخل والخارج قلة يطلق باقي الأقباط عليهم أسم أو وصف "نصارى الحكومة" وهؤلاء يتمتعون بالظهور الإعلامي المكثف, وبمزايا أخرى كالتعيين فى مجالس الشعب والشورى وأيضا التوزير بين الحين والآخر.  وفى المقابل يمتهن هؤلاء المشاركة فى تزوير التاريخ, وتبرير السياسات الحكومية والادعاء بأن الواقع بالنسبة للأقباط ولا أفضل, ومنهم من يوثق ذلك التزييف فى شهادات دكتوراة يحصل عليها من الأزهر!  ومنهم من يرى فى مطالبة الأقباط نسبة أو كوتة فى الوظائف العامة والمجالس التشريعية مطلب طائفي, ولكنه لا يرى فى عدم تولى أى من الأقباط وظيفة عامة أى بعد طائفي من باب أولى!  من أدبيات هؤلاء أن أى تعدى أو افتئات على حقوق أقباط الداخل هو سلوك فردى وخارج المناخ العام وأن القائمين عليه إما "أقلية مضللة" أو أنهم تم استفزازهم من جانب الأقباط العنصريين الذين رفعوا صليبا أو رمموا كنيسة! إن فضح هؤلاء إعلاميا والإلحاح بكل الوسائل على أنهم لا يمثلون إلا أنفسهم ينبغي أن يكون من أولويات تحرك الأقباط داخليا وخارجيا حتى لا يحتسبوا على الأقباط فى المحافل الداخلية والخارجية, وحتى لا يكون لأرائهم السقيمة فى طائفية مطالب الأقباط, وأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان أى وزن أو مصداقية. إن مقابلة بابا الأقباط لأحد هؤلاء أو ارتداء أحدهم للزى الكهنوتي يعطيه مصداقية لدى الجهات التى تستعملهم وتستغل نشاطهم, سواء كانت الحكومة أم منظمات الإرهاب, فينبغي الاحتجاج على ذلك بكل قوة حتى لا يظهر هؤلاء وكأنهم مجرد مخالفين فى الرأي, ولقطع الطريق على حجة "وشهد شاهد من أهلها" فهم قطعا ليسوا من أهلها بل أعدى أعدائها.

 

توجيه سهام النقد والاتهام إلى الدولة السعودية بالذات بوصفها المصدر الرئيسي لمعاناة الأقباط هو عداء واستعداء غير حصيف فى رأينا.  يقول الأقباط أن مسؤولية تشعوذ المجتمع المصرى تقع على السعودية بالأساس فكرا وتمويلا وقد يكونوا صادقين.  ولكن هل ميزان قوة الأقباط الآن بما فيهم أقباط المهجر يؤهلهم لفتح هكذا ملفات؟ ألم تفصح بعض أراء النخبة السعودية عن اعترافها بخطأ احتضان جماعات المتأسلمين وتمويلهم.  بل وأكثر من ذلك لقد عزا بعض المثقفين السعوديين ما يواجهونه من إرهاب إلى فكر جماعة الإخوان المصرية! ما علينا من ذلك فالسؤال هو ماذا أصلح لجهد الأقباط, معاداة دولة ومجتمع قوى متماسك داخليا وخارجيا كالسعودية أم مد جسور التفاهم والتواصل البناء لصالح الطرفين؟ من رأينا أن الأسرة السعودية الحاكمة والنخبة السعودية الفاعلة الآن أناس فى منتهى الذكاء والواقعية, وحتى إن صدقت الاتهامات بوقوعهم فى أخطاء دفع الأقباط ثمنها من دمائهم, فالحكمة تستدعى مد الجسور بين الأقباط والسعوديين لعدة أهداف لصالح الطرفين وعفا الله عما سلف, وكما نوهنا سابقا فالسياسة لا تعرف عداء دائم ولا صداقة موقعة على بياض.

 

التعامل مع المجتمع والنظام المصرى كالسير فى حقل أشواك يستدعى من القائمين على تحرك الأقباط كل حصافة.  هناك عدة أمور ينبغي أخذها فى الحسبان والإحاطة بها لدقة وحساسية موقف أقباط الداخل والذين هم الدافع المباشر لتحرك عامة الأقباط داخلهم وخارجهم كما أسلفنا فى مقالينا (1) و (2). أول الأرقام وأهمها هو الواقع المصرى وما يستطيع احتماله من تغيير دءوب لصالح تحصل الأقباط على حقوقهم العادلة.  وثاني الأرقام هو طريقة التعامل ذاتها مع النظام المصرى الذى أشتهر بعناد عجيب ولو كان على حساب الأمن القومي لمصر الذى يتهدده الفصل الطائفي الجاري بين عنصري الأمة.  الرقم الأول أسلفنا عرضه فى أن تكون المطالب فى حدود المعقول والممكن حسب معطيات المجتمع الحالية. أما الرقم الثاني وهو طريقة التعامل فتحتاج لذكاء براجماتي واستغلال للفرص والتحلي بالصبر وطول النفس, ونرى أن الأنسب هو الإلحاح على مطلب وحيد لكل مرحلة من مراحل التحرك القبطي, أما سياسة كل شىء أو لا شىء فقد أثبتت خطورتها, وأنها عادة ما تنتهي إلى لا شىء...

 

وإلى تكملة...

 

عادل حزين

نيويورك

 

E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون