د. يوسف عاذر


  19 اكتوبر  2004

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

الأقباط والمشاركة السياسية

بقلم الدكتور عاذر يوسف

من المعروف أن حقوق الإنسان نوعان: الحقوق المدنية وتعرف أيضا بحقوق الإنسان وتهدف إلى ضمان مساحة شخصية لكل فرد في المجتمع يمارس فيه بحرية أموره الخاصة دون تدخل من الغير أو من الدولة طالما انه لم يرتكب ما يخالف القانون. أما النوع الآخر من الحقوق فهي الحقوق السياسية وهي تتضمن حق الفرد في ممارسة السلطة العامة في بلاده من خلال المشاركة في مؤسسات الحكم السياسية والقانونية والدستورية وهي الحقوق التي تسمي أيضا بحقوق المواطنة.

و الحقوق السياسية طبقا للدستور والقانون في أي دولة تشكل صفة المواطنة لآي فرد في المجتمع فتسمح له بالمشاركة في إدارة وحكم بلاده, وهو ما يميزه عن الأجنبي المقيم في نفس المجتمع والذي ينصاع للأوامر والقوانين المنظمة لهذا المجتمع دون أن يسهم في أعدادها أو إصدارها. وهذا يعني أن الأجنبي في بلاد الغربة يتمتع بالحقوق المدنية فقط, حيث انه لا يعتبر مواطنا ـ أي عضو في الجماعة السياسية, بمعني أنه يتمتع بحقوقه كإنسان دون التمتع بحقوق المواطن.

ويعتبر أدراك الإنسان بأنه مواطن في بلاده, وخاضع لكل ما يفرض عليه من واجبات ينظمها القانون, وليس مجرد أجنبي مقيم فوق أرضها هو نقطة البداية الأساسية في تشكيل نظرته ألي نفسه والي بلاده والي من يشاركونه صفة المواطنة من أبناء الوطن.

وممارسة الفرد لحقوقه السياسية هي أساس انتمائه إلى الوطن, وهي ممارسة تقوم علي أساس من المساواة’ حيث لكل مواطن نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات, دون تفريق أو تمييز بسبب اللون أو الجنس أو الدين.

ومنذ وقت مبكر في تاريخ الحركة الوطنية المصرية تنبه قادة السياسيين الأقباط ألي أن مشاركة الأقباط في الحياة السياسية هي نقطة ارتكاز لتثبيت صفة المواطنة لهم وهو في نفس الوقت ما سيعمل علي تهميش عامل اختلاف الدين فيحصره دائما في نطاقه, وفي هذا المجال كتب ويصا واصف في جريدة اللواء عام 1908 وكان وقتذاك عضوا في اللجنة الإدارية للحزب الوطني, كتب يحث الأقباط علي المشاركة بصورة مكثفة في الأحزاب السياسية القائمة في البلاد المشاركة وفي العمل السياسي بصورة عامة من اجل فتح المجال لهم من خلال هذه الممارسة في المطالبة بحقوقهم ومطالبهم الخاصة, وأضاف أيضا أنه في هذه الحالة فأن إخوانهم المسلمين أعضاء هذه الأحزاب سيقفون معهم ويؤيدونهم في هذه المطالب.

وهذه السطور يحتاج الأقباط اليوم إلى تدبرها بعمق وجدية, لأدراك أن المشاركة السياسية هي أساس فرض المواطنة, وانه من خلال هذه المشاركة يضع القبطي حقه السياسي و المدني الضائع موضع التطبيق. والمشاركة في الحياة والعمل السياسي لا يعني مجرد قيد في جدول الناخبين, بل انه مشاركة في حياة الوطن في كافة مجالاتها بمختلف الأساليب التي كفلها الدستور ونظمها القانون بدءا من إبداء الرأي في القضايا العامة إلى عرض مطالبة الخاصة بالحصول علي حقوقه كمواطن يعيش علي أرض مصر كاملة غير منقوصة.

وفي هذا المجال قد يقول البعض أن القيادة السياسية اليوم في مصر وموقفها الوهابي الذي يحمل كل عداء وتطرف ضد الأقباط والذي يسمح ويشجع على سلب الأقباط لحقوقهم المدنية لن يسمح لهم بممارسة حقوقهم السياسية, وهو للأسف الوضع الحالي في مصر, وهو ما يعني أنه علي الأقباط اليوم المطالبة بقيام حزب سياسي يمثلهم ويحمل مسئولية المطالبة بحقوقهم سواء المدنية أو السياسية المسلوبة وفي حالة رفض الرئيس مبارك وقياداته السياسية لهذا المطلب فليس أمام الأقباط سواء تشكيل حزب وطني قبطي في أي دولة من دول المهجر يشارك فيه كل من يتوافر فيه الوعي بالمشاكل التي ليس فقط يواجهها الأقباط في مصر بل الوعي بالمشاكل التي يواجهها الوطن بصورة عامة مما يسمح بالتأمل في الحلول الممكنة لتلك المشكلات من خلال ممارسة الحوار وأعمال الفكر مع الأخريين ومتابعة ما يدور في الحياة العامة في مصر وأيضا عرض قضية الأقباط وحقوقهم الضائعة علي العالم كله من خلال وسائل الأعلام العالمية من صحف ومجلات وكذلك قنوات الأعلام المسموع والمرئي المختلفة.

فيا أيها القائد القبطي الموجود في مكان ما سواء علي ارض مصر أو أي دولة أخري انهض من رقادك وتقدم الطريق "فمن يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل فذلك خطية له" (يع17:4) وستجد الكثيرين من الأقباط معك يساعدونك في العمل من إقرار الحق للأقباط في مصر. أن الطريق صعب وشاق وملئ بالأشواك والدموع والتضحيات ولكن طريق الألف ميل بداء بخطوة.



E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون