د. يوسف عاذر


  20 ديسمبر 2004

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

info@copts-united.com

مصر وإعلان 10 ديسمبر

يصادف يوم 10 ديسمبر من كل عام ذكري إعلان حقوق الإنسان والذي تنص مبادئه علي:
المادة الأولي: يولد البشر كلهم، أحراراً، متساوين في الكرامة وفي الحقوق. وقد وهبوا عقلا وضميرا، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء.
المادة الثانية: لكل إنسان جميع الحقوق والحريات المثبتة في هذا الإعلان، دون ما أي تمييز، لاسيما في العرق، واللون والجنس، واللغة والدين، وفي الآراء السياسية أو غيرها من الآراء، وفي الأصل القومي أو الاجتماعي، وفي الثروة والنسب أو ما إليهما. وفوق ذلك، لن يكون هناك أي تمييز يستند إلي الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم مستقلا، أم تحت الوصاية، أم غير متمتع بالحكم الذاتي، أم مقيداً في سيادته بأي قيد آخر.
المادة الثالثة: لكل إنسان الحق في الحياة، وفي الحرية، وفي الآمنة علي نفسه.
المادة الرابعة: لا يسترق ولا يستعبد أحد، فالرق والاتجار بالرقيق ممنوعان علي مختلف أشكالهما.
المادة الخامسة: لا ينزل التعذيب بأحد، ولا يعامل أحد أو يعاقب بشكل شرس أو وحشي أو محط بالكرامة.
المادة السادسة: لكل إنسان الحق في أن يعترف له، في كل مكان بشخصيته القانونية.
المادة السابعة: الكل واحد بين يدي القانون، متساوون في حقهم من حمايته لهم، دون تمييز بينهم. ولهم الحق كلهم في حماية واحدة من إي تمييز ينقض من هذا الإعلان، ومن إي تحريض على مثل هذا التمييز.
 
وبالرغم من أن الأديان أكدت منذ القديم هذه الحقوق إلا أن أنانية الإنسان كثيراً ما أخلت بها فنزع إلى التسلط على أخيه وإلحاق الظلم به والتاريخ شاهد على هذه الحقيقة.
أن مشكلة العنصرية الدينية تواجدت منذ القدم في أماكن مختلفة على مستوى العالم ولكنها ظلت مستترة حتى وقت قريب عندما أنطلق المارد المتأسلم من عنانه في غفلة من تلك الدول التي آمنت بحقوق الإنسان ووضعتها موضع التنفيذ. أنطلق المارد يجول ويصول، يدمر ويحطم بمساندة البترودولار السعودي. ,أوضح مثال لما أقول ما حدث في أمريكا في أل 11 سبتمبر بالإضافة للأحداث الإرهابية المتعددة حول العالم والتي راح ضحيتها آلاف من الأبرياء.
 
والعنصرية الدينية قديمة الأزل، عاني منها الأقباط منذ دخول الإسلام إلى مصر علي يد الحكام والسلاطين المختلفين ذو العقلية الدموية، فراحوا يضطهدونهم ويحاولون الفتك بهم علي مر سنين طويلة، كل هذا بالرغم من التأكيدات والوعود المختلفة بالسماحة والحرية الدينية. والعهد النبوي للمسيحيين وهو من محتويات دير سانت كاثرين أول تلك الوعود. أنه كلمة صدق، والتزام حب منذ القرن السابع، من المسلمين الفاتحين للمسيحيين أصحاب البلاد ألا تمس كنائسهم أو صلبانهم أو أديرتهم بسوء، وإنما علي العكس أن يعاملوا وفقاً لقوانينهم وشرائعهم، وأن تحترم عقائدهم ومذاهبهم، ولئن كان هذا العهد قد حل به ما غير إيقاع النغم المنبعث منه. ذلك النغم الذي أكد على ضرورة احترام أهل الكتاب وعدم المساس بحقوقهم. فإنما جاء هذا التغيير من ريح مضادة غريبة علي شعبنا ليست لأنها صادرة من منبعه أو باطنه وإنما جاءت من الخارج علي يد هؤلاء الذين يستخدمون البترودولار لتنفيذ مخطط شيطاني وبمساعدة الحكام والسياسيين المصريين الطامعين في الربح علي حساب الأقباط.
ونتج عن تدخل الغرباء بين شعبنا مضاعفات خطيرة تجلت في أزهي صورها في عصر الرئيس الراحل السادات استمرت تتزايد وللأسف حتى يومنا هذا لتتغلغل في باطننا وتهد وحدة عاشت فينا وعايشناها حقب طويلة من الزمان.
 
أن مصر التي لم تكن أبداً شعباً فقط ولكنها حضارة وتاريخ، إنها بناء وتراث بل وقاعدة انطلاق للقيم الخلقية والإنسانية التي تربع علي قممها ضمير أختزن الوصايا والمبادئ، وعاش مرحلتي التحول إلى المسيحية والإسلام فانفتحت رؤياه علي عالم الحساب والبعث بعد الموت فكان سلوك أصحابه دائما هو سلوك أصحاب الضمير الحي الذي برعي الله ووصاياه وأوامره في السر والعلن. ومن هنا كانت هذه الحضارة العظيمة التي عرفها العالم بالحضارة المصرية العريقة.
 
كل هذا للأسف تغير في غفلة من الزمن فأصبحت مصر أرض للتعصب الأعمى والقتل وخطف الفتيات وسفك الدماء وتدمير الكنائس، وتغلغل هذا التيار العنصري الدموي ليشمل المناهج التعليمية ليتربي جيل بل أجيال علي فكرة تكفير غير المسلمين بل وأصحاب الفكر المعتدل المتحضر من المسلمين.
ما بال البعض بسعي إلي تضخيم جانب علي حساب جانب آخر؟
أن الأقباط في مصر ليسوا أقلية، لكنهم جزء لا يتجزأ من هذا الشعب وقطعة خالصة من صميم تطوره، ولقد قام بطاركة الكنيسة القبطية علي امتداد سبعة قرون كاملة، وفي مرحلة من أدق مراحل تاريخنا القومي، بدورهم كاملاً في حماية استقلال مصر والذود عنها بحياتهم ودمائهم فما بال هذا الجزء الهام من مسارنا الحضاري ينسي أو يتجاهل؟ أن رئيس الدولة قال في خطابه الخير عن مصر أنها بعد الكعبة قبلة العلماء المصريين، وهكذا قيل عن مصر في عصور هؤلاء الباباوات، فقد عرفت بأنها أورشليم الثانية، بل وعقل المسيحية الناهض وقلبها النابض. وما هذا بكلام المسيحيين المصريين فقط وإنما هو شهادة المؤرخين الأجانب والمؤرخين المسلمين المنصفين.
 
أذن فأي تشريع أو أجراء يصدر ويعمل علي أن يخل بميزان تكافؤ الفرص أو المساواة بين المصريين جميعا، أقباطاً ومسلمين، إنما يكون تشريعاً وفعلاً غريباً علينا، ولعي روح وحدتنا، دخيلا علي اجتماع العائلة المصرية، وحب أعضائها بعضهم البعض الآخر، بل وعلي مصيرنا جميعاً ومسمانا كأمة مكافحة لها عطاؤها ولها رسالتها.
 
إلي متي سيظل الحكام والرؤساء والحكومات غافلة نائمة كنوم أهل الكهف بدون أن تتحرك لوقف هذه العنصرية الدينية التي لم ولن تقضي علي المسيحية وعلي الأقباط ولكنها ستدمر مصر كلها، مصر أرض السماحة والحب والحضارة.
 
أترى هل جاء الوقت لنزع روح التعصب والأنانية والتسلط ونشر روح الحب والبذل والعطاء؟
أتري هل جاء الوقت ليضع الرؤساء والحكومات في مصر مبادئ حقوق الإنسان موضع التنفيذ ويعيدوا للأقباط حقوقهم الضائعة.
 


E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون