د. عاذر يوسف


  13 ديسمبر 2004

صفحة كُتاب الأقباط متحدون

.info@copts-united.com

قبطي مصري ولكن ...

 بالرغم من أنني قبطي مصري الأ انني أحتار كثيراً و يشتد بي أشد العجب عندما أتأمل حال الأقباط في مصر. فعلي مدى العصور ونحن نحاولون نفي صفة الطائفة عن أنفسنا ونتمسك بصفة المصرية ونفسر بلا كلل أن كلمة قبطي تعني مصري أندهش من هذه الطائفة التي تنفي عن نفسها وصف طائفة وتتحرج من الانضمام إلى  فئة الأقليات خوفا أن يصبغها هذا بآي صفة قد تبعدها ولو قليلا عن أغلبية المصريين . ولذلك يحتار كل من يراهم في تحديد وضعهم في المجتمع المصري حتى اهتدى بعضهم إلي تعبير (عنصري الأمة) ليصف به الأقباط والمسلمين في مصر ولكن حتى هذا الوصف لم يسلم من الرفض. إذ قال الأقباط لا و ألف لا أن شعب مصر عنصر واحد حتى وان كان به أقباط ومسلمون, وهكذا في النهاية لا نرضي ولا نرتاح نحن الأقباط سوى إلي أسم (الأقباط) والذي معناه المصريون.

أن أي شخص يتحلى ببعض الموضوعية والقدرة على رؤية الحقيقة في أي مكان لابد له وان يندهش دهشة مختلطة بالمحبة لهؤلاء الأقباط المصريين إذا ما تأمل حالهم عبر العصور والى اليوم, فهم يتعرضون على مر الأزمان وحتى يومنا هذا إلى عقليات دموية تحرص علي اضطهادهم, فيتعرضون للاضطهاد والظلم والقتل والسلب مرة على يد (أخوتهم) في الوطن ومرة علي يد الحكام والسلاطين المختلفين. وبالرغم من اننا نبحر في عباب القرن الواحد والعشرون فاننا مازلنا نعيش في ايام نري فيها من يكتبون الكتب التي يصرحون فيها علانية بوجوب "هدر دم الأقباط" كما ذكر في كتاب وزع في بريطانيا تحت أسم "المرصد الأعلامي الأسلامي"! وهكذا يصل تدهور الفكر المتطرف لبعض الجماعات وأتباعها إلي هذا القدر من العدوانية الدموية التي يبررون فيها هدير دم الملايين من الأقباط. إليس هذا هو نفس المنطق الذى برر للبعض ذبح الأقباط في الكشح وبرر أطلاق سراح القتلة؟

ومع ذلك وبالرغم من كل هذا ويلا العجب يظل الأقباط متمسكين بحب وطنهم أعظم الحب، حارصين علي سلامة مصر وبازلين من أجلها النفيس والغالي، قائمين بأخلاص بكل واجبتهم الوطنية كاملة.

ما أعجبنا نحن الأقباط، نتعرض للأتهامات العلنية من مكبرات الصوت لبعض الجوامع وأحياناً كثيرة من برامج التليفزيون المصري وأحيانا في مقالات بجرائد مصر الكبري او في كتب او شرائط كاسيت توزع في كل مكان....... نتعرض في هذة كلها لأتهامات التكفير العلنية، ونجد أنفسنا مضطريين الي المعيشة بين أخوتنا في الوطن تحوطنا تهمة ولعنة التكفير التي تمثل مقصلة مسلطة علي رؤسنا في كل لحظة، ومع ذلك يغفرون لمضطهديهم. أتعجب لحالنا ونحن نتعرض للتجاهل في العمل فيتخطانا في الوظائف والترقيات من هم أقل منا كفاءة وأخلاصاً وأمانة، واندهش لنا ونحن نطالع في الصحف المصرية قوائم المعنيين الجدد في كافة مناصب الدولة العليا فلا نكاد نري بينهم قبطياً واحداً، اذ لا تصل نسبة الأقباط في هذة الألاف من المناصب الهامة بمصر الي واحد او أثنين بالمئة رغم من اننا الأقباط نمثل حوالي 20% من سكان مصر وأعلي من هذة النسبة بين المتعلمين في مصر!

وأمام هذة المظاهر العامة الشائعة التي تمثل تياراً خطيراً يعكس حقوقاً منقوصه للأقباط كمواطنين أقف متعجباً وأنا أري ان هذا كله يقابل من جهتنا نحن الأقباط دائما بوطنية كاملة مكتملة بل تصل الي المثالية المفرطة، وبأخلاص للوطن وتضحية من اجله، ففي حروبه يقدمون الشهداء مع أخوتهم المسلمين دفاعاً عن أرض مصر أمام كل المعتدين أيا كانت ديانتهم ....

و اما داخليا فنحن الأقباط نتخذ من السلام ديناً وشعاراً لنا فنحن لا نعبر عن سخطنا ومعارضتنا عما يحدث لنا من اضطهاد علني بأي أعمال أرهابية علي الأطلاق ضد أي أنسان ولا نقوم باية محاولات لزعزعة نظام الحكم ولا نشترك مع غيرنا في مثل هذة الأعمال.... ولا نطلق الرصاص علي حكام مصر ام رموزهم وممثليهم .... ولا نكون جماعات مسلحة دموية للتعبير عن معارضتنا. فنحن لا نرتكب أعمال عنف بأي صورة، ولا تجد منا ومن كنيستنا القبطية الأ أعلي درجات الوطنية وأكثر المواقف والأفعال التزاماً بالقضايا الوطنية ليس المصرية فقط بل و الدولية أيضاً. وهناك أمثلة كثيرة في تاريخ وطننا تعبر عما أحاول أن أقوله فمثلا  وفي عام 1910 قال واصف غالي بعد حادثة أغتيال أبيه المورعة علي يد مسلم مصري ومحاولة المستعمر الأنجليزي في ذلك الحي اجتذابه إلي جانبهم، قال لهم تلك العبارة الخالدة "أفضل أن أضع يدي في يد من قتلوا أبي علي أن أضع يدي في يد من قتلوا وطني" ..... وكذلك لعب الأقباط دوراً أساسياً أثناء ثورة 1919 بما قاموا به من قيادة وأشعال هذة الثورة الوطنية العظيمة رافعين شعار "الوطنية ديننا والأستقلال حياتنا" ... مما دفع الزعيم سعد زغلول حينئذ ان يقول قوله المأثور "أن رصاص الأنجليز لم يفرق في سنوات الكفاح من أجل الحرية والأستقلال بين مصري مسلم ومصري قبطي، فلا مجال للتمييز بينهما في سنوات الحكم وجني الثمار" وهذا فعلاً ما حدث وأستمر بنا الحال هكذا حتي عهد الرئيس السدات الذي أعطي أشارة واضحة للجميع بأن الدولة ستبدأ في التظاهر بمظهر التدين وبالتالي سمح للدين بالتدخل في السياسة وبذلك بدأت سلسلة من الأعتداءات علينا نحن الأقباط وممتلكاتنا وكنائسنا أستمرت في التصعيد بسبب مناخ الهوس الديني المتطرف الذي نال الكثير من الأبرياء ودفع السادات نفسه حياته ثمناً لذلك المارد المتأسلم الذي أطلقه من عنانه.

وللأسف الشديد لم يضع رحيل السادات أي حد في تغيير سياسة حكام مصر بل أستمرت حوادث العنف ضد الأقباط في التزايد مع أستمرار سطوة التطرف الديني في مصر في العقدين الأخيرين. وأستمر معها تجريدنا من كل حقوقنا كمواطنين مصريين.

وهكذا يزداد العجب لمواقفنا نحن الأقباط ..... وتزداد دهشتي عندما يسألني أحدهم قائلا: ماذا فعل الأقباط ليستحقوا كل هذا؟

هذا هو السؤال: من يصغي أو يسمع شكوانا نحن الأقباط بخصوص حقوقنا المنقوصة في المواطنة؟ ...نحن الذين كانت ومازالت وطنيتنا دائما كاملة تحمي هذا الوطن من كثير من الشرور والمحن.

هل هناك منم يسمع شكواي وبكائي عندما أقول "وا قبطاه" فهل هناك من يسمع..



E-Mail: info@copts-united.com

Copts United

لأقباط متحدون

 Last Update : 25.01.2005 17:15:29 +0100  :أحر تحديث