الدولة العلمانية المصرية حلم لابد وان يتحقق
جورج
المصري
اعتقد أن الجميع من المثـقفين و المتعلمين المصريين
بغض النظر عن خلفيتهم الدينية متفقون أن النظام السياسي الحالي
بالاسم نظام شمولي فقط وان كنت اعتقد أن النظام الشمولي في مخيلة
معظم المصريين نظام مختلف عن النظام العلماني في مخيلتي ومخيلة
العديد من المفكرين المصريين وعندما أقول مفكرين، لا امنح أحد رتبة
التفكير أو التعالي لشخص أو أشخاص، علي الإطلاق إنما اكرر واقع
ملموس ومحسوس في المجتمع المصري.
فعدد قليل جدا من أفراد الشعب المصري يفكر تفكير
ليبرالي و الأخريين، و النسبة الغالبة لا تفكر أساسا، تسير مع
التيار وتعلق عليه من منطلق الوقتية فقط. أما النسبة التي لا تفكر
إطلاقا لا وقتيا أو في بعض الأحيان هي الفئة المتزمتة التي أطلق
عليها النظام الحالي لفظ الأصوليين، علي الرغم أن كلمه أصولي تشير
إلي شئ أخر يختلف تماما مع الكلمة المتعارف عليها في اللغة اليومية
للشعب المصري، كشخص أصولي أي يعرف الأصول و الأصول هنا تشير إلي
التأصل في التصرفات العليا ذات السمو فوق الرغبات الإنسانية
الدنيئة.
يذكر العديد من القراء أن التعصب يملئ قلوب بعض
المسلمين في مصر ولا يفوتهم القول بان الأقباط متعصبون أيضا دون أن
يذكروا كلمه بعض وكأن الحال مقلوب أي أن الغالبية من الأقباط
متعصبون وان الأقلية من المسلمين متعصبون.
لا جدال في اللغويات إنما الجدال في الفكر الملتوي أو
التفكير المعكوس كيف يكون الأقباط متعصبون وهم الأقلية؟ إنما
توضيحا لمفهوم تشدد الأقباط وتمسكهم بعقيدتهم لا يعد إطلاقا نوع من
التعصب، فتمسكهم بعقيدتهم اذاء تعرضهم للهجوم المتواصل عليهم من
الأغلبية المتعصبة التي إن قلنا إنهم يمثلون 5 بالمائة من عدد
المسلمون في مصر يتضح لكاتب الرسالة إن عدد المتعصبون المسلمون في
مصر يصل إلي عدد الأقباط أي بمعني أخر إن كان هناك 50 مليون مصري
مسلم غير متعصب وهناك 10 مليون قبطي فهناك إذن 10 مليون مسلم متعصب
حتي الثمالة وعلي الرغم من أن افتراض إن كل الأقباط متعصبون شئ لا
يمكن أن تقر به المعايير الحسابية أو الإحصائيات إلا إنني اعتقد أن
ما يراه المسلمين من الأقباط في الانعزال عن المجتمع لأنه أصبح
مرفوض من المجتمع الذي يسيطر عليه الـ10 مليون مسلم متعصب و الذين
لا يعرفون إلا العنف في طريقه معاملتهم اليومية مع المسيحيين
الأقباط.
و التعصب المؤثر هنا هو إن المتعصب قادر علي الإيذاء
النفسي و البدني للأخريين وهذا هو الواقع إن الأقباط و تمسكهم
لعقيدتهم وخوفهم من اندثارها نتيجة لمحاربة الدولة والإيذاء من الـ
10 مليون مسلم متعصب الذين يحتلون المراكز الحساسة فيها. ومن مظاهر
تمسك الأقباط لعقيدتهم التي يطلق عليها المسلمين تعصب أن يلجاؤا
إلي القدرة الإلهية متمثلة في الذهاب إلي بيت الصلاة وهو الكنيسة
والتصاقهم الطبيعي بالكنيسة لان معني كلمه كنيسة في حد ذاتها تعني
"مجتمع المؤمنين"، ويعتقد المسلمون خطاء انه هذا تعصب، فالقبطي
يحتمي بإلهه في كل وقت وكل حين، يرفع رأسه وقلبه إلي السماء في أي
لحظه ويستطيع أن يصلي في كل وقت وكل دقيقه.
والي هنا أكاد أن أقول لمن قال لي أن احد الأطباء
الأقباط قال له "انه يستطيع أن يستغني عن المرضي من الأقباط ولكنه
لا يستطيع الاستغناء عن زبائنه المسلمين." هذا قول غبي لإنسان اغبي
وأسف جدا انك تكرر علي مسمعي مثل هذا القول.
إن كنت أنا مكانه لقلت إنني لا أستغني عن أي احد لان
الكل يحتاجون إلي خدماتي وبكل تواضع كطبيب أقدم خدمتي إلي كل البشر
وهم ليسوا بزبائن إنما بشر يحتاج إلي العلاج فكوني طبيب لا أفكر
إطلاقا في إن العلاج أو تشخيص المرض له أي علاقة بعقيدة المريض.
وهنا يا أصدقائي أحب أن أوضح شئ بسيط جدا عندما يصنف
الناس بعضهم البعض بمثل هذا التصنيف كأنك تقول إنني أستطيع كصاحب
مطعم أن استغني عن كل الزبائن النحاف لأنهم لا يأكلون مثلما يأكل
الزبائن السمان وهكذا أيضا يستطيع الخباز أن يقول إنني أستطيع أن
استغني عن كل الفقراء لأنهم يشترون رغيف في الأسبوع ويأكلونه أنما
لا أستطيع أن استغني عن الأغنياء الذين يشترون 100 رغيف ويطعمونها
للبهائم أو كما يقول الصيدلي إنني استغني عن كل الأصحاء لان المرضي
هم الذين يشترون الدواء أو تقول يا عزيزي المسلم فليذهب الأقباط
للجحيم أولاً لأنهم كفره وثانيا لأنهم مسالمون إلي أقصي حد. أو
إنني ككوافير استغني عن كل الشقراوات ذوات الشعور الناعمة لأنني لا
استغني عن الكرتأوات الذين يحضرون إلي كل يوم .
يا سيدي مصر العلمانية لا تفرق بين إنسان وإنسان و
القانون يحافظ علي حق المواطنين دون أي اعتبار للون بشرتهم أو لون
عيونهم أو عقيدتهم أو طولهم أو قصرهم أو تعليمهم أو جهلهم فحقوق
المواطن واحده ثابتة للوزير كما للغفير فالإنسان هو اغلي ما في مصر
وليس عقيدته أو جنسه الإنسان كإنسان هو أعظم الكائنات علي وجه
الكرة الأرضية و الإنسان هو الوحيد الذي يستطيع أن يكرم أخيه
الإنسان وهو أيضا الوحيد الذي يستطيع أن يحيل حياة أخيه الإنسان
إلي جحيم وهو من يخلق الخوف في قلوب الأخريين من سؤ نيته تجاههم
فيجعلهم يتمسكون بمجتمعاتهم التي يشعرون فيها بدفء ومحبه الأخريين
لهم إن كان المسلم يكن كل الكراهية و العداوة لأخيه المسيحي المصري
فماذا تنتظر أن يعانق الأقباط مضطهديهم أم يبتعدون عنهم؟
|