ذكري شاهبندر تجار مصر
جورج المصري
عام 1988 وبالتحديد يوم 15 أغسطس انتقل عن عالمنا
اشهر تاجر وطني شريف في تاريخ مصر الحديث وكان من حسن حظي وأيضا من
تعاسة الأيام أن التقي بالمهندس صادق حنا غبور، صاحب اشهر إعلان في
تاريخ التلفزيون المصري في منتصف الستينات " أنا عندي فكره في راسي
بتدور ما فيش غير معرض أخوان غبور" تحولت شركه أخوان غبور إلي قلعة
صناعية وكانت من أوائل الشركات الوطنية المملوكة بالكامل لرأس مال
وطني مصري 100% في تصنيع المقاطير للنقل الثقيل وانتم تعرفون بقيه
القصة إلي أن باتت شركات أخوان غبور من السمعة الوطنية بل العالمية
التي لا يستطيع أن ينكرها احد.
كما قال لي صادق بك كما كان يناديه أبنائه الموظفين
في شركاته المتعدده ونحن نأكل طعام العشاء في وقت متأخر من الليل
في مطعمه المفضل الجريون أمام مبني التلفزيون بعد أن سألته هل كان
اليوم شاق بالنسبة لك؟ فقال إنني أحب عملي جدا و لا أجد متعة في
الدنيا أكثر من أسرتي زوجتي الإنسانة العظيمة وبناتي و العمل بجدية
وبأمانة. فقلت له، بما تعلل نجاحك في دنيا الأعمال؟ ولمعرفتي بك
الوثيقة ولما اسمعه عنك ممن تدعوهم أبنائك الموظفين بأنك إنسان
بسيط جدا وذكي جدا ومستقيم جدا. فرد علي الإنسان العظيم المتواضع
انه يرجع نجاحه وان كان يرفض أن يطلق عليه لفظ ناجح أو مليونير إلي
انه يضع الرب أمام نصب عينيه طوال الوقت ويتعامل في كل أمور العمل
بأمانة وإخلاص وقرر أمامي بأنه لم يخالف القانون في يوم من الأيام
وبأي صوره من الصور، فقلت له، فأذن بماذا تعلل نجاحك؟ فقال لي،
" إن احد أبنائي الموظفين صغار السن الذين بدأوا
معى في أوائل الثمانينات، عند بداية الانفتاح الاقتصادي، عندما
كنا في رحله عمل إلي المنطقة الحرة ببورسعيد، قال لي الشاب و
الموظف الجديد" "صادق بك، اعتقد أنني عرفت سبب نجاحك في أعمالك"
فقلت له ماهو السبب يا تري فقال ليس ذكائك وليس خبرتك في التجارة
فقط وليس لكونك مهندس فقلت له ماذا إذن السبب في رأيك فقال
وهنا الكلام علي لسان المهندس صادق غبور، قال لي هذا الشاب
السبب هو محبه الرب لك فابتسمت وكأنني أقول له الرب يحب كل الناس
فقال إنني اعرف معني ابتسامتك يا صادق بك تعتقد إنني فسرت الماء
بعد جهد بالماء فقال يمكن فقلت له المثل يقول من حبه الله حبب فيه
خلقه ومن غضب عليه الله كرهه فيه خلقه .فقال الشاب، صادق بك سر
نجاحك هو حبك لأبنائك الموظفين وحب أبنائك الموظفين لك.
فقال لي المهندس صادق غبور لذلك سؤالك بأن اليوم كان
يوم شاق قلت لك لا ولكنه بالتأكيد يوم شاق لأبنائي الموظفين شركائي
في العمل.
سألني المهندس صادق غبور سؤال بغتة لم أكن أتوقعه
إطلاقا، قال لي دعني أسئلك سؤال من نفسي، إن كان عند تاجر ما
اختيار بين اثنان من المتقدمين لوظيفة في المبيعات احدهم خبيث ولص
ولكنه كفئ لدرجه غير عاديه يربح التاجر صاحب العمل من ورائه ألاف
وبين موظف أخر أمين جدا يحافظ علي رأس مال التاجر ويعامل الزبائن
معامله طيبه ولكنه ليس بموظف شاطر كالموظف الخبيث اللص أيهما توظف؟
وسبب هذا السؤال اليوم هو أي منهم تنتخب ؟
مازال هذا السؤال معلقا إلي يومنا هذا لم اسمع أجابه
المهندس صادق غبور عليه لان هذه كانت أخر مقابله بيننا لان يوم
لقاءنا كان يوم السبت الموافق 13 أغسطس 1988 وكان معنا في تلك
الليلة احد اعز أصدقاء المرحوم صادق حنا غبور المهندس احمد
الفخراني الذي علق وقال حقا ما قاله الشاب لصادق بك غبور إن نجاحه
هو محبه الناس له ولكنني يجب أن أضيف هنا و الكلام للمهندس احمد
الفخراني إن محبه المهندس صادق حنا غبور للناس وللتجار زملائه في
السوق بغض النظر عن ديانتهم أو أرائهم كان له اكبر وقع في نفوس
التجار ولان من تواضع لله رفعه.
سبب هذه المقالة اليوم هو استعاده ذكري الراحل شهبندر تجار مصر
المهندس صادق غبور وإعطاء المثل الصالح لشعب مصر من أول من يلهث في
سباق الرئاسة المصرية و إلي كل تجار مصر وشبابها إن الأمانة ومحبه
الله و خلقه هي السبيل الوحيد لكي يربح الإنسان السعادة و الثراء
في العالم ويربح أبديته بعد أن يؤدي مهمته علي الأرض ولفخري و
لاعتزازي بشخصيه المهندس المرحوم صادق حنا غبور التى لن يمحوها إلا
الموت عن مخيلتي. و إلي كل أبناء المهندس صادق غبور في مصر وجميع
أنحاء العالم لكم أن تفتخروا بأنكم عملتم مع إنسان آمين ومحب
ومتواضع مثل المهندس صادق حنا غبور
|