العلمانية ليست من مبادئ الكفر

جورج المصري

العلماني ليس بالضرورة غير مؤمن بالصفات الإلهية أو أن العلمانيين من أمثالي ينتقصون من الأديان أو المتدينين حقهم. الفرق الوحيد بيننا إننا نؤمن أن الأديان هي وسيله وليست غاية، فالدين هو طريقه الاتصال بين الإنسان و الخالق الذي يؤمن به أو القوه الغير منظوره في العلاقة بين الإنسان وتلك القوه الغير منظوره.
في النظام العلماني لا تقاس أفضلية المواطن بتبعيته لدين معين لان التبعية لا تعني الأفضلية بأي حال من الأحوال. فالأفضلية بين المواطنين هو ما يقدمونه لأوطانهم من خدمات ينتفع بها الوطن و المواطنين علي حد سواء و علي احترام الدستور و القوانين التي تحكم المجتمع.
فلذلك ينظر مروجي الأديان إليها علي إن العلمانية ضد الأديان فحين أن العلمانية تعتمد أساسا علي الأسس و المثل و المبادئ العليا التي قد تكون موجودة في تلك الأديان مع الفارق إن ما يوجد في تلك الأديان يخص أتباع الدين نفسه ويرفض عمليا وواقعيا إعطاء نفس الحقوق لغير أتباع هذا الدين. ولتوضيح أمر هام، إن العلمانية ترفض رفضا باتا تقسيم المواطنين علي أساس انتمائهم العقائدي لان العقائد لا تتطور مع تطور واحتياجات الشعوب بل في معظم الأحيان وعلي الأخص في العقيدة الإسلامية ترغم الإنسان علي العودة إلي الوراء في إتباع تعاليم جاءت في قالب ديني علي الرغم من إنها تتعارض مع منطق الإله العاقل خالق الكون. فهي تناقض خلق الخالق في تباين الأجناس و الألسنة و الأشكال و العادات و التقاليد وتفرض الفكرة العنصرية بأن هناك طريق واحد وطريق واحد فقط وتخلق انقسامات خطيرة في المجتمعات التي تحكمها الشريعة الإسلامية وحتي لهؤلاء الذين يعيشون في مجتمعات غير إسلامية. فهي تفصل الفرد عن المجتمع بل تفصل الفرد عن أسرته لو اختلفت معه في كيفيه تطبيق تلك العقيدة.
فمثلا الدول التي تدين بغير الإسلام وفي كافه أرجاء المسكونة لا تري، حكومة أو شعب، يبداء رئيس أو حاكم هذا الشعب بكلام يرجع إلي الديانة التي يعتنقها الغالبية من السكان. ولكنك تري الدول الإسلامية بل الأفراد يفرضون طقوسهم الدينية علي المجتمعات المحيطة بهم، بل يفرضونها فرضا دون أي تفكير غير أن من هو ليس منا فهو ضدنا.
فحين إن الغالبية العظمي ممن يعتنقون الإسلام غير واعين بعقيدتهم بسبب اللغة أو لعدم البحث و التنقيب عن أسباب الأحكام الشرعية التي تقنن تصرفات المسلمين وعندما نقول بسبب اللغة تجد أن 90% من المسلمين لا يعرفون اللغة العربية وبالتالي يعتمدون علي التراجم المتاحة لهم وبالتالي التراجم لا تحمل المعني الحقيقي للكلمات كما يفهما من يعرف اللغة معرفه تامة. وعندما تواجه القائمين علي شؤن الدين الإسلامي بهذه الحقيقة يقولون لك إن التراجم ليست ترجمه للقران بل هي شرح للقرآن و بالتالي يختلف من يترجم مع الأخريين في الترجمات لان المعاني تأتي بترجمة التفاسير لائمه الإسلام المعترف بهم من أمثال القرطبي وابن كثير و الجلالين و الطبري، غير أحكام التلاوة، فهناك آيات مكتوبة لا تقرأ وليس لها أحكام وبالتالي يتوه الباحث في تفسير سطر وكأنه عجز وليس إعجاز. ناهيك عن الأحاديث وجامعيها وكتب السنة التسعة صحيح البخاري و صحيح مسلم و سنن الترمذي و سنن النسائي و سنن أبي دأوود و سنن ابن ماجه و مسند أحمد موطأ مالك و سنن الدارمي، ناهيك عن الشروح فتح الباري بشرح صحيح البخاري و صحيح مسلم بشرح النووي و تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي و شرح سنن النسائي للسندي و شرح سنن النسائي للسيوطي عون المعبود و شرح سنن أبي دأود و تعليقات الحافظ ابن قيم الجوزية و شرح سنن ابن ماجه للسندي المنتقى و شرح موطأ مالك غير كتب السيرة سيرة ابن هشام الروض الأنــف مختصـر السيرة زاد المعـاد معارك وغزوات.
متاهة لعلماء الإسلام ما بعدها متاهة. فما بالك أن تحتكم لكل هذه الكتب لكي تضع قوانين تحكم المجتمع بكافه اتجاهاته الفكرية و الاقتصادية الاجتماعية و العلمية و البحث في العلوم غير الدينية و الرياضة البدنية.
لذلك تؤكد العلمانية علي ضرورة ترك الدين خارج نطاق الحكم وترك السياسة بعيده عن الدين وهو خير وسيله لضمان السلام و العدل الاجتماعي المفقود منذ بزوغ الإسلام. وحين يتيقن المسلمون أن هذا هو ما يجب أن يكون، قد يكون الوقت متأخر جدا لأنهم لم يفطنوا إلي هذا قبل 1400 عام و إلي ألان. لابد من فصل السياسة عن الجامع بأي ثمن لضمان استمرارية الحياة الديموقراطية و العدل و المسأواه بين البشر لتقدم المجتمعات في العالم..