إعلام الريادة
...أضلوا مصر وضللوها
سياسة الإعلام المصرى
بين طباع التعلب تحمل المكر والدهاء والمراوغة وشراسة الدببة
التى تتميز بالإندفاع والهواية أوصلتنا الى أن حكومة مصر
تملك 142 ساعة بث تليفزيونى و476 ساعة بث إذاعى يوميا
وإعلانات مدفوعة الأجر فى الفضائيات العربية وعدد العاملين
فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون 37 ألفا و223 موظفا وموظفة
منهم 25 ألف موظف و58 موظفة و12 ألفا و165 موظف يديرهم 1896
مديرا عاما و153 وكيل وزارة وتسعة وكلاء أول وزارة ويحميهم
ويراقبهم ويعد ويكبس على أنفاسهم 3119 عنصر أمن يشكلون
القطاع الرابع من الناحية العددية فى قطاع التليفزيون التى
وصلت ميزانيتة الى 10 ملايين جنيه يوميا وتتجاوز خسائرة
السنوية 800 مليون جنيه واجمالى ديونه 4 مليارات جنيه فى هذا
المبنى الخطير المفزع عديم الأثر فى ماسبيرو على كورنيش
النيل و الذى يتردد عليه سنويا 99 ألف شخص من الفئات المميزة
وتتفاوت اجور المذيعين والمذيعات من 39 جنيه للمغضوب عليهم
الى 700 جنيه من المحظوظين ومابين المخرجين من 139 جنيه الى
1700 جنيه .
أما ال 19 وزير
للإعلام على مدى نصف قرن فكلهم كانوا ومازالوا أبواقا للسلطة
لم يختلف واحد عن الأخر فى طبيعة الدور فكلهم متشابهون لعبوا
نفس الدور وبنفس الجودة وفى كل العهود حتى أضلوا مصر وضللوها
وأفسدوها سياسيا ولم تعرف تلك الوزارة وزيرا واحدا من أصحاب
التاريخ السياسى وكل الذين اختيروا كانوا يتمتعون أولا
وأخيرا بالوفاء والولاء للفرعون وليس للنظام الحاكم حيث سيطر
العسكر على تلك الوزارة فى عهد ناصر 67 وعهد مبارك الذى أصبح
الإعلام فى عهدة إعلام الريادة فنحن والحمد لله بلا فخر
دخلنا أربعة حروب عسكرية خسرنا ثلاثة منها حولها إعلام
يوليو1952 الى انتصارات ساحقة ماحقة واستوردنا لقمة عيشنا مع
اننا بلد زراعى ونعرف اخبارنا وفضايحنا وقمعنا من الخارج
ونحن بلد الريادة الإعلامية وكنا نصدر القطن لكل الدنيا على
أيا م طلعت باشا حرب فى عهد التاج الملكى البائد وأصبحنا
نستورد النسيج والفول المدمس فى عهد النسر الثورى العربى
الوحدوى الإشتراكى الإنفتاحى المخصخص .
لقد اعتادت مصر
الإستهلاكية الهشة فى عهد الإعلام الريادى أن تعيش فى كنف
الشعارات البراقة التى تضمن لها تجميلا وتسويقا وتبريرا
لتراجعها وانهيارها حتى أن اعلامنا الريادى بلا زهو وهو
اعلام مراوغ ومنافق وهلوع فى ذات الوقت رغم قدرته الرهيبة
على الكذب قد تجاوز كثيرا عبقرية جوبلز مستشار الرايخ
الألمانى وأبرز النازيين الذين صنعوا اعلام العنصرية والقهر
وتأليه الفرد واستطاع الإعلام المصرى أ ن يتفوق على السيد/جوبلز
بعد أن عاث الإعلام الإشتراكى الشمولى الموجه الذى حكم مصر
أكثر من نصف قرن من الزمان بما فيها سنوات الإقتصاد الحر
وأزهى عصور الديمقراطية فسادا فى الأرض وقدم نموذجا فجا
للإعلام العنيف عديم اللون والطعم والرائحة فى مواجهة النقد
وفى نقل اكاذيب السلطة وفى تشكيل وبناء والدفاع عن جحافل
الردة السياسية بعد أن كان من أشد مناصريها ويقينا وتأكيدا
ذلك مالم يستطع جوبلز أن يفعله ولو كان على قيد الحياة لرفع
قبعته تحية وإجلالا لإعلام الريادة المصرى .
بدأت وزارة الإعلام
مشوارها الميمون كوزارة سيادية تحظى وتنعم وتمرح فى كنف
الرئيس حتى أنه وحده أى الرئيس هو الذى يختار وزير الإعلام
ويدشن ويعمد خطواته ودون مشاركة من أحد إضافة بالطبع لوزارة
الداخلية والخارجية والدفاع ولقد ولدت وزارة الإعلام ابتداءا
كوزارة للإرشاد القومى بإعتبارها وزارة لهداية الناس
وإرشادهم الى الممارسة السياسية الصحيحة وهى التسمية التى
ارتأى الرئيس محمد أنور السادات تخفيفها وتحويرها الى
الإعلام دون أى تغير يذكر فى دورها أو رسالتها وانتهت الى
جيش جرار من البطالة المقنعة التى لاتهش ولاتنش كبلت الشعب
المصرى بالديون ولاتزال وأثقلت كاهله بالميراث المر وثقافة
الكذب والفساد الذى أزكمت رائحته الأنوف وفقدت السمعه
الإعلامية على مستوى العالم أجمع فى الوقت الذى توجد فيه
قنوات فضائية خاصة لايتجاوز عدد القائمين عليها عيدان علبة
الكبريت لدول كانت فى المهد عندما تأسست الإذاعة المصرية فى
الثلاثينيات من القرن المنصرم وأصبحت اليوم ملىء السمع
والبصر وصارت صروحا رائدة فى مجال الإعلام .