صحوة الضمير للوزير
الخطير (العادلي)
- بقلم:
دكتور صبرى
فوزى جوهرة
طلع
علينا معالي السيد اللواء حبيب العادلي
وزير داخلية جمهورية مصر العربية طلوع البدر مبشراً بقرار حاسم
لتعزيز حقوق الإنسان في المحروسة .
وجاء هذا النبأ المفرح في النسخة الإلكترونية لجريدة الأهرام –
التي كانت في يوم ما غراء – في عددها الصادر في
9/7/2005 .
فقد صرح معاليه أن وزارته قد ضاعفت
نسبة الإفراج الشرقي الشرطي لبعض السجناء مثل الذين أمضوا ثلثي
مدة العقوبة ، والذين لا يشكلون خطورة على المجتمع . وكما ذكرت
عاليه جاء هذا القرار الملهم لتعزيز مسيرة حقوق الإنسان في مصر
تطبيقاً لقواعد حقوق السجناء الآدمية وفقاً لمعايير الأمم المتحدة
كما جاء في جريدة الأهرام . وفي نفس النبأ ، جاء تأكيد السيد
الدكتور أحمد كمال أبو المجد ، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق
الإنسان بمصر ، بأن المجلس يتعامل مع قضايا حقوق المسجونين بحساسية
بالغة وضمير إنساني يقظ ، وأن ضغوط وحوارات المجلس الموقر مع أجهزة
وزارة اللواء بوب العادلي لمراجعة
مواقف بعض السجناء وإعادة فحص شكواهم ... الخ
وهنا ، لزم على أن أهنئ الدكتور كمال أبو المجد بالصحيان من نوم
العافية الذي كان قد استغرق فيه ، ووصوله أخيراً للنظر في بند
شكاوي التعدي على حقوق الإنسان المصري ، حتى ولو كان سجيناً . فعلى
ما يبدو أن الدكتور كمال قد فرغ من اهتمامه الأول والذي ظهر فور
إعلان تأسيس لجنته الموقرة ، وهو على ما نذكر الشكوى المقامة ضد
هتلر وموسوليني لزرعهما الألغام
المؤذية في صحراءنا الغربية خلال الحرب العالمية الثانية . ونحن
نسجد لله حمداً وشكراً لأن سيادة الدكتور أبو المجد قد وصل أخيراً
إلي بند مراجعة شكاوي المصريين – حتى ولو بدأ بالسجناء ، لأنهم
برضه بني آدم . وطبعاً هذا حدث بعد أن
بحث سيادته عن هتلر وموسوليني ليسألهم
ومالقاهومش .
أما السيد اللواء حبيب العادلي
فالحديث عنه أطول قليلاً . فيبدو أن معاليه
قد عاد إلي منزله العامر بعد يوم عمل مجهد في الوزارة وكيف أنه
سيحكم سيطرته على عباد الله حتى لا يفلفصوا
. وبعد أن تناول طعام الغداء بالهنا
والشفا ، استسلم معاليه لغفوة
الأيلولة ويبدو أنها طولت عليه شوية
ولكنه صحا أخيراً من غيبوبة النوم منتفضاً ، فقد تذكر فجأة أن
وزارة دولته ربما كانت قد ارتكبت بعض الأخطاء في حقوق الإنسان
المصري الذي حكم عليه الزمن المر أن يكون فريسة
لمعاليه وزبانية
معاليه . عندئذ ، وفور استيقاظه من النوم ، أخذت الحمية
معاليه وقال لنفسه ما نطلع المساجين
القدامى ونضرب عصفورين بحجر . يبقي أسمنا
بنحافظ على حقوقهم الإنسانية وفي ذات الوقت نفضي السجون
لزبائن جدد يشكلون الخطر على كراسي الحكم وهذا هو الغرض الأول من
وجود وزارة معاليه الغراء .
لم
يذكر لنا صاحب المعالي العلاقة بين إطلاق سراح مساجين ومراعاة
حقوقهم الإنسانية ! وكيف تكون نقطة
الترابط بين حبس مذنب في حق المجتمع وتسريحه قبل نفاذ مدة العقوبة
للحفاظ على حقوقه الإنسانية؟
تحيرت لهذا السؤال الخبيث الذي جال في ذهني . ثم توصلت إلي
افتراضين لعلهما يفسران هذا اللغز المحير :
-
فأما أن يكون هؤلاء المساجين محبوسين ظلماً منذ
البدء .
-
أو أنهم - أي المساجين – كانوا قد تعرضوا لكافة أنواع سوء
المعاملة والعذاب داخل فنادق العادلي
باشا الخمس نجوم . فمن المعلوم أن ضيوف معالي الوزير أو على
الأقل البعض منهم ، يستقبلون استقبالات حافلة وصاخبة أحياناً
لإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها بينما
يبرطع المجرمون الحقيقيون خارج
السجون في حرية تامة – كما حدث لضحايا الكشح (1) والكشح (2) .
هذا بالإضافة إلي "العادي" وهو المعاملة المهينة التي يتلقاها
أفراد الشعب الغلابة إذا ما شاء حظهم السيئ أن يحتاجوا "لخدمات"
الشرطة المصرية .
ربما كان هذا القرار إذن بإطلاق صراح بعض المجرمين احتراماً
لحقوقهم خطوة من مبدئية تتيح لمعالي الوزير التقاط نفسه الكريم
ليقرر مين بعد ما إذا كانت إدارته
ستلتزم مستقبلاً بمراعاة حقوق المصري الحقيقية مثل الامتناع عن
الإهانات والتعذيب النفسي والجسدي
الذي يلقاه البعض من المواطنين العاديين الغلابة على أيدي رجال بوب
باشا ورجاله .
لابد وأن يكون بوب باشا العادلي
إنساناً شديد الذكاء والكفاءة وإلا لما وصل إلي مكانته المعروفة في
بانسيون حكام مصر . وهذا أمر متوقع
ومعتاد . إنما الأمر الذي يبدو على غير العادة هو نهج تفكير وزيرنا
الخطير . فهو مهتم بتسريح المجرمين قبل إيقاف وسائل التعذيب
والمعاناة التي يلقاها أبناء الشعب الأبرياء .
فهو بذلك يشبه على اللي عايز يدخل
امتحان الثانوية العامة قبل ما يأخذ الابتدائية !
فإخراج المجرمين يجئ قبل إيقاف الانتهاكات العديدة المعروفة للجميع
لآدمية وحقوق الإنسان المصري داخل سجون
العادلي وخارجها .
ثم
أن هناك أمر آخر لا يقل خطورة عن إتباع المنطق المقلوب الذي أتحفنا
به العادلي
وهو اعترافه بأنه أتخذ هذا القرار التاريخي بتسريح المجرمين قبل
نفاذ الأحكام ليس بناء عن اقتناع شخصي أو تصحيح خطأ أو حتى تأنيب
ضمير ، بل استجابة لمعايير الأمم المتحدة التي وضعها الفرنجة
الكفرة منذ عقود بعيدة . صح النوم يا مولانا ! فمصر كانت قد وقعت
على اتفاقيات الأمم المتحدة من قبل صعودكم الميمون إلي كرسي
الداخلية .
يعنى معاليك لما
جيت تعمل حاجة كويسة عملتها
بالمشقلب وعلشان
تبسط الخواجات مش المصريين!
لذلك وجب علينا إذن أن نشكر السادة الصهاينة والصليبيين والكفار
المستعمرين على ججهودهم الحميدة
لإيقاظ معالي وزير داخلية جمهورية مصر العربية من نوم ضميره وحقه
على حسن معاملة بني وطنه .
وعلينا كذلك أن نلفت نظر السادة الأفاضل الذين ينتظرون ربما ببلاهة
– اتخاذ إجراءات الإصلاح – الذي اتفق الجميع على وجوب إدخاله - من
الداخل وبدون "تدخل أجنبي" .
وأخيراً شكراً يا معالي وزيرنا الهمام . جازاك الله كل خير وأطال
أيام جلوسك فوق أنفاسنا – بس والنبي استمر في الإصلاح – من فوق
لتحت ولا من تحت لفوق ، بضغط من جوه
أو من بره مش مهم بس أمانة عليك تستمر .
ونحن نحمد لله العلي القدير – الذي اصبحنا
نحشره في كل شيء – انه تفضل بإيقاظ معاليكم
من غيبوبة الضمير العميقة التي كانت قد أصابتكم .
وسلام مربع للوزير يا جدع – ودقي يا مزيكه
.
دكتور صبري فوزي جوهره
أستاذ جراحة الصدر المساعد
كلية الطب – جامعة أوهايو الطبية – توليدو
|