نفاق في
نفاق ورزق الهبل على المجانين
بقلم
صبرى
فوزى جوهرة
لي عادة أن أتصفح يومياً النسخة الإلكترونية لجريدة
الأهرام ملقياً نظرة على صفحة الوفيات ، ولأتعرف على ما تقدمه
صحافة الحكومة للشعب وما تحاول أن تحجبه عنه . أفعل ذلك أيضاً
لاستشفاف اتجاهات الصحافة المصرية وذلك عن طريق متابعة ما تريد
إبرازه بنشره على الصفحات الأولى وبترتيب تنازلي حسب تنازل الأهمية
. فالنبأ الهام يجئ في أعلى الصفحة الأولى ويليه النبأ الأقل أهمية
وهكذا .
وكان آخر ما طالعت على شاشة الكمبيوتر نسخة جريدة
الأهرام الإلكترونية ليوم الاثنين 25/7/2005 . فتسابقت بعض الأفكار
في ذهني وها أنا ذا أستأذنكم في مشاركتكم في هذه الومضات .
جاء الخبر الأول في الصفحة الأولى بعد يومين من وقوع
كارثة شرم الشيخ ليس عن تفاصيل هذه المذبحة البشرية بل عن
"إجراءات الترشيح لانتخابات الرئاسة" . وذلك لأننا جميعاً نعلم عن
احتدام معارك الرئاسة الانتخابية هذه الأيام ولأن لا شغل لنا ولا
شاغل سوي التطلع لمن عسي أن يفوز برئاسة جمهورية مصر العربية .
فالمعركة طاحنة ولكنها من نوع فريد يتصارع فيه مرشح مع صورة فخامته
في المرايا . والشعب المصري يراقب بشغف شديد نتيجة هذا الصراع
المرير بين المرشح وصورته في المرايا فاغراً أفواهه وهو على أحر من
الجمر . كان هذا هو الخبر الأول وهو كما نعلم جميعاً أكثر أهمية
بمراحل من الخبر التالي الذي جاء عن متابعة مرتكبي تفجيرات شرم
الشيخ وهو أمر لا يثير اهتمام جموع المصريين الذين ترملوا وتيتموا
وفقدوا الأبناء والأحباب والأخضر واليابس مثلما يثيرهم نبأ
إجراءات الترشيح لانتخابات الرئاسة وكفاية كده على شرم الشيخ ولا
أنتوا عايزنهم ينهبوا؟
أما الخبر الثالث في الصفحة الأولي من جريدتنا
الموقرة فجاء عن "مأساة" مواطن برازيلي قتل في لندن على يد
سكوتلانديارد رغم براءته . ووصف كاتب المقال سكوتلانديارد بأنها قد
أصيبت بالعمى (أي والله هذا هو التعبير الذي أنجبته قريحة سيادته)
عندما قتلت هذا البرازيلي الملتحف بمعطف ثقيل في عز يوليو والذي
رفض الاستجابة لأوامر سكوتلانديارد بالكف عن الجري عندما رآهم .
لا شك أن هذا الحدث ومقتل هذا الشخص البريء يبعث على
الحزن والأسف ولكن اتهام سكوتلانديارد بالعمى هو تجاوز خطير عن سرد
الحقائق بصورة موضوعية وتعمد لإثارة الكراهية ضد هذه المؤسسة
المشهورة عالمياً وكفاءتها وحسن انضباطها .
إما تعاطف محرر الأهرام مع هذا الشخص فهو مفهوم . فهو
أيضاً كان سيجري زي الفريره لو شاف رجل بوليس في الشارع ، فهذا هو
التقليد المصري الأصيل . لأن البوليس لو قفشه سيأخذه إلي احد بيوت
الضيافة التابعة لصاحب المعالي وزير الداخلية ويبدءوا الإجراءات
بضخ كميات كبيرة من الهواء في جسم الضحية عن طريق الطرف السفلي
لجهازه الهضمي ولكن صديقنا المحرر نسى أن هذا الحدث وقع في
بريطانيا حيث لا تقع مثل هذه الإكراميات .
سؤال آخر حول هذا الأمر أوجهه للكاتب اللامع : بذمتك
كنت ستكتب هذا النبأ في أي مكان في الأهرام – وليس فقط في صفحته
الأولي – لو كان هذا الحادث وقع في مصر ؟ ده كان نهار والده يبقى
طين !
الأمر لا يتعدى كون لندن دار حرب والمحروسة دار إسلام
. فكل ما يحدث في دار الحرب فهو فاسد فاسق مخل بالآداب والقانون .
وكل ما يحدث في أرض الكنانة أنما هو المثل الذي يجب أن يحتذي به
كافة شعوب المسكونة ، هذا بالطبع على حسب شريعة الأهرام .
جاء بعد ذلك خبرين احدهما عن أسلحة جديدة لشارون
والآخر لم يبق له مكان في ذاكرتي . ثم جاء الخبر العظيم بنصر من
الله حيث حصل فريق الجيش المصري على البطولة في لعبة الكرة
الخماسية .
ونحن أذن نهنئ الأهرام على السبق الصحفي بنشر هذا
الحادث الجلل في تاريخ أم الدنيا ، نهنئ أولادنا وأنفسنا بهذا
الإنجاز الأعجازي ونرجو لجيشنا العزيز ، الذي أفرز علينا حكامنا
الصناديد نصراً قادماً فر الكرة الشراب التي ستقام في حارة السكر
والليمون بمصر القديمة قريباً .
ولكن قبل ما أنسى والنبي حد يعت لي خطاب خاص يشرح لي
فيه إيه الكره الخماسية دي وكيف يلعبونها وهل هي تشابه لعبة الثلاث
ورقات ؟
أفيدوني أفادكم الله . وهنيئاً لك يا فاعل الخير .
دكتور صبري فوزي جوهره
أستاذ جراحة الصدر المساعد
|