مسكينة يا مصر

خدعة التمثيلية الديمقراطية في انتخابات الرئاسة المصرية

سألوه عرفت منين أنها فشره ؟ قال من كبرها

بقلم الدكتور صبري فوزي جوهره

 

سيعاد انتخاب السيد الرئيس حسني مبارك لفترة رئاسية خامسة (في عين العدو) يوم 7 سبتمبر القادم وسيتربع على كرسي الرئاسة لستة سنوات أخرى إذا طال به العمر كما نرجو .

لست أدري إذن لماذا يورط السيد الرئيس نفسه بوعود يعلم جيداً أن ليس في استطاعته تحقيقها في حين أنه تجنب تماما مجرد الحديث عن مشاكل أخرى في استطاعة سيادته حلها خاصة بعد فوزه في انتخابات نرجو أن تكون نظيفة شريفة تجعله فريداً وأولاً في تاريخ مصر الطويل وهو حصوله أخيراً على الشرعية كحاكم منتخب فعلاً بأغلبية شعب مصر وليس لمجرد كونه سليل عصابة عسكر أنصاف المتعلمين "هبشوا" الحكم من حكام مصر الشرعيين "وكبسوا" على أنفاس مصر لأكثر من نصف قرن انحطت فيه أقدار مصر إلي الحضيض ، ذاقت خلالها أقسى أنواع الهزيمة والمذلة ، وعاملة فيه العصابة شعب مصر الصابر معاملة السيد للعبد .

سيبدأ الرئيس حسني مبارك فترة رئاسته الجديدة كحاكم شرعي لأول مرة وهو بذلك سيكون مثل رجل تزوج من امرأته بعد أن أنجبت له البنين والبنات وكبروا ودخلوا الجامعة واتجوزوا كمان!

وكان من المتوقع أن يمارس السيد الرئيس بعض الحكمة والتأني والاعتدال فيما يقول ويفعل خلال "حملته الانتخابية" . فهو يعلم أنه سيكون الفائز بكرسي الرئاسة فما الداعي إذن للمبالغة والإفاضة في الوعود التي نعلم جميعاً ، وكذلك يعلم الرئيس ، أن ليس في استطاعته الوفاء بها ولو استعان بشمهورش؟

وهنا سأسمح لنفسي أن استعير تعبير الدكتور بطرس بطرس غالي الذي أدخله إلي قاموس السياسة المصرية عندما أطلق على فترة ما بعد 7 سبتمبر2005  تعبير "الجمهورية الثانية" . هو كان فيه جمهورية أولي ! والحقيقة أنه حتى لو حدث التغيير المرجو فهو من ما يشبه الرايخ الثالث إلي ما نرجو أن يكون جمهورية بحق وحقيقي ! لكن معلش! نفوت دي ودعنا نسمي الفترة الثانية "جمهورية ثانية" تبنى على أنقاض الأولى … فهل من المستطاع حقاً أن يخلق السيد أربعة ملايين فرصة عمل جديدة لشباب مصر كما وعد في برنامجه ودعايته الانتخابية ؟ أربعة ملايين…؟ يا نبى ! طيب وحياة الغاليين يا ريس تشهل معلهش قبل الانتخابات واتحفنا بربع مليون منهم وما تخافش حنخصمهم من الحساب ! يعنى كل اللي فاضل لك بعد 7 سبتمبر حيكون 4/1 3 مليون بس . واهي مسرحية تشغل شوية العواطلية والمفسدين القائمين حولك الآن في جمهوريتك الأولي قبل أن تلقي بهم إلي مزابل التقاعد كما يتوقع المصريون ، ولعلهم بذلك يكفرون عن بعض الجرائم التي ارتكبوها خلال الجمهورية الأولى المهيبة الرهيبة .

سيادة الرئيس لا تنسى أنك في أواخر السبعينات من عمرك المديد وأن طاقتك وقدرتك على العمل ستتهاوى . أنت لست في حاجة إلي المبالغة في الوعود خاصة وأن المصريين يتوقعون منك أن تتخلص من كل هذا الطاقم الفاسد المحيط بك والذي جاب داغ مصر وداغ وجمهورية الأولى وسيتعين عليك تجميع طاقم جديد ، نرجو أن يكون شريفاً عفيفاً عادلاً مسئولاً أمام الضمير والشعب . ولا يخفى عليك يا سيادة الرئيس أن تجميع مثل هذا الطاقم سيتطلب وقتاً طويلاً قد يستغرق فترة رئاستك الخامسة بأكملها . هذا أن كان هدفك حقاً إرساء قواعد دولة جديدة . فهل مازلت تعتقد يا سيادة الرئيس أنه سيكون في استطاعتك استحداث أربعة ملايين فرصة عمل جديدة للعاطلين من أبناء مصر ؟ أم انك تريد أن تدخل التاريخ باسم مسيلمة الفشار .

ولماذا لم تذكر شيئاً خلال دعايتك ووعودك عن متاعب أقباط مصر خلال الجمهورية الأولى ؟ تلك المتاعب التي تفاقمت إلي حدود جلبت عليك وعلى جمهوريتك باستحقاق كل عار وهل ستسمح لهم بتعيين نائب رئيس جمهورية قبطي للعناية بهم بعد اضطهادك لهم أرضاء لإسيادك السعوديين الذين أغرقوك بالدولارات الوهابية. ليس هناك من شك أنه في استطاعتك أن شئت أن تتناول ما أهملت بروح العزيمة والكفاءة التي دفعتك إلي المبالغة في الوعود وأنت في حملة دعاية لا حاجة لك بــهـا .

وهل ستعلن يا ريس ثروتك وثروة أولادك وحرمك قبل دخولك للفترة الخامسة إنشاء الله ؟ وهل ستعلن أن ما لم تذكره في إقرار الثروة يكون من حق الشعب (لو أكتشف أنك أخفيته في إقرارك بطريقة أو بأخرى

الشواهد غير مشجعة يا سيادة الرئيس . فالمبالغة في الوعود وتناسي المشاكل الحقيقية لا تبشر بخير يا صاحب الفخامة وقديماً سألوا أحدهم بعد سماعه "الفشره" ، عرفت منين أنها فشره ؟ فقال : من كتر كبرها .

فهل في مستقبل مصر العزيزة أن نرى تحولاً إعجازياً من مستشار رايخ ثالث مثل أدولف هتلر إلي زعيم ورئيس فرنسا العظيم شارل ديجول مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة ؟ أهي دي فشرة ثانية … الله يرحمك يا أبو لمعة . كل ما أرجوه إلا يتحول شعب مصر إلي خواجا بيجو!  

دكتور صبري فوزي جوهره

أستاذ جراحة الصدر المساعد

كلية الطب – جامعة أوهايو الطبية – توليدو